ا.د.خليل الرفوع
فرَحٌ أخضر
وصباحٌ بهيٌّ كما لون عينيكِ فِيْ.
بكِ هذا النهارُ ليْ مزهرٌ ،
مُقْمِرٌ قدَري كربيعٍ شهيٍّ يراودُني
سحَرًا لأقولَ قصيدتيَ الناعمهْ.
يا ابنتي
لك هذا الفؤادُ
فهزي إليك بجذعه أو
غصنه
وانظري سوف ينثرنا
فوق أهداب جفنيك معًا
لكِ هذا الجَنى كلُّه باسمًا
مثلَ خدِّ القمرْ
واكتمال الهوى في الفؤاد ضحًى.
يا ابنةَ الروح
إن ضاق هذا المدى
لي رضاكِ
ولي كلُّ ما في المنى
خاشعًا متبتّلا .
إليك يا ابنة الروح ، وبُنيةَ الفؤاد كلَّ ما في لغتي من ألقٍ وسبْح وصلاة ودعاء ، لك هذا الوجد مسبِّحا بحمد الله وقد أنعم على والديك بكِ وبأخويك ، فلك عيونُ التهاني وشميمُها ورَوْح السنين وريحانها ، وبياض الليالي الناعمة بالجد والصباحات المعتقة بالاجتهاد ، وذلكم النداء خفيّا والحنين نجيّا، وما كنتِ إلا رضية مرضية يا ابنتي .
أيتها الفرحُ الأخضر ، والزمان الحلو ، والوجه المُعلَّى بطفولتي وقد اشتعل الرأس شيبا ، وابيضّ القلب حبًّا لكل ما في الأبوة من انتظار البُشرى، فكنتِ البشيرَ والغيم والغيث والفرح ، أَمَا وقد ألقيتِ على فؤادي بشرى نجاحك ونشوى تفوقك ونجوى تخرجك فقد آن لأبيك أن يمد أمل روحه فسحةً زاهية بامتداد زرقة السماء، ويبسط ابتسامة حياته بسمةً شائقة بانبساط خضرة الأرض كي يرتاح قليلا في جفنيك أو في ظلال رموشهما ، متبتلا مترنما كبدايات وضوء أو كنهايات صلاة.
إليكِ يا ابنتي هذا الفرح كله ممتشقًا حدَّ القلب وصفحة الروح ؛ ففي سحائب تخرجك كل بشائر التهانئ وعيون القصائد وفوح الندى وما في انسكاب العمر من تراتيل البوح كنشيد طفولي أغنّيهِ على ناي أبي ودعاء أمي ذات زمان مُسْفِرٍ بهما معًا .
فرح أخضر مثل قلبي يعيدني سنبلةً مثقلة بالحياة ، وابتسامة راقصة في هدأةِ العمر سخيّا واستفاقة البهاء شجيّا.
مباركٌ لوالدتكِ حبيبةِ القلب، ولي ، ولكِ ، ولأخويك تخرجُك طبيبةً في جامعة السيف والقلم والتاج ، جامعة مؤتة، التي نقشت شكلها في جذوع الجسد كتابا مفتوحا للنصر والكرامة وفي أخاديد الروح خطّتْ مدادَها قصيدةً تزاحمُ القوافي عشقًا وخلودًا.
أستاذ الأدب العربي في جامعة مؤتة