وطنا اليوم تنشر مخطوطة الاعلامية ديمة الفاعوري : الماضي والحاضر والمستقبل الدولة الأردنية في مائة عام على حلقات 1

13 ديسمبر 2020
وطنا اليوم تنشر مخطوطة الاعلامية ديمة الفاعوري : الماضي والحاضر والمستقبل الدولة الأردنية في مائة عام على حلقات 1

وطنا اليوم – خاص

مقدمة 

نحبـهُ .. نحبـهُ .. نحبـهُ

كما تحب الزهرةُ النّـدى .. والنّغمةُ المـدى ..

والنّهرُ ماءَهُ الذي تعــوّدا ..

نحبّـــــهُ

لأنه الأمـل .. والفـرح الحبيب في المقـل ..

نحبه ، نحبه ، نحبهُ ..لأنـه الامل ..

لأنه السطـر الجميل في صفحاتنـــــا ..

نحبـهُ .. نحبـهُ

ونكتب اسمـه علــى راياتنـــــا

نحبـهُ .. نحبـهُ

نحبه ، نحبه ، نحبهُ ..لأنـه الامل ..

فليبقـى أحلـى أغنياتنـا .. وحبَّنـا الكبيــرَ في حياتنــا

تمهيد 

كان الأردن ومنذ أقدم العصور مأهولا بالسكان بشكل متواصل. وتعاقبت عليه حضارات متعددة، وقد استقرت فيه الهجرات السامية التي أسست تجمعات حضارية مزدهرة في شماله وجنوبه وشرقه وغربه، ساعده على ذلك مناخه المتنوع وموقعه الذي يربط قارات العالم القديم فكان قناة للتجارة والمرور البشري بين شتى بقاع العالم.

سُمِّيت الأردن بأكثر من اسم، حسبما نجده في أسفار العهد القديم نفسها، الا ان الاسم الشائع هو بلاد عبر الأردن (Trans Jordan), اما الأسماء الأخرى للأردن فقد كانت تسمى على اسم الممالك التي كانت تسكنها، والاسم الخاص هو المناطق الجغرافية وهي مكونات البلاد التي قامت بها هذه الممالك، وسمِّيت كل مملكة وشعبها باسم تلك المنطقة مثل الأدوميون (نسبة إلى أدوم) والمؤابيون (نسبة إلى مؤاب)، والحشبونيين (نسبة إلى حشبون ـ حسبان الحالية)، والعمونيون (نسبة إلى ربة عمون ـ عمان الحالية). والباشانيون (نسبة إلى باشان وهي بيسان الحالية). ومملكة الأنباط نسبة إلى اسمهم وليس إلى اسم المكان. 

هذه القبائل العربية جائت مهاجرة من جزيرة العرب وحطّت رحالها في أرض الأردن واستوطنت كل واحدة منها دياراً يفصلها عن الأخرى معالم طبيعية وكانت العلاقة فيما بينهم ودية، وكانت قد ظهرت هذه القبائل بالأردن منذ حوالي ألفي سنة قبل الميلاد، في وقت واحد تقريباً.

الحضارات التي مرت على الأردن

اولاً : العصر الحجري 

عاش الإنسان على ارضه في فترات متعددة تمثلت منذ العصر الحجري القديم  (500.000-14000) قبل الميلاد والعصر الحجري الأوسط (14000-8000) قبل الميلاد حيث عثر على فؤوس يدوية ثنائية الوجه مصنوعة من الصوان والبازلت، وكان جو الأردن ماطرا دائما ويعيش الإنسان على صيد الحيوانات البرية جامعا النباتات البرية. وصولا إلى العصر الحجري الحديث المبكر (8000-6000) قبل الميلاد والعصر الحجري الحديث اللاحق (6000-4500) قبل الميلاد حيث شهدت البلاد بعض التطورات في جوانب متعددة من الحياة مثل انتظام الزراعة إلى جمع وسقي وتدجين بعض الحيوانات كالخراف والماعز والكلاب، واكتشاف الفخار وطليه بالألوان المتعددة حسب صنف من الأكواب والجرار وتماثيل الحيوانات السيراميكية الطبيعي المصنوعة من الجص الصغيرة في فترة العصر الحجري النحاسي (4500-3300) قبل الميلاد، حسب لوجود منازل الطينية، وصناعة الأزاميل والنصال والمناجل والفؤوس النحاسية.

