الكرك تُغرق… ووزارة الأشغال تكتفي بالمشاهدة

دقيقة واحدة ago
الكرك تُغرق… ووزارة الأشغال تكتفي بالمشاهدة

وطنا اليوم _

ما يحدث في الكرك لم يعد يُحتمل،

ولم يعد قابلاً للتفسير،

ولم يعد يقبل لغة التبرير أو الهروب إلى شماعة “المنخفضات الجوية”.

ما يحدث هو إهمال فاضح،

وتقصير صارخ،

وفشل إداري تتحمّله وزارة الأشغال العامة والإسكان بكامل هرمها، من الوزير حتى آخر مسؤول ميداني.

الكرك لا تُفاجأ بالمطر،

الكرك تُفاجأ فقط بأن الدولة، في كل مرة، لم تكن جاهزة.

المطر ليس عذرًا

العذر الوحيد هو العمل… وهو غائب

في أي دولة تحترم نفسها، المطر ظاهرة طبيعية.

وفي الكرك، المطر يتحول إلى حكم إدانة،

يعرّي الطرق،

ويكشف رداءة التنفيذ،

ويفضح غياب الصيانة،

ويؤكد أن ما نراه من إسفلت ليس إلا قشرة تخفي تحته إهمالًا متراكمًا.

كيف يمكن تبرير:

طرق رئيسية تنهار مع أول سيول؟

حفر تتحول إلى مصائد موت؟

نقاط سوداء معروفة منذ سنوات لم تُعالج؟

الإجابة واحدة، مهما طال الالتفاف حولها:

لا توجد إدارة حقيقية للملف.

وزير الأشغال…

الصمت هنا جريمة سياسية

وزير الأشغال لا يملك رفاهية الاكتفاء بالتصريحات.

ولا يملك حق الاختباء خلف تقