القراءة الثالثة في المشاركة الحزبية بالانتخابات النيابية للمجلس التاسع عشر.

22 نوفمبر 2020
القراءة الثالثة في المشاركة الحزبية بالانتخابات النيابية للمجلس التاسع عشر.

بقلم: العميد زهدي جانبك

اثنان من المرشحين كلفة صوت كلٍ منهما خمسة وعشرون الف دينار على الخزينة.

منذ عودة الحياة السياسية الحزبية إلى الشعب الأردني عام 1989 ، ونحن نتحدث عن حياة برلمانية متطورة، وحكومات برلمانية منتخبة وخاضعه للمساءلة البرامجية.
وقد تناول جلالة الملك عبدالله الثاني هذا الموضوع في أوراقه النقاشية، وعبر عن أمله وان شئتم عن رغبته في وجود ثلاثة أحزاب قوية تعبر عن اليمين، وعن اليسار، والوسط.
وعملا بالتوجيهات الملكية للوصول إلى هذا المستوى من العمل السياسي تم وضع العديد من القوانين ومنها قانون الأحزاب رقم 39 لعام 2015 الذي جاء فيه النص على تمويل الأحزاب لتتمكن من القيام بدورها، وانبثق عنه النظام رقم 155 لسنة 2019 الذي حدد طريقة صرف التمويل للأحزاب، ولكنه للأسف الشديد وبدلا من استخدام أموال الشعب في تطوير الحياة الحزبية ، استخدم الأموال لزيادة تشرذمها وزيادة تعددها، تعدداً لا يعبر عن التنوع بقدر ما يعبر عن زيادة مشاريع استثمار مادية لكل مجموعة تشكل ما يسمى حزبا ننفق عليه من جيب المواطن دون أن يكون له اي دور في حياة المواطن.
وقد ظهر هذا جليا في الإنتخابات النيابية الأخيرة، إذ وبعد الاطلاع على القائمة التي نشرتها وزارة التنمية السياسية بأسماء مرشحي الأحزاب السياسية والقوائم الانتخابية التي ترشحوا بموجبها، والتعرف على ما حققوه بهذه الانتخابات، رأيت انه من المناسب تخصيص هذه المقالة للأحزاب التي كان أداءها ضعيفا جدا ولم تتمكن من تخطي حاجز ال 1000 صوت، عداك عن الوصول إلى قبة البرلمان.
ومن الملاحظ انه من أصل 41 حزبا أعلنت مشاركتها في الإنتخابات النيابية (وهي أعلى نسبة مشاركة حزبية بتاريخ المملكة) ، فشلت الأحزاب الثمانية التالية في الحصول على الف صوت. وقد كان أضعف هذه الأحزاب من حيث النتائج:
1. حزب الشهامة الأردني:
شارك هذا الحزب بسبعة مرشحين موزعين على أربع قوائم في أربع دوائر انتخابية. وحصل على 142 صوتا ، بمعدل 20 صوتا لكل مرشح.
أضعف نتيجة له كانت في الدائرة الثالثة بعمان حيث حصل مرشحه على 7 أصوات، بينما كان أفضل أداء له في الزرقاء الأولى وحصل مرشحه على 60 صوتا.
ومن المؤشرات الدالة على ضعف التنسيق قيام الحزب بترشيح اثنين من اعضائه ضمن قائمة النهضة في الدائرة الثالثة ، وبنفس الوقت ترشيح عضو ثالث بنفس الدائرة ضمن قائمة الرسالة. وبلغ مجموع الاصوات التي حصل عليها من المرشحين الثلاث في الدائرة الثالثة 31 صوتا.