ثانياً : العصر البرونزي

خلال العصر البرونزي الوسيط (حوالي 2000 -1500 ق.م) نمت القرى سريعاً إلى بلدات مساحتها ( 5 – 10 هكتارات) من مستوطنات قروية صغيرة (أقل من هكتار واحد) كانت قد انتشرت في أنحاء المنطقة الجنوبية من نهر الأردن حتى ضفاف نهر الزرقاء وعلى طول مرتفعات الأردن الشمالية وجنوباً حتى عمان، حيث استقر الإنسان في القرى الأولى، ومارس الزراعية، ونشأت تدريجياً علاقات تكامل بين أنماط الحياة المستقرة والرعوية، بين أوائل القرويين، الذين عرفوا كيف يستفيدون من بناء السدود الصغيرة على سفوح الجبال، مع البدو، كما نشأت علاقات بين مجتمعات متباعدة، تبادلت منتجاتها الحرفية الخاصة بكل منها. فتطورت مواقع القرى تدريجياً لتصبح مدناً تحتوي مبان إدارية ( بلا، دير علا، إربد، السلط، عمّان)، ثم تطورت إلى ثلاث ممالك: عمّون، مؤاب وأدوم حوالي 1,100 ق م. جاء نشوء هذه الممالك في العصر الحديدي (1200 – 332 ق.م) في سياق الفترة التالية من العصر البرونزي المتوسط، الذي تميز بظهور نوع جديد من الصناعة الفخارية وبشيوع استعمال البرونز في صناعة الأسلحة.

ثالثاً : العصر الحديدي

1200 ق.م – 332 ق.م تأثرت الجماعات القبلية والعشائرية التي كانت تسكن مناطق الأردن قديمًا بالمد الحضاري الكنعاني، فعلى الرغم من أن الكنعانيين كانوا قد سكنوا فلسطين ومناطق جنوبي بلاد الشام، فإنّ تأثيرهم الحضاري، خاصة الثقافي واللغوي كان قد امتد إلى الجماعات التي كانت تقطن مناطق الأردن. استطاع الإنسان في هذا العصر أن يصهر الحديد والفولاذ ويستخدمه في صناعة الأسلحة والأدوات المنزلية، وقد تحسن مستوى الصناعات والحرف، حيث ظهر الفخار المتقن الصنع. أهم ما يميز العصر الحديدي نشوء ثلاث ممالك صغيرة اقتسمت هضبة شرق الأردن، وهي مملكة عمون وعاصمتها ربة عمون، ومملكة مؤاب وعاصمتها ذيبان، ومملكة أدوم وعاصمتها بصير.

كانت عاصمة الأدوميين بصيرا التي تقع حاليا في محافظة الطفيلة, وقد ظهرت في الجزء الشمالي للمملكة العربية الأردنية مديان التي كانت تمتد جنوباً في شمال جزيرة العرب. وملك الأدوميون الشراة ووادي عربة والبادية الشرقية، وخليج بحر القلزم (أيلة/ العقبة الحالية) وساحل البحر الأحمر إلى الجنوب. وكانت لهم قوة برية وبحرية، ويستفيدون من القوافل التجارية والثروة الزراعية والثروة الرعوية التي سبق وأشرنا أنها ضايقت الفرعون المصري رعمسيس الثالث في فترة متأخرة من عهد المملكة الأدومية. كانت هذه المملكة تتألف في تركيبها السكاني من قبائل، ولكل قبيلة شيخ يعتبر هو زعيمها، ولهؤلاء زعيم يعتبر شيخ المشايخ، وتطوّرت الأمور بعد الاستقرار أن صار الشيخ الأعلى ملكاً للبلاد، يقود الجيوش بالمعارك، وله إدارة الدولة والعشائر، وكانت مملكة جيدة التنظيم، ونظام الحكم فيها وراثي في الذكور.

