بقلم: زيد أبو زيد
التعليم الوجاهي حاجة تربوية نلبيها بالالتزام والوقاية الصحية، من هنا فقد بادرت وزارة التربية والتعليم إلى العودة للتعليم الوجاهي المتدرج المُراعي للحالة الوبائية مع الأخذ بالحسبان أن التدرج أيضًا سيمر بنموذج عودة ضمن بروتوكول صحي ودليل إرشادي للعودة، وهي العودة التي ننشدها جميعًا لفهمنا جميعًا لأهميتها للطلبة خاصة في الصفوف الثلاثة الأولى، كما أنَّ التعليم المتمازج بين التقليدي والإلكتروني وعن قرب وعن بعد هو تعليم لم يعد ترفًا في الأنظمة التعليمية العالمية وفي نظامنا التعليمي كما قال وزير التربية والتعليم الدكتور تيسير النعيمي وسط التطور المتسارع للتعليم والمعرفة.
وللتوضيح فإن التجربة الأردنية تنقلت في رحلتها في التعليم خلال العام الماضي وهذا العام بذكاء بين التعليم الوجاهي وعن بعد وبين التعليم التقليدي والإلكتروني، ووظفت العقل التربوي والتقني الأردني لاستنباط كل جديد يوميًّا في علوم تدريب وتأهيل العاملين في المنظومة الإلكترونية وتطوير المنظومة ذاتها للوصول بها إلى مستوى قادر على أن يحقق النتاجات المطلوبة والأهداف المقررة، وعملت أيضًا وفق قاعدة تأهيل المعلمين وتدريبهم على برامج عامة ومتخصصة ليصبح كل الأردن مدرسة افتراضية كبرى تتفاعل فيها كل مكونات المجتمع في مجتمع افتراضي ومدارس افتراضية وصفوف تفاعلية، لنعود لبرهة إلى التعليم المباشر والاستدراكي، وتتمازج النماذج في صورة تتشكل يوميًّا بإبداع أرى صورته النهائية بفعل مقدمات منطقية وعلمية، وهو ما يؤكده كما قلنا سابقًا حديث وزير التربية والتعليم الأستاذ الدكتور تيسير النعيمي أنَّ التعليم المتمازج تعليم لم يعد ترفًا في الأنظمة التعليمية.
لقد قدمت تجربة الجائحة للعالم فرصة كبيرة للتعامل مع الخبرات ونقلها إلى كل المجالات تعليميًّا وتربويًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا، وعندما قررت وزارة التربية والتعليم عودة مئات الآلاف من طلبة رياض الأطفال والصفوف من الأول الأساسي إلى الثالث الأساسي، والثاني عشر- التوجيهي- إلى مدارسهم في عودة ضمن بروتوكول صحي مُحكم، وإجراءات فصَّلها دليل العودة المتدرجة والآمنة لطلبة المدارس في القطاعات كلها بوصفها مقدمة لعودة جميع الطلبة من جميع الصفوف إلى المدارس في حال التزام جميع المؤسسات التعليمية، واستمرار حالة الاستقرار النسبي للحالة الوبائية لجائحة كورونا التي أوقفت التعليم الوجاهي قصريًّا في المملكة، وفي ضوء الالتزام التام من قبل المجتمع كافة، ولا سيما طلبة المدارس والمعلمين بالبروتكول الصحي المتبع داخل المؤسسات التعليمية.
إنَّ وزارة التربية والتعليم لم تفترض منذ اليوم الأول أنَّ تجربة التعامل مع الجائحة وآثارها -سواء بالالتزام بالبروتوكول الصحي ودليل العودة أو على التعليم الوجاهي أو تعاملها مع منظومة التعلم الإلكتروني وعن بعد- ستكون مكتملة التطبيق ومثالية، لكنها كانت على ثقة أنَّ البداية ستكون واعدة، وستكتمل شيئًا فشيئًا؛ لأن رهانها كان على المعلم والطالب وولي الأمر والشركاء جميعًا.
وإذا كنا نتحدث عن التعليم الإلكتروني أو عن بعد فنحن لا نعني أخذه بديلًا عن التعليم المدرسي، وإنما داعمًا ومعززًا له، يدفع باتجاه أن يكون المتعلم نشطًا، وأن يكون المعلم غير ملقّن في سياق التعلُّم مُتعدِّد القنوات في كل الظروف والحالات الناشئة، وتتطلب عملية التعليم المتمازج تخطيط المعلم لأنشطة صفية تفاعلية مرنة بين الطلاب كالعمل التعاوني، مرتبطة بأنشطة فردية للتعلم مراعيةً الفروق الفردية، ونموّ التعلم عند الطلبة، وكلا الأنشطة تنمي مهارات التفكير العليا، وفي التعليم المتمازج بين التقليدي والإلكتروني توجد ضرورة للتقييم المستمر لأداء الطلبة لإثارة الدافعية وكسر جمود الحصة الصفية.
إن التعلم المتمازج يخدم مهارات القرن الواحد والعشرين، ويربط التعلم الصفي بالخبرة الحياتية، ومنصة الوزارة للتعليم عن بعد تحمل فنيات متطورة وتخضع دوريًّا للتطوير؛ لتعطي مجالًا لتفاعل الطالب والمعلم والنظام التربوي والإدارة التربوية، وتقدم تغذية راجعة للطالب والمعلم عن مستوى الأداء، وتعزز مبدأ التعلم. وتمثل فرصة حقيقية للطالب لاستمرار التعليم، وبالنسبة إلى المعلم فإنه يرى علاقاته التدريسية، ويتمكن من تحفيز طلبته ضمن خطط للتواصل والتفاعل يوفرها النظام؛ ما يرفع من دافعية الطالب للتعلم لإكمال دورة التعلم عن بعد بنجاح. وتوفر تعليمًا طوال الوقت في المُدَدِ المحددة والمنظمة، حيث لا ضياع لوقت التعلم والتعليم، ففي برنامج التعلم عن بعد يكون التعلم من أي مكان؛ إذ يمكن للطلاب الذين ليس لديهم الوقت الكافي اللجوء إلى التعليم عن بعد بوصفه خيارًا متاحًا، ومتابعته في أي وقت.
ونعلمُ أنَّ جائحة وباء كورونا فقط هي التي اضطرتنا إلى الانقطاع عن التعليم الوجاهي خوفًا على صحة المعلم والطالب والمجتمع، ولكنها عودة ستبقى محفوفة بالخطر إن لم تتكاتف جهود الجميع لتوفير سُبل النجاح لها والالتزام التام من الجميع بتطبيق الخطط الموضوعة لطبيعة العودة المتدرجة والتي أبقت لولي الأمر خيار استمرار التعليم عن بعد قائمًا إذا خشي على سلامة ابنه، مع إجراء التقييم لأداء الطلبة وجاهيًّا بعد أن تعلموا عن بعد في تجربة وفرت لهم تعليمًا في ظل انقطاع الملايين من الطلبة في العالم عن التعليم، وكانت تجربة واعدة ستستمر مؤقتًا، وسيُزاوَج بينها وبين التعليم الوجاهي بعد أن أَثْرَت التجربة تفاصليها بشكل مستمر ومتصاعد ،وفي النهاية فإن التزامنا فيه حماية لمؤسساتنا التربوية ومجتمعنا ووطننا الغالي.