البيروقراطية تؤدي للفساد يا وزير الصحة

15 أبريل 2021
البيروقراطية تؤدي للفساد يا وزير الصحة

بقلم : العميد المتقاعد هاشم المجالي

في كل دول العالم يكون المواطنون الذين يراجعون دوائر الخدمات مُصدًقين في كل ما يقولون كا لم يثبت عكس ذلك ، بحيث يتم تأمينهم بكل الخدمات التي يطلبونها والتي تعتبر هي من حقوقهم ، وهي ايضا تعتبر واجبات على الموظفين العامين ، ولأن الموظف العام هو عبارة عن مؤدي لخدمة منصوص عليها بالقوانين والأنظمة ، فإذا ما راجع المواطن في الدول المتقدمة دائرة حكومية قاصدا خدمة ما ، وأراد ان يجتزأ من هذه الخدمة ما يحتاج منها فقط فإن الموظف العام يذكره بحقوقه كاملة ويعطيها له كلها .
وللأمانة ان معظم دوائر الدولة قد استشرى فيها هذا الداء ، لا بل وصارت الخدمات الالكترونية اكثر تعقيدا مما كانت عليه بالسابق عندما كانت ورقية ، بحيث ان المواطن في السابق كان يراجع الدائرة التي كان يبدأ بها الإجراء الأولي وينهي بها كل الاجراءات والمعاملات ، ولكن الآن مع ما يسمى بالخدمات الالكترونية صارت المعاملات اكثر تعقيدا بحيث انه صار على المواطن المراجع ان يراجع بعض البنوك من خلال كودات ليدفع بها الرسوم التي كان يدفعها سابقا بنفس الدائرة .
ولأوضح وابسط الصورة ايضا على مثل هذه التعقيدات والبيروقراطيات الحكومية العقيمة التي تشجع على زيادة الأعداد في منظومة الفساد والفاسدين .

فمثلا أنا اليوم راجعت وزارة الصحة من اجل إنهاء معاملة الخدامة لوالدتي التي تبلغ من العمر تسعون عاما والتي تحمل تقريرا طبيا يفيد انها تعاني من امراض عصبية وحركية ، بحيث أن حالتها تعتبر وتصنف على أنها غير قادرة صحيا على خدمة نفسها بنفسها وبحاجة الى خدمة منزلية بمنزلها .
ولكون والدتي تُعِز نفسها وترفض ان تسكن الا بمنزلها ولا تقبل ان تسكن عند اي أحد من أبنائها او بناتها الذين يحترمون قرارها ونجاورها بالسكن .

الغريب أنه عندما اردت تجديد معاملة استقدام خدامة لإنتهاء العمل بالتصريح السابق للخدامة السابقة التي انهت عقدها وترغب بالسفر الى دولتها ،والذي على إثر تقريرها يتم منح والدتي إعفاء من رسوم العمل للخادمة الجديدة ، لقد راجعت اللجنة الطبية ذاتها التي كانت بالمرات السابقة و الذين قد كشفوا عليها واعطوها هذا التقرير الطبي ، ولكنهم في كل مرة وعند كل تجديد للإعفاء ، فإنهم يطلبون مننا البدء بالاجراءات من اول جديد .
لقد ناقشت هذا الامر مع طبيبا يعمل باللجنة الطبية التي تُعنى بإعطاء مثل هذا التقرير والذي يتم بموجبه استصدار الإعفاء لها من الرسوم ، وقلت له ان الذين وقعوا على تقرير والدتي السابق هم نفسهم الموجودين الآن امامي باللجنة بهذه القاعة ، وهذه اسماؤهم وتواقيعهم ، فرفض هذا الطبيب كلامي واستنكره وقال لي ؛ لابد لنا من أن نتأكد من أن والدتك طيبة وليست ميتة ، ‘ فقلت له انكم تستطيعون ان تعملوا لكم مَداخل على الأحوال المدنية وتتعرفوا عليها إن كانت ميتة ام عايشة وأن هناك دفتر عائلة ايضا يدلل على ذلك .
إلا ان هذا الطبيب صمم على مثل هكذا إجراء واكد على إعادة الكشف والفحص مرة اخرى .
طبعا إن اعادة الكشف و الفحص يعني معاناة اخرى لوالدتي المريضة من حملها على الكرسي واخراجها في ظل هذه الظروف الصحية والمرورية السيئة حتى يتم مشاهدتها ومعاينتها مرة أخرى من اللجنة ليكتبوا لها تقرير أخر جديدا يحمل نفس البيانات والتوصيات ولكن بطوابع وتواريخ جديدة وانتظار على الدور وواسطات وتدخلات من هنا وهناك وعناء ليس بعده عناء .

لماذا نحن مكذبين وعلينا ان نثبت بالأدلة أننا صادقين ، ونبقى متهمين بالكذب ما لم يكن معنا أدلة او اثباتات وبراهين تثبت صدق احوالنا المكتوبة بتقاريرهم السابقة ،وإلا فإننا نعتبر كاذبين ومخادعين ولا نستحق ان نخدم بأيتها خدمة هي بالأصلى تعتبر من حقوقنا وهي واجبات عليهم ايضا .

ولا ننسى ان هناك فاسدين ونصابين ومحتالين يستغلون مثل هذه التعقيدات بالأجراءات ويتكسبون من ورائها .
إن البيروقراطية وكثرة الإجراءات وتعدد الموظفين حتما ستؤدي الى عالم من الفساد والفاسدين بحيث تخلق انواع متعددة من حالات النصب والاحتيال ، علاوة على الرشاوي التي قد تدفع لاجراءات هي من حقوق المواطن ، وأضف عليها الواسطات والمحسوبيات التي تصاحب إنهاء مثل هكذا إجراءات ..
اتقوا الله بالمواطن الذي يعتبر كاذبا و ما عاد قادر على ان يتحصل على حقوقة بالحلال ولا حتى من خلال الرشاوي والواسطات ، لانه صار هناك اولويات عند الفاسدين وسماسرة الواسطة مع إسعار متفاوته لإعطاء المواطنين حقوقهم المجانية .