المؤابيون تلك المملكة الشهيرة التي كانت عاصمتها ديبون شمال وادي الموجب، ثم انتقلت إلى قبر حارسة (الكرك) زمن الملك ميشع. كانت الكرك وذيبان العاصمتين الرئيسيتين لهم وكان الإله لكموش أهم إله عند المؤابيين، وكان ميشع أعظم ملك من ملوكهم الذي دوّن انتصاراته وإنجازاته على حجر ذيبان، وقد تعاقب على احتلالها فيما بعد كل من الآشوريين، والبابليين، وصارت مملكة مؤاب ولاية بابلية زمن الملك نبوخذ نصر.

كانت عمون أو ربة عمون المعروفة الآن بعمان عاصمة للدولة العمونية، وكان العمونيون يتمركزون في شمال ووسط الأردن وتحتفظ عمان بموقع العاصمة القديمة. قام العمونيون بإخراج اليهود القدماء من بلادهم إلى بلاد كنعان (فلسطين). وقاد هذه الحرب ملكهم ناحاش العموني، حتى إذا ما صار داوود ملكاً انقلبت الموازين وقام في حوالي 1000 ق.م بالهجوم على كل من مؤاب وأدوم، ثم في عام 995 ق.م قاد الملك طالوت حملة على عمون زمن الملك العموني حانون بن ناحاش. ومن ملوك العمونيون أيضاً حنون، شوبي، روحوبي، بعثا، شانيب، زاكير.

رابعاً : الحضارة البابلية

بعد سقوط العاصمة الآشورية نينوى، ثارت جميع الشعوب التي كانت تخضع للاشوريين، ففر آخر ملوك آشور (أباليت) إلى حران، وأصبحت السيطرة للبابليين بعد الآشوريين الذي سرعان ما حاولوا الاستحواذ على شرقي المتوسط ومنها شرقي الأردن، فتآلف ملوك مؤاب وعمون وصور وصيدا لصد هجمات بابل، إلا أن الملك البابلي نبوخذ نصر تمكن من الانتصار عليهم والوصول إلى القدس سنة 586 ق م، ثم تمكن من إخضاع صيدا ومؤاب وعمون، فيما بقي محاصرا صور لمدة ثلاث عشرة سنة، إلى أن أخضعها. وقد سبى نبوخذ نصر عددا كبيرا من اليهود من القدس وفلسطين إلى بابل، إلا أن بابل ما لبث أن دب فيها الفساد فسقطت في أيدي الفرس سنة 540 ق م.

بعد انتهاء الحكم البابلي وضعت الأردن وفلسطين تحت الحكم الفارسي بواسطة أمير فارسي وحكام فرعيين. وقد حرر الملك الفارسي سيروس في هذه الأثناء اليهود من الأسر البابلي وسمح لهم بالعودة إلى فلسطين, وفي عهد الإمبراطور الفارسي داريوس الذي حكم من 531 – 485 ق م جزأت الإمبراطورية الفارسية إلى عشرين ولاية؛ كل ولاية عليها حاكم يدعى مرزبان، وقد كانت شرقي الأردن وقبرص جزءا من الولاية الفلسطينية، أما عرب تيماء فقد فرضت عليهم الإتاوة. استمر النظام الإداري الفارسي إلى أن جاء الأسكندر الكبير عام 333 ق م. فقد أفسح انهيار الإمبراطورية الفارسية الطريق أمام الأسكندر الأكبر عام 332 قبل الميلاد لاحتلال العاصمة الفارسية وبسط النفوذ اليوناني على الأردن والبلدان المجاورة، ولم تخضع شرقي الأردن لحكم اليونان المباشر في عهد الأسكندر، الذي توفي عام 323 ق م وهو يتأهب لغزو الجزيرة العربية، فبعد وفاة الأسكندر انقسمت الإمبراطورية اليونانية إلى ثلاثة أجزاء: الجزء الأوروبي، لانتغونس حفيد أحد قادة الأسكندر، أما فارس وسورية إلى شمالي دمشق فقد خضعت لسلوقس، فيما خضعت مصر وفلسطين وشرقي الأردن والقسم الجنوبي من سوريا لبطليموس.

خامساً : الحضارة اليونانية

احتل اليونانيون (عمون) في عام 300 ق.م وكانت من ضمن ما احتله اليونانيون من الأردن وسوريا، أولاها اليونانيون أهمية كبرى، إذ صارت من ممتلكات بطليموس المصري خلال جزء من القرن الثالث قبل الميلادي. حيث أعيد بناؤها، وأطلقوا اسماً جديداً عليها وهو: فيلادلفيا بدلاً من ربة عمون، وأما الاسم الجديد فهو مشتق من اسم بطليموس فيلادلفوس الثاني (383-346 ق.م). 