2. حزب العدالة والتنمية:
شارك هذا الحزب بتسعة مرشحين موزعين على 3 قوائم في 3 دوائر انتخابية. وحصل على 313 صوتا ، بمعدل 34 صوتا لكل مرشح.
اما أضعف نتيجة له فكانت في الدائرة الثالثة بعمان حيث حصل مرشحين له على صوت واحد لكل منهما… ، بينما كان أفضل أداء له في الزرقاء الأولى وحصل مرشحه على 172 صوتا.
ومن اكثر المؤشرات سوءا على مستوى المملكة حصل 2 من مرشحي على 1 صوت لكل منهما على الرغم من أنهما في قائمة تضم 4 من اعضاء الحزب، اي أنهما لم بمنحا للقائمة سوى صوت واحد… ولم يقم زملائهماةفي القائمة بالتصويت لأي منهما، وهذا سلوك انتخابي بعيد كل البعد عن السلوك الحزبي.

3. حزب البلد الأمين :
وقد شارك بالانتخابات بمرشحين اثنين في قائمتين بدائرتين انتخابيتين في كل من عمان الثانية ، وعجلون وحصل على 409 أصوات بمعدل 205 لكل مرشح ، وكانت نتيجته بعمان هي الأفضل.

4. الحزب الوطني الاردني:
شارك هذا الحزب بعشر مرشحين موزعين على 3 قوائم في 3 دوائر انتخابية. وحصل على 435 صوتا ، بمعدل 43 صوتا لكل مرشح.
أضعف نتيجة له كانت في الدائرة الأولى بالزرقاء حيث حصل مرشحه على 12 صوتا، بينما كان أفضل أداء له بنفس الدائرة الزرقاء الأولى وحصل مرشحه على 117 صوتا.
ومن المؤشرات الدالة على ضعف التنسيق قيام المرشحين بالتنفس داخل نفس القائمة ضمن قائمة الحزب في الزرقاء، وتكرر ذلك في عمان الأولى والبلقاء.

5. حزب الفرسان:
شارك هذا الحزب بسبعة مرشحين موزعين على 3 قوائم في 3 دوائر انتخابية. وحصل على 537 صوتا ، بمعدل 76 صوتا لكل مرشح.
أضعف نتيجة له كانت في الدائرة الثانية بعمان حيث حصل مرشحه على 35 صوتا، بينما كان أفضل أداء له في الزرقاء الاولى وحصل مرشحه على 130 صوتا.
5 من اعضائه شكلوا قائمة باسم الحزب في الدائرة 2 بعمان وحصلت القائمة كاملة على 291 صوتا فقط. بينما حصل مرشحه في عمان الخامسة على 116 صوتا.

6. حزب المساواة الأردني:
شارك هذا الحزب بتسعة مرشحين موزعين على 3 قوائم في 3 دوائر انتخابية، وحصل على 591 صوتا ، بمعدل 65 صوتا لكل مرشح.
أضعف نتيجة له كانت في الدائرة الثالثة بعمان حيث حصل مرشحه على 17 صوتا، بينما كان أفضل أداء له في خامسة عمان وحصل مرشحه على 123 صوتا، وكان له مرشح واحد في ثانية عمان حصل على 50 صوتا.
من الغريب جدا وبذات الوقت من المؤشرات الدالة على ضعف التنسيق، قيام الحزب بترشيح احد اعضائه ضمن قائمة شباب الوطن في الدائرة الثالثة بعمان على الرغم من وجود قائمة باسم الحزب بنفس الدائرة فيها 3 مرشحين، والمضحك المبكي هنا ان مرشح الحزب في قائمة شباب الوطن حصل على 89 صوتا، بينما حصلت “قائمة مساواة” كاملة على 75 صوتا.

