زهدي جانبك يكتب: التغيير…!

9 يوليو 2021
زهدي جانبك يكتب: التغيير…!

على وقع مقالة كتبها الأخ العزيز مروان العمد حول استمتاعه باضاعة يوم كامل في دائرة الأراضي بسبب التغيير (وليس التطوير) الإلكتروني الذي أصبحت تعاني منه الدائرة، ورأفة بالمواطن نقلت معاناتها اليه حتى لا يشعر بالعزلة… ابدأ هذه الخاطرة السريعة اولا بتقديم احر التعازي الى مروان باشا وكل اخ وزميل ورفيق درب بذل مجهودا للتخفيف على المواطن بالإجراءات والنفقات… واقول لهم من القلب: عظم الله اجركم ، ولتصبروا وتحتسبوا.
لا أدري ما هي الحكمة من تغيير إجراء او (على قولة الرزاز ومن بعده الخصاونة) “مصفوفة” إجراءات تهدف الى تقديم خدمة “مدفوعة الثمن” للمواطن، اذا كان معلوما ومحسوسا وواضحا ان هذا التغيير يمثل تخلفا وتراجعا عن الانجازات في مجال الخدمات التي تعبت مؤسسات الدولة لتحقيقها وانفقت عليها الكثير من الوقت والجهد والمال حتى تحققت.
ما هو المقصود والغاية من هذا التراجع ان كان باجتهاد شخصي من الدائرة الحكومية… أما ان كان ، مُكْرَهٌ أخاك لا بطل، وتم إجبار هذه المؤسسات على التراجع عن إنجازاتها لغاية في نفس يعقوب… فاقول، يا أبا إسحاق افصح عن الغاية التي في نفسك، وعليها وجهك ما حد يبلش فيك… بس بدنا نعرف : ليش؟؟؟ ثم امدد تعزيتي التي استفتحت بها الكتابة الى مسؤولي هذه المؤسسات وابشرهم بأنهم من ضمن من رفع عنهم القلم لعلة الاكراه.
وحتى لا يعتقد البعض أنني اتحدث بالتلميح دون التصريح، سأبدأ حكايتي بالمطار، وما ادراك ما المطار،… يا حكومتنا الغالية بغلاء زجاجة النفط… بموجب أوامر الدفاع، وضعنا لكم عصى الطاعة وقلنا: آآآمييين بعد ولا الضالين… ، عندما قررتم فتح المطار للمسافرين على أن يتزامن ذلك مع فحص خلو من الكورونا للقادمين … ولا اعتراض على حكمكم فينا… ولكن يا صاحب الولاية العامة، يا من شتمت عفوا اشتمت فيك جحافل نوابنا رائحة وصفي التل… بالله عليك، وبعد مرور قرن على نشوء الدولة… إلا تذكر بالخير دائرة مكافحة الملاريا… أسألك بالله، الا تذكرهم… يمسحون الوطن من شماله الى جنوبه، بيتا بيتا، ويأخذون عينات الدم من كل فرد بالعائلة، بشكل منظم، ويسجلون البيانات على بطاقة مخصصة لهذه الغاية، ويتم فحص العينات وتسليم النتائج الى مأمور الصحة (مكافحة الملاريا) حتى يبلغها الى اصحابها (ترى كل هذا كان يتم ايام ما كانت الحجة عروس) ، ويتخذ إجراءات العزل المناسبة للمصابين حتى حقق الأردن بأيدي موظفي القطاع العام قصة نجاح دولية تروى بالمحافل الدولية ، واصبحنا من الدول التي كانت موبوءة بالملاريا وانتقلت الى الدول المصنفة بخلوها من الملاريا… هذه قصة حقيقية ترى مو مثل سوالف زجاجة النفط (أجلكم الله)…
وعودة لموضوع المطار… هذه القوة الهائلة المنتمية لوطنها من كوادر وزارة الصحة… انتشر مندوبوها في المطار، والمعابر البرية لمحاصرة الملاريا ومنع دخولها… وكان مندوب الملاريا في الحدود سلطة تمنع وتسمح، ولكنها قبل ذلك تفحص، نعم يا صاحب الولاية، تفحص، اي تاخذ عينات الدم، وتفحصها للتأكد من خلوها من الملاريا وتمنع دخول المصاب الا بعد عزله… كل هذا، كان مجانا… نعم ، اقسم بالله ما كنا ندفع مقابله تعريفة… يا عمار… على تلك الثواني وليس الايام…