ازدهرت ربة عمون في الفترة اليونانية، وصارت إحدى تحالف المدن العشرة وكان تحصينها ضرورة أمنية للإمبراطورية لتكون قادرة على مواجهة الموجات البدوية القادمة من الصحراء.

حيث تعلَّم اليونانيون الدرس في أنهم قادرون على حصار المدن والقلاع واحتلالها، لكنهم غير قادرين على القضاء على البدو أو منع هجماتهم. حدث صراع بين الجناح المصري والجناح السوري للإمبراطورية اليونانية بين أتباع بطليموس في مصر، والسلوقيين في سوريا، الذين رأوا أهمية ربة عمون، وضرورة السيطرة عليها، لحرمان مصر من مخفر متقدم في خاصرة بلاد الشام من جهة، ولتكون مخفراً متقدماً للسلوقيين ضد المصريين والبدو على حدٍّ سواء من جهة أخرى، فقام الملك أنطيوخس الثالث (الجناح السوري) بقيادة جيش كثيف وضرب حصاراً طويلاً على قلعة ربة عمون، أدى إلى احتلالها في نهاية المطاف. كان ذلك الاحتلال من اتباع بطليموس في عام 218 ق.م. وبقي اليونانيون في عمان مدة تقارب مائة عام بعد هذا الاحتلال حتى طردهم منها الأنباط.

سادساً : الحضارة الرومانية 

أحتلت روما عام 63 ميلادي الأردن وسوريا وفلسطين وبقيت المنطقة تحت السيطرة الرومانية طيلة أربعمائة عام، وضمت مملكة الأنباط إلى الإمبراطورية الرومانية على يد القائد الروماني تراجان. 

في تلك الأثناء تشكل اتحاد المدن العشر (الديكابوليس) خلال الحقبة الهلنستية وكان إتحاداً اقتصادياً وثقافياً فدرالياً. وضم الإتحاد إليه المدن اليونانية مثل فيلادلفيا (عمان)، جراسيا (جرش)، وجدارا (أم قيس)، وبيلا وأرابيلا (إربد) ومدن أخرى في فلسطين وجنوب سورياً، اتسمت هذه الحقبة الزمنية بالاستقرار والسلام وحدثت عدة تطورات هامة في البينة التحتية. 

شهدت الأردن أثناء الحكم البيزنطي أعمالآً إنشائية كثيرة إذ أن مدناً بنيت خلال العهد الروماني وإستمرت في ازدهارها وإزدادت أعداد السكان في المنطقة زيادة كبيرة، كذلك أصبحت المسيحية ديناً مقبولاً في المنطقة. سكن شمال الأردن في تلك الفترة قبائل عربية تدعى بالغساسنة، والذين وجد البيزنطيون فيهم حلفاء أقوياء يمكن الاعتماد عليهم في الصراع ضد الفرس الساسانيين الذين دأبوا علي تهديد الولايات البيزنطية الشرقية، لذلك زادوا من صلاحيات الغساسنة ليتمكنوا من تكوين دولة حدودية لكن ضمن نطاق الدولة الرومانية ومن ثم البيزنطية، وكانوا حلفاء الروم فاشتركوا معهم في حروبهم مع الفرس وحلفائهم المناذرة.

حكم الغساسنة ستمائة سنة أي من أوائل القرن الأول الميلادي إلى ظهور الإسلام وكان أول ملوكهم “جفنة بن عمرو”، وامتد سلطانهم على قسم كبير من بلاد الشام مثل تدمر والرصافة في وسط سوريا والبلقاء والكرك في الأردن وإلى البحر، وكانت عاصمتهم بالجابية في الجولان.

لعل أكثر ما يبين درجات الحضارة التي شهدتها بعض المدن الأردنية في فترة البيزنطيين مثل مادبا، عدد الكنائس المزينة بالفسيفساء الرائعة التي خلفها البيزنطيون، وتحوي في داخلها أثمن وأروع اللوحات الفسيفسائية في العالم وأهمها خريطة مادبا الشهيرة التي تعود إلى القرن السادس الميلادي، وفي أقدم خريطة للأراضي المقدسة، والقدس بشكل خاص، وتشمل الخريطة الأماكن الواقعة بين بيبلوس (جبيل) ودمشق شمالاً إلى ثيبة في مصر جنوباً ومن البحر الأبيض غرباً إلى عمان والبتراء شرقاً. 

