المهرة والآتان والقوميون العرب

30 أبريل 2021
المهرة والآتان والقوميون العرب

بقلم : سهل الزواهره

 في هذا الزمان الذي تقاذفَت أمواجُ الجهل والتَّبلُد مُصطلحاته و تَستَّرَ بِعباءة العُري كلُ مدَّعي مُفلس و اندلعتْ الألسُنْ قذْفًا و هِجاءً بكُل ما يَطالُهُ الفكر أقفُ عجِباً مِنْ أقوامٍ اتَّخذوا القومية العربية إزارًا و احتكروه زورًا لأَنفُسِهم و لِمَنْ يُمالِئَهم ذاتَ المشرب العفِنْ ونصَّبوا نزَقَهُم مُسيلَمةً للقومية و وكَّلوا آهورامزدا وصيًا على عُروبتهم ، و يقيني وأيمُ الله أنهم لا يفقهون من العروبةِ لا تاريخَ العربْ و لا لُغة العربْ ولا قيمة العربْ، و لكن فِقههم الشاذ يقتصر على دُريهمات ثَقُلتْ بها جُيوبَهم أو استعراضات ظنوا أنهم بها يرتَفعون، وما عَلِموا أن الخراف لو صرخت مُدَّعيةً أنها ليوث حتى قيام الساعة ما غير ذلك من حالِها شيئًا، هؤلاء الذين أخذتهم نشوةُ المنبر المائل، فاعتقدوا وهماً أنهم شُيوخ مُضَر أو فُرسان قیس أو سِباع ربيعة، وخلطوا بين قومية العرب التي نتيهُ فيها فخراً و نتسامی عزًا و بين ثُلة أو شِلَّة أُطلق عليهم “القوميون العرب” اسم ضخم مُطنْطَنْ و فعلٌ قاصرٌ تائهٌ، هذه الفئة التي لا أحسبها إلا ضَربًا من ضُروب الوهم أو اختلاقًا من اختلاقات الألسن، فمن هم هؤلاء “القوميون العرب” الذين صُدِّعَتْ أدْمِغتنا بِخُطَبِهم الركيكة المُوغِلة بالتحريض عديمةُ الشأن مَخصية المَعنى إلاَّ من صوتٍ مُرتفعٍ كطبلٍ أجوف أو كحصنٍ غَفِلَ حارسه الأرعنْ عن إقفال بابهِ فَغدا مُستباحاً لِكُلِّ هابٍ دابٍ.

 إذا كانت قوميةُ العرب قوميةَ هؤلاء الذين قدَّسوا الطُغيان و تفانوا في تمجیده و تلذذوا بِشيِّ أطفال الكُرد وتَحريق قُراهم أو برروا حرثَ هامات أهل حمص و حماة إعلاءً لِهُبَلِهم و بعْثِهِم، إذا كانت قوميتُهم دسائِس سبعينية ناصرية راعية لِعصابات الغدر الأيلولية عندَ الشقيق إهلاكاً للحرث والنسل، و أتبَعوها بِقتْل وصفي الضيف في أرض كِنانة العُروبة فقط لأنهُ أحبَطَ مُخططات فوضاهم فكان حقيقًا أن يكونَ الشهيد المُخلَّد، فتلك ليست قوميتنا تماماً كما لیست قوميتنا قومية اللِّسان العَربي و اللِّباس العربي والقلب الشُعوبي الذي يحمل في عُروقه كُره العرب و الحقد عليهم مُتَجلياً بأبشعِ صُوره دعماً لأبناء صُهيون و الدُعاء لهم ونُصرَتهم على أهل غزَّة و يتمادي فيُشرعِن دماءَ أهل مِصر و يمَوِّل إراقتها و يُتاجر بِمصائبِ أهل الشام و يبيع اليمن و يتَرفع عن نَكباتِ أهل الصُومال مُتَوهماً أنَّ العُروبة بِكثرة الإبل، إذا كانت تلك قَوميتكُم فَنَبْرأ الى الله منها و نُشْهدُه أننا بها نكفُر و نأنَف أن نُوصَم بها، القومية التي نفهمها و نموت من أجلها هي أنَّ كل العرب و من ساكنهم إخوان لنا دِماؤهم دماؤنا و أعراضهم أعراضنا لا نتَربص بهم الدوائر و لا نتفنن بالكيد لهم ولا نَتَلذذ بِرؤية أطفالِهم يُسْحَقون و عجائزهم يُسحَلون ولا نُناصر أنظمة البغي والإستبداد عليهم و لا نعزف مَعهم مقطوعة الحرب الكونية مُقابل عَرَضْ من الدُنيا، قوميتنا تلك التي تضعُ الدين فوق الهام و تؤمن أن العروبة مادة الاسلام و هما مُصطلح واحد تذوبُ أحرفهُ سويًا ولا سبيل للفصل بينهما الى أن يرث الله الأرض و من عليها، قوميتنا تؤمن أن ثروات العرب يجب أن تُستَغل لِنعيم العرب و سد عَوزهم لا أن تُوجه لِقتلِ أهل غزة و حصارهم أو زلزلة مصر و ضرب عروبتها أو توجه لرعايةِ حدائق الحيوان في اوروبا أو دفع دیَّات و خاوات من العرب لأَعداء العرب، قوميتنا نقية مُستَقاة مِنْ أخلاقِ العرب وحضارة الإسلام لا من سُكارى الحانات و أذنابُ الإفك و هواة الاستبداد، قوميتنا مُهرة عربية أصيلة فريدة عصية أن تُمتطى إلاَّ مِنْ أهلها و ليست كأتانِكُمْ العرجاء التي توهمتموها قومية عربية و تَخَيرتُم لها من يَعتليها و أطلقتُم عليهم “القوميون العرب” فلِكُل منّا ما امتطى فدعونا و مُهرتنا و نحنُ ندعكم و أتانكم ، وقد أنصفَ القارة من راماها .