المهم… هل عجزت حكومات المنصات المتعاقبة التي وصل عدد فحوصات الكورونا التي تجريها يوميا الى 25 ألف فحص… هل عجزت هذه الحكومات عن تخصيص احد فرق وزارة الصحة للعمل في المطار بدل ان تبيعونا الى المختبرات الخاصة ؟؟؟… أيعقل يا رأس الحكومة، ان تسمح السلطات التركية لمواطن أردني بالسفر الى الأردن استنادا الى تعميم إدارة الازمات بأن من يحمل شهادة تطعيم لا وجوب لفحصه، ويتم تاخيره بمطار الملكة علياء حتى يدفع الخاوة للمختبر الخاص الذي أصر انه لم يصل اليه تعليمات بهذا الخصوص ، معقوول؟…
أليس من الأولى ان نعود بتاريخنا الى ايام مكافحة الملاريا عندما كان موظف الدولة يقوم بمهمة حماية صحة مواطني الدولة بدون خاوات… او رسوم…. ان وصلك ما اكتب، أسألك بالله ان لا تفتح لي سيرة تكلفة مختبر لوضعه بالمطار… لاني بعدين بفتحلك سيرة صندوق همة وطن… اولا ، ومن بعدها اهمس لك، كان ممكن وضع شرط توفير المختبر على إدارة المطار (الفرنسية) للموافقة على تشغيل المطار (مثلا).
أطلت عليك والله بعرف،… بس بصراحة استفزني مروان باشا العمد، وانا فاضي أشغال.
يا صاحب الولاية…
في منتصف تسعينيات القرن الماضي، قرر نصوح باشا مدير الأمن العام ان الرخصة يجب أن تصدر من نافذة واحدة… شكلنا فريق من ستة أشخاص من ضباط الأمن العام (لا من صندوق النقد، ولا من سويسرا، ولا إيطاليا) الاشاوس أصحاب الجباه السمر… لدراسة الموقف،… يا رجل اشتغلوا على ابسط مبدأ من مبادئ الإدارة وتحديدا مبدأ دراسة الوقت والحركة للمرحوم فريدريك تايلور موديل 1906، وتمكنوا من اختصار وقت إصدار الرخصة، (وكان الحساب بالثواني)، واصدارها من نافذة واحدة… يا زم والله عجزنا على هالسلافة، حتى استحدثنا بالأمن اشي اسمه (الموظف الشامل) وهذا، الله وكيلك، بستقبل المعاملة، وبدققها، وبحدد الرسوم ، وبقبض الرسوم ، وبعطيك الرخصة وانت واقف قدامه… يا ابن الحلال، التعن ثواهم الستة ضباط وهم يقفون في موقف السيارات بانتظار وصول مراجع حتى يرافقوه في معاملته لحساب كم خطوة يمشي من السيارة إلى بوابة الترخيص، ولاحظوا انه يتوقف للسؤال فعوضوا وقت السؤال والاجابة بلافتات كبيرة مقروءة، ومشوا مع اكثر من الف مراجع لحساب الوقت في كل مرحلة ليس بالدقائق وإنما بالثواني… ازلنا حواجز الزجاج بين المواطن والموظف لانها تؤخر التفاهم بينهما لعدم وضوح الصوت (ثواني)… قلبنا الدنيا… عشان الموطن يقف في مكان واحد ليأخذ رخصته…
لماذا تنازلتم عن هذا الإنجاز وبعتونا بأرخص الأثمان لشركات تحصيل الأموال؟؟؟ الا تخجلون من التراجع بدل التقدم…
الأصل، مصلحة المواطن… واي تحول إلى خدمة إلكترونية، ان لم يؤدِ الى تحسين وتجويد الخدمة لاغلبية المواطنين… ان لا يتم تطبيقه…
عيب ان تتحول إدارة راقية مثل دائرة الأراضي الى التعامل الإلكتروني ، ويؤدي ذلك الى تعقيد الخدمة، وتدهورها بدل تحسينها…
ختاما، لا أقول إلا: حسبنا الله ونعم الوكيل فيكم….