في عام 542 قضى الطاعون على معظم سكان الأردن وقضى الاحتلال الساساني عام 614 على من تبقى منهم. وكان قد أحتل الساسانيون الأردن وفلسطين وسوريا طيلة خمس عشر عاماً إلى أن أسترجع الإمبراطور هرقل المنطقة برمتها عام 629 ميلادية لكنه لم يبقى فيها طويلاً أمام تقدم الزحف الإسلامي، فكان هذا أول احتكاك بين العرب والروم حيث وجه النبي محمد حملة مؤتة (بقيادة زيد بن حارثة) ولكنها تعرضت للهزيمه، ثم تبعتها حملة تبوكالتي خرج فيها النبي محمد بنفسه ولكنه لم يحدث فيها صدام خطير بين الطرفين. قبيل وفاة الرسول كان قد جهز حملة بقيادة أسامة بن زيد لمحاربة الروم، لكنه توفي قبل أن تبدأ الحملة. 

واصل المسلمون حملاتهم على بلاد الشام فتم توجيه عدد من الجيوش لفتحها منها جيش إلى الأردن وفلسطين ودمشق وقنسرين، واستطاع أبو عبيدة بن الجراح السيطرة على بصرى ثغر الشام الشرقي سنة 624، ورغم محاولات البيزنطيين استعادة السيطرة عليها لكنهم فشلوا بعد معركة أجنادين، أثارت هزيمة الروم في أجنادين حفيظة هرقل فقرر إرسال جيش لاستردادها، فعبر الجيش نهر الأردن وتقابل مع جيش المسلمين عند نهر اليرموك ودارت معركة عنيفة بين الطرفين هي معركة اليرموك، إنتهت باثار عنيفة على الدولة البيزنطية، فبعد الخسارة في المعركة خسرت الدولة الأراضي الواقعة شرق نهر الأردن، ثم استسلمت دمشق بعد مقاومة. 

بدأت المدن البيزنطية في الشام تتابع في السقوط الواحدة تلو الأخرى، فسقطت القدس ثم أنطاكيا ثم سوريا الشمالية كلها بيد المسلمين.

سابعاً : الحضارة النبطية

مملكة الأنباط التي كانت تقع شمال الجزيرة العربية على طريق البخور التجاري الذي يمتد من المحيط الهندي إلى موانئ فلسطين وسوريا، وحدودها حدود المملكة الأردنية الهاشمية الآن.

مملكة الأنباط التي انتعشت قبل الميلاد بقرون وحتى نهاية القرن الأول وتحديدا سنة 106، تتكون من أراض صخرية حجرية في أغلب مناطقها، ففيها الجبال والشعاب وبعض المناطق أو الواحات الخصبة التي تتوافر فيها المياه مما سهل استقرار الناس فيها ومزاولة مهنة الزراعة.

وتعد البتراء المقاطعة الرئيسية أو العاصمة التي يشير اسمها إلى كل جبل مقدس يصعب صعوده، ومعناها في العربية صخر أو حجر، ويطلق عليها العرب اسم الرقيم، وهي تقع اليوم في وادي موسى.

أما بقية المدن أو المقاطعات في مملكة الأنباط فهي: الحجر أو “مدائن صالح”، وأم الجِمال المبنية من الحجر الأسود الناري، والنقب.

ويشار إلى أن النبط اسم لقوم، وليس اسما لمنطقة، واختلف المؤرخون في أصلهم فذهب القديس جيروم إلى أنهم من نسل “نبايوط” الابن الأكبر للنبي إسماعيل، وهناك من يرى أنهم من العراق جاء بهم نبوخذ نصر في القرن السادس قبل الميلاد عند تحريره لفلسطين ونزلوا البتراء واستقروا بها، ورأي آخر يذكر أنهم من وسط شبه الجزيرة العربية، ورأي يؤكد أنهم من اليمن.

