بقلم ماجد ابو رمان
قرأت منشور للصديق عبدالهادي راجي المجالي يتحدث عن حالة الظهور للمسؤولين على مايسمى”بالبودكاست “
منشور رائع ونقد في مكانه يستحق التعليق والرد”
صديقي عبدالهادي “
كان فرعون يقول: “أنا ربكم الأعلى”، ثم غرق. وهذا المصير يليق بمن يعتقد أنه فوق الناس وفوق الدولة وفوق الفيزياء. لكن مسؤولينا؟ لا يغرقون… لا يتبللون بل يعومون ببراعة، ليس فوق الماء، فقط بل فوق عرق الناس وديونهم وضيقهم اليومي. فرعون ياعبدالهادي نزل البحر بنفسه. أما فراعنتنا؟ ينزلون ضيوفًا على البودكاست.
عصر المسؤول الأردني ياصديقي تغيّر. لم يعُد يظهر في المؤتمرات فقط، بل صار نجمًا إعلاميًا، يتنقّل بين “البودكاستات” كما يتنقّل بين المجالس والمناصب. تسمعه يتحدث فتظن أنه صلاح الدين في زيّ مدني، أو غاندي لكن بكرافاتا غامقة. يحكي عن الوطن بحرقة، يذرف دمعة على النزاهة، ويتنهّد طويلًا وهو يقول: “كنا نحلم بوطنٍ أفضل…”
وهنا يا “عبدالهادي تبدأ أعراض الغثيان.
فإن كان كل هؤلاء أبطالًا، وإن كان كل من جلس أمام الميكروفون يحلف أنه “نظيف، ووطني، وشريف، وأفنى عمره في خدمة الدولة”… فمن أوصلنا إلى هذا الحال؟ من جعل البلد يدور في دوّامة البطالة، والمديونية، والتعيينات الغامضة، والعطاءات المشبوهة؟
كلهم ياصديقي يقولون: “كنت أقاتل من الداخل”. والحقيقة أنهم قاتلوا فقط من أجل بدل السكن، ومقعد VIP في الطائرة، ومناصب أولادهم. لم نرَ قتالًا حقيقيًا إلا على المكاسب.
نحن،ياصديقي أصبحنا نعيش في دولة لا أحد يغرق فيها… فقط الشعب يتبخّر.
المسؤول لا يُحاسب، بل يُستضاف. لا يُستجوب، بل يُصفَّق له.
عندما تسمعه يتحدث عن محاربة الفساد، ابتسم يا عبدالهادي… لا تغضب.
أما الجمهور يا عبدالهادي “مسكين هذا الجمهور
فريق يصفق وأخر يتابع بصمت مخلوط بالمرارة. لأنه يعرف أن من يظهر اليوم بمظهر المُصلح… كان بالأمس جزءًا من الخراب، وإن اختلفت الزاوية أو تغيرت البدلة.
عبدالهادي ياصديقي
فرعون انتهى جثة و عبرة. أما مسؤولينا، اخترعوا لأنفسهم حياةً ثانية بعد التقاعد: بودكاست، مقابلات، محاضرات في الأخلاق العامة، ونصائح في القيادة. لا يغرقون… بل يُغرِقوننا بكلامهم المنمّق. لذا حين تسمع أحدهم يتحدث عن “محاربة الفساد” وهو الذي كان جزءًا من منظومته… لا تلُمه. فقط تذكّر فرعون، وقل في سرك: “بمشيئة الله… مصيرك قادم، لكن بدون بحر هذه المرة… قد يكون بودكاست جديد”