الفيلم البريطاني «All is true»: المؤلم والمكتوم في سيرة شكسبير العائلية

16 ديسمبر 2020
الفيلم البريطاني «All is true»: المؤلم والمكتوم في سيرة شكسبير العائلية

وطنا اليوم – التاسع والعشرين من شهر حزيران/يونيو عام 1613 كان المسرح الإنكليزي على موعد مع حدث كبير سيترك أثره الدرامي في مسيرة الكاتب وليم شكسبير، ففي أثناء عرض مسرحية «هنري الثامن»على خشبة مسرح « Club Theater» العائدة ملكيته لشكسبير نفسه، أُطلِقَت عن طريق الخطأ قذيفة مدفع، بينما كان المشهد الرابع تدور أحداثه على الخشبة، وهذا ما أدى بالتالي إلى احتراق المسرح بكامله تحت أنظاره، بدون أن تكون لديه القدرة على إيقاف الكارثة، مكتفيا بدور المتفرج العاجز، وهذا ما نجح في إيصاله المشهد الأول من الفيلم، حيث نجده يقف بملابس التمثيل، موليا ظهره لعدسة الكاميرا، بينما ألسنة النيران تملأ مساحة الشاشة، وهي تلتهم مسرح أحلامه.

 

مناخ شكسبيري

 

في فيلم «All is true» إنتاج 2019 الذي كتبه بن إلتون، وأخرجه كينيث براناه، الذي أدى شخصية شكسبير، يجد المتلقي نفسه أمام مقاربة سينمائية لمناخ العرض المسرحي الشكسبيري، سواء في لغة الحوار التي جاءت معبأة بصور شعرية، أو في التركيبة الداخلية للشخصيات، التي بدت مصاغة بكثافة عالية من المشاعر المتصارعة مع بعضها، أو في إدارة التصوير، حيث بدا الحرص واضحا على أن تكون البقع الضوئية، بعلاقاتها المتضادة على الوجوه وعلى المساحة المكانية، منطقة للبوح عما هو مطمور من فعل درامي، خلف الملامح والخطوط والأشكال، وكان لاستثمار إضاءة الشموع أثر ملموس في تحقيق هذا الإيجاز الجمالي في التعبير الضوئي عن الأحاسيس والدلالات المكبوتة.

 

محنة الفنان

 

سعى الفيلم في حبكته إلى أن يستدعي دراميا محنة الفنان، إذا ما واجه ظرفا صعبا، فيجد نفسه محطما وعاجزا عن استعادة إرادته، ولم يبق أمامه من خيار سوى أن يبتعد عن عالمه الفني، الذي يجد نفسه فيه، وليس في الواقع اليومي المعاش، وهذا ما أصبح عليه شكسبير، بعد أن احترق مسرحه الذي كان يتطلع من خلاله إلى تشكيل فضاء من الأوهام المدهشة، في عالم يمثل قرينا للعالم الواقعي، فما كان أمامه لمواجهة الصدمة إلاّ أن ينزوي بعيدا عن لندن، تلك المدينة التي وجد فيها ضالته، وبسببها ابتعد عن زوجته وابنه وبناته سنين طويلة، ولمّا عاد إليهم وهو يتجرع مرارة الانكسار، كان عليه أن يحاول من جديد اكتشاف دوره كزوج وأب مسؤول عن عائلة، من بعد أن نسيه في خضم أدواره المسرحية.