الأنباط هاجروا من اليمن طلبا للرزق والزراعة ورعاية الماشية، ويؤكد هذا الأمر انتهاج الأنباط طرق الري والزراعة والنحت على غرار العديد من المنشآت المائية الموجودة في اليمن، لذا فإنهم عرب وليسوا آراميين، وإن استعملوا الآرامية في كتاباتهم.

وعن الأحوال الاجتماعية للأنباط فهم ينقسمون إلى طبقات: الارستقراطية العربية، والمواطنون الأحرار، وفئة العبيد، وفئة الأجانب، وعن الديانة في مملكة الأنباط، يعتبر الإله ذو الشرى على رأس مجموعة الآلهة، فهو الرب الأكبر الذي اتسم بطبيعة كوكبية متمثلة بالشمس، واشتهرت عبادة الإله ذو الشرى ولا سيما في مدينة البتراء، ومنها انتشرت عبادته إلى سائر الأنحاء. ويذكر أن الحج إلى معبد الإله ذوالشرى خصص له يوم (25 كانون الأول).

وبالإضافة إلى الإله ذوالشرى كانت هناك آلهة أخرى مثل: اللات، وهبل، وشيع القوم، والكتبا (وهو إله الكتابة لديهم)، ومناة، والعزى، وقوس، وقيس، ومناف، وهـ إله، وسعد، وسعيد، ورضا، وإيزيس، وأعرا، وبُصرى، والجي، وداد أو حدد، وتره أو تهره، وأتارجاتيس.

الأنباط عاشوا في بداية حياتهم حياة بدوية قائمة في أساسها على الرعي، وكان من أمهات قوانينهم تحريم العمل والاشتغال في الزراعة “وكانوا يعيشون حياة بدوية في حمى صخرة منيعة، ومن قوانينهم تحريم بناء البيوت واستعمال الخمور والاشتغال بالزراعة”.

لكنهم تفاعلوا بعد ذلك مع الحضارة وتأثروا بالدول والممالك المجاورة، وبدأوا يعملون بالزراعة، وتحددت ملكية الأراضي ما بين أراض يملكها الأمراء وشيوخ القبائل، وأراض يملكها المعبد. وبدأوا يستخدمون الأنظمة الزراعية، ويتبعون هندسة الري، ويقيمون الآبار والصهاريج والقنوات التي أظهرت حرص الأنباط على عدم إهدار أية قطرة ماء بل استغلال المياه استغلالا جيدا سواء في الشرب أو في مجال الري والزراعة. كما أقاموا السدود ومنها: سد كلخة، وسد أم درج، والبرك وخزانات المياه.

واشتهرت مملكة الأنباط بشجرة البلسم التي يبلغ ارتفاعها ما بين 5 ـ 6 أمتار، وهي على شكل فروع حمراء ثلاثية الأوراق، وعدت من عجائب الدنيا في القرن الثاني للميلاد، وبلغت شهرتها الحد الذي اهتم بها الطبيب جالينوس واستعمل أوراقها عقارا مهما في القضاء على بعض الأمراض، كما قام انطونيوس بتقدم “البلسم” هدية إلى حبيبته كليوباترا. كما تجلت أهمية هذه الشجرة النبطية بأن اتخذها جستنيان رمزا لانتصاره حيث حملها إلى روما بعد غزوه لفلسطين وانتصاره على أهلها.

ولم تكن مملكة الأنباط معزولة عن العالم، فبحكم موقعها على طرق التجارة الدولية في ذلك الوقت، كانت على اتصال بالعالم الخارجي عن طريق الطرق البرية مثل طريق البخور ومنه يتفرع الطريق بين اليمن والخليج العربي والعراق، وطريق جرها ـ البتراء، فضلا عن طرق أخرى متعددة تقع عليها المراكز التجارية: البتراء، صبرا، العلا “ديدان”، الحجر “مدائن صالح”، تيماء، دومة الجندل “الجوف”، أم الجِمال، وبُصرى.

مملكة الأنباط عاشت ربيعها على التجارة، وارتبط استمراريتها وتطورها بالتجارة، ولكن عندما قام الإمبراطور تراجان سنة 106 بمهاجمتها، وتحويل خط سير الطريق التجاري المار من العاصمة البتراء، إلى مدينة بُصرى، بدأ الانهيار السريع لمملكة الأنباط، ما يؤشر على أن اقتصاد الأنباط كان يعتمد بشكل مباشر على التجارة، ولم تستطع الزراعة ولا الصناعة، على الرغم من تطورهما في المملكة، إنقاذ الاقتصاد النبطي من الانهيار، فكانت نهاية دولة الأنباط التي سادت قرونا عدة.