7. حزب الإصلاح والتجديد:
شارك هذا الحزب بستة مرشحين موزعين على أربع قوائم في أربع دوائر انتخابية. وحصل على 706 اصوات ، بمعدل 117 صوتا لكل مرشح.
أضعف نتيجة له كانت في الدائرة الأولى بالزرقاء حيث حصل مرشحه على 42 صوتا، بينما كان أفضل أداء له في عمان الأولى وحصل مرشحه على 165 صوتا.
ومن غرائب هذه الانتخابات وبذات الوقت من المؤشرات الدالة على ضعف التنسيق قيام الحزب بترشيح اثنين من اعضائه ضمن قائمتين مختلفتين في الزرقاء الأولى بدلا من قائمة واحدة لتجميع الاصوات الضعيفة اصلا فحصل أحدهما على 142 صوتا بينما حصل زميله على 42 صوتا في القائمة الاخرى،

8. حزب احرار الأردن:
شارك هذا الحزب بسبعة مرشحين موزعين على 6 قوائم في 5 دوائر انتخابية. وحصل على 966 صوتا ، بمعدل 138 صوتا لكل مرشح.
أضعف نتيجة له كانت في الدائرة الاولى بعمان حيث حصل مرشحه على 41 صوتا، بينما كان أفضل أداء له في البلقاء وحصل مرشحه على 377 صوتا.
وتتكرر الغرائب والعجائب فيقوم الحزب بترشيح ثلاثة من اعضائه في الدائرة الثانية بعمان في قائمتي مختلفتين بدلا من توحيد الجهود في قائمة واحدة، الأمر الذي يعبر عن ضعف الحزب ويعد من المؤشرات الدالة على ضعف التنسيق.

وتجدر الإشارة إلى اننا كمواطنين نتحمل التكاليف المالية لهذه الأحزاب وندفعها من جيوبنا.
إذ على الرغم من هذا الضعف الشديد بالأداء إلى درجة الظهور بمظهر عدم الجدية، الا ان جميع هذه الأحزاب ستحصل على التمويلات التالية سنويا:
اولا:
بموجب المادة الثالثة من النظام رقم 155 يحصل كل حزب على:
1. 40٪ من قيمة اشتراكات الأعضاء.
2. 7 آلاف دينار مصاريف اعلام ومطبوعات.
3. 2500 دينار مصاريف المؤتمر الانتخابي العام لقيادات الحزب.

ثانياً:
و بموجب المادة 4 من ذات النظام يحصل كل حزب من هذه الأحزاب (بغض النظر عن أداءها الهزيل والضعيف جدا) على التمويل التالي:
1. عشرون الف دينار (20000) مقابل ترشيح 6 من اعضائه في 3 دوائر انتخابية.
2. ثلاثة آلاف دينار اضافية اذا كان من ضمن المرشحين شاب او امرأة.
3. الف دينار عن كل قائمة انتخابية تحمل اسم الحزب.
4. ثلاثون الف دينار لأي ائتلاف ببن خمسة أحزاب فأكثر، تقسم بالتساوي بينهم.

وعليه، فإننا كمواطنين سندفع من جيوبنا ما يقارب من مائة وثلاثين الف دينار لكل واحد من هذه الأحزاب مكافأة له على أدائه الضعيف، اي ما يزيد على المليون دينار.

وبالمحصلة، تكون السيدة الفاضلة التي حصلت على صوت واحد في الدائرة الثالثة بعمان (وهي السيدة الوحيدة بين مرشحي حزب العدالة والتنمية) ، والسيد الذي حصل على صوت واحد من نفس الحزب وبنفس الدائرة، قد تسببا بتمويل الحزب بما يزيد على مائة ألف دينار لحين اجراء الانتخابات القادمة ، ويكونا بذلك أغلى صوتين في انتخابات المجلس التاسع عشر.

من المؤكد ان جلالة الملك ، والمشرع لم يهدفا إلى تحقيق مثل هذه النتائج، وبناء عليه ارجو اعتبار هذه المقالة دعوة إلى الحكومة الحالية ، والمجلس القادم لوضع حد لهذه الحالة العجيبة التي حولت بعض الأحزاب إلى دكاكين بكل ما في الكلمة من معنى، وادت وستؤدي إلى تكاثر سرطاني لأحزاب جديدة لا معنى لها سوى تحقيق مكاسب مالية على حساب المواطن الذي لا تتحقق له اي فائدة من تواجد مثل هذه الأحزاب على الساحة السياسية الأردنية.