سعد موسى نفاع
محام دولي
كثر في الأونه الأخير الحديث عن معيقات الاستثمار في الأردن والتوصيات لزيادة الاستثمار، ومن ضمها انشاء مظلة حكومية واحدة للاستثمار، ومراجعة مختلف التشريعات التي تتعلق بالاستثمار، وادخال التعديلات عليها، وانشاء صندوق استثمار سيادي، وزيادة الاعفاءات للمستثمرين. بالمقابل يعرض على مجلس النواب حاليا مشروع معدل لقانون العمل الأردني رقم (8) لسنة 1996 وما طرأ عليه من تعديلات ، حيث أهم ما ورد بمشروع القانون المعدل هو إنشاء شركات متخصصة تستخدم عمال أردنيين عاملين لديها والتعاقد مع اصحاب العمل لتزويدهم بالعمال ، وزيادة آلية تنظيم عمالة غير الأردنين وتغليظ العقوبات على المخالفات، وتخصيص نسبة ( 5% ) من رسوم تصاريح العمل لتنمية وتطوير المهارات المهنية، ورفع كفاءة الوزارة والعاملين لديها، باضافة الى تقنين اعفاء ابناء الأردنيات من الحصول على تصاريح العمل، وإضافة التحرش الجنسي الى المادة ( 29 ) من قانون العمل.
بلا شك إن التعديلات المقترحة على قانون العمل لها أهمية ، الا انه عند إعادة النظر بأي تشريع يجب الأخذ بالاعتبار أن تتوافق نصوص هذا التشريع مع النظرة العمومية والاطار التشريعي للدولة ، فان تشجيع الاستثمار لا ينحصر فقط في وجود قانون تشجيع استثمار بل يجب أن تمتد نظرة المشرع والحكومة الى ايجاد منظومة تشريعية متكاملة تحمي المستثمر وتشجعه على الاستثمار في البلد.
رأس المال لا يحتاج الى مؤسسات تشجيع استثمار أو جولات عالمية ترويجية من الدولة لكي تشجعه للقدوم للاستثمار، حيث ان رأس المال دائم البحث عن بيئات استثمارية آمنة في أية دولة تمتلك بيئة استثمارية ومنظومة قانونية تحوي الاستثمار وتحميه. إن أي مستثمر يرغب في الاستثمار في أي دولة ينظر الى النواحي التالية: نسبة الضريبة على الدخل والضريبة المضافة، سهولة مباشرة الاعمال وأيضا سهولة إغلاقها، سهولة استعادة رأس المال والارباح، قلة كلف الانتاج، وجود الكفاءات والمهارات البشرية المدربة، معدل الرواتب ونسبة غلاء المعيشة، الامن والاستقرار السياسي ، الموقع الجغرافي وسهولة انتقال البضائع، وجود اتفاقيات دولية تسهل التجارة والاعمال، وجود منظومة من التشريعات التي تحمي المستثمر أو على الأقل تخلق توازنا بين رب العمل والعامل.
إن نصوص قانون العمل الأردني تحتوي على العديد من المعايير الدولية والتي في معظمها تقوم بحماية العامل، ألا انه بأخذ نظرة عابرة على التشريعات العمالية في بعض الدولة المتقدمة ومنها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا نلاحظ أن التشريعات العمالية تقوم على خلق توازن بين حقوق العمال ومصالح أرباب العمل. فمن الملاحظ انه كلما فرضت التشريعات حماية غير متوازنة لمصلحة العامل على مصلحة العمل ورب العمل كلما قلت الكفاءة وزداد إهمال العامل لمسؤولياته الوظيفية، وبالمقابل يجد رب العمل صعوبة أكبر في ايجاد الكفاءات المطلوبة للقيام بالعمل. إن علاقة العمل يجب أن تقوم على الرضى والمهارة، فإنه في العقود غير المحدودة المدة، كما يحق للعامل ان ينهي عقده بعد اشعار رب العمل للانتقال لوظيفة أفضل ، فانه بالمقابل يجب أن يكون لرب العمل القيام بذات الحق لايجار عمالة مؤهلة وكفؤة ، حيث أن إنتقال العمال بين المؤسسات وارباب العمل يزيد من الخبرة والكفاءة ويزيد المنافسة وبالمقابل يزيد الانتاج والدخل للؤسسات والافراد. `
أثبتت الجائحة الأخيرة أهمية وجود مرونة في العمل، فانه يتوجب التوسع بمفهوم العمل المرن دون قيود بعد انتهاء قانون الدفاع والخروج من القوالب الجامدة في تعريف العمل وشروطه وانظمة العمل، كما أنه يتوجب إيجاد مرونة أكبر في المنظومة التشريعية للدولة واستقرارها وإزالة العقبات والمعيقات للاسثمار المحلي والاجنبي وتقليل تدخل الدولة في تتنظيم حرية التجارة وسوق العمل وتقليل الاجراءات والمتطلبات تسهيلها وتوحيد الجهات الرقابية والتقليل من عمل اللجان المختلفة التي تعطل وتطيل امد الاجراءات دون جدوى وتخفيض الضرائب وكلف الانتاج والتوسع في منح الاعفاءات للمستثمرين واستقرار القرارات الحكومية وعدم الرجوع عنها الا للضرورة.