ثامناً : الحضارة الإسلامية 

تُعد الأردن من أقدم المناطق التي وصلها الإسلام؛ إذ وصل الإسلام الأراضي الأردنية منذ المرحلة النبوية في السنة الثامنة والتاسعة من الهجرة، إذ صُولحَ آنذاك كلٌّ من أهل أذرح وجرباء وأيلة (العقبة حالياً) وكُتب لهم كتابٌ بذلك. كما أن الأردن كذلك من المناطق القليلة جداً خارج شبه الجزيرة العربية التي كان منها صحابة؛ فمنها الصحابي سيمويه البلقاوي، كما وانتسب لها عدد آخر منهم مثل عبد الله بن حوالة الأزدي المعروف بالأردني، وتحوي الأردن إضافةً لذلك قبور عدد كبير من الصحابة منهم صحابة كبار مثل أبي عبيدة ومعاذ بن جبل وغيرهما، والأردن هي جزءٌ من بلاد الشام التي يُنظر لها نظرةً مميزة في الإسلام، كما قد ذُكرت بعض المناطق في الأردن في الحديث النبوي الذي يصف كبر الحوض النبوي يوم القيامة مثل عمان والبلقاء.

انتشر الإسلام في بلاد الشام في القرن السابع للميلاد، وكانت أرض الأردن أولى مناطق الشام التي فتحها المسلمون، وخاضوا على أرضه معارك مصيرية مع الروم البيزنطيين، كمعركة مؤتة ومعركة اليرموك، والتي أدت في نهاية المطاف لفتح بلاد الشام جميعها في عهد عمر بن الخطاب في عام 17 هـ – 638 م، ومن ثم مصر. وانتشار الدين الإسلامي على رقعة كبيرة من آسيا وأفريقيا وجزء من أوروبا لاحقا في العهد الأموي والعباسي.

توجهت  الجيوش الاسلامية إلى فتح بلاد الشام في عهد الخليفة أبو بكر الصديق رضي  الله عنه واستطاعت بعد معارك مع الروم ضم أراضي الأردن تحت راية الاسلام .

عهد أبو بكر الصديق :

  • توجهت الجيوش الاسلامية لفتح بلاد الشام واستطاعت بعد معارك مع الروم ضم الأردن لراية الإسلام.
  • المعارك التي دارت بين المسلمين والروم على أرض الأردن هي ( مؤته، طبقة فحل، اليرموك ).

العصر الأموي :

حظي الأردن باهتمام الخلفاء الأمويين ومن مظاهر اهتمام الخلفاء الأمويين في الأردن : بناء القصور مثل ( عمرة ، المشتى الطوبة ، الحرانة ، القسطل ، الموقر، وبرقع ) .

العصر العباسي :

شهدت الحميمة في جنوب الأردن انطلاق  الدعوة العباسية وذلك للأسباب التالية : 

  • وقوعها على طريق الحج الشامي وطريق التجارة .
  • لموقعها المتوسط بين الأقاليم الإسلامية .
  • بعدها عن العاصمة الأموية ( دمشق ) .
  • على أثر ذلك أصبح الأردن جزاءً من الدولة العباسية .

كانت ( أيلة ) العقبة في العهد العباسي : –

  • ميناء تجاري مهم على البحر الأحمر .
  • مركز لتحصيل الضرائب المفروضة على السفن التجارية.

والحميمة :  بلدة تقع جنوب الأردن، وقد شهدت  انطلاق الدعوة العباسية منها.

العصر الايوبي :

معركة حطين : معركة حدثت عام 583هـ بين الفرنجة والمسلمين بقيادة صلاح الدين الأيوبي تمكن صلاح الدين الايوبي من خلالها استعادة الكرك والشوبك وتحرير القدس بعد هزيمة الفرنجة.

العصر المملوكي :

الاهتمام المملوكي في الأردن، جاء من خلال بناء القلاع وتجديدها  مثل ( بناء قلعة العقبة وترميم قلعة الشوبك ) .