بقلم:د. بسام روبين يكتب…
يحتاج الأشخاص والحكومات في الأوقات الحرجة لإتخاذ قرارات صعبة وجريئة قد تربك المشهد ،ولكن الضرورات تبيح المحضورات فبعدما كنا متحمسين لإجراء الانتخابات النيابية بأسرع وقت للخلاص من بعض الأسماء التي ألحقت ضرراً كبيراً في الوضع الاقتصادي والرقابي والاجتماعي ،إلا أن الزلزال الذي أحدثه كورونا نظراً لتراخي بعض الجهات الحكومية في القيام بواجباتها وضعت ملفي الصحة والانتخابات على المحك ،وهذا يتطلب منا التريث وإعادة ترتيب الاولويات فأربعة آلاف إصابة إن صحت لدولة عدد سكانها سبعة ملايين يعادل أربعون ألف إصابه لدولة عدد سكانها سبعون مليوناً ،وهذا الرقم مهول جدا بل يشكل خطرا على مفاهيم الأمن الصحي والاقتصادي ،فالإنتخابات النيابية كانت تسمى عرساً انتخابياً أشبه بعرس له طقوسه الخاصة ،وسلاسل من الاجراءات التي لا يمكن اختزالها او منعها او حتى الحد منها لما لها من تأثيرات مباشرة على نتائج الاقتراع وصورة المجلس ،فمتطلبات الانتخابات الضرورية تتعارض مع قواعد التباعد الاجتماعي وشروط السلامة العامة ،ولهذا نحن نقف بين نارين مما يوجب على الحكومة وضع ميزاناً دقيقاً على طاولتها تفرغ في كفتيه ملفي الانتخابات والصحة ،ثم تتخذ قرارها الاستراتيجي الذي سيحدد مستقبل الوطن والحكومة معا ،فإذا جاء قرارها مرجحاً لكفة تأجيل الانتخابات لحين زوال الوباء ،وضمان مشاركة الاغلبية في انتخابات حرة ونزيهة ،فإن هذا سيعزز من تحسين الوضع الصحي ومنح الحكومة مزيدا من المرونة والخيارات في التصدي لكورونا ،ولا بد من أن يقترن قرار التاجيل بقرار الحظر الشامل لمدة اسبوعين ،الأمر الذي سيكفل تحسين مختلف الجوانب ،اما اذا كان هنالك قرارا مخالفاً لنبض الشارع ويؤكد على إجراء الانتخابات في ظل هذه الظروف الصحية الصعبة ،فربما يجعلنا ذلك عرضة لصدمات غير محسوبة ولا متوقعة ،وقد تزيد من تدهور الحاله الصحية ناهيك عن ان الانتخابات اذا تمت مع انكماش حواضن العملية الانتخابية سيجعلها عرضة للانتقاد المحلي والدولي ،وربما تكون الصورة الديمقراطية والسياسية والصحية أكثر غموضا ،حينها لا يمكن لنا فعل أي شيء حيال ذلك ،وقد ترتطم السفينة بالصخور لا قدر الله ،لذلك علينا في هذه الحالة ان نكون أكثر حكمة ودقة وواقعية في صناعة القرارات ،ونشكل لجنة مختلطة من الحكماء واصحاب العلم والخبرة لتدارس اي قرار حكومي يخالف نبض الشارع لتقييم ابعاده وآثاره المحتملة للخروج بقرار صائب ملزم للجميع ينقذ الانتخابات والصحة معاً ،ويوصلنا لشواطيء الامان بتعاون ووعي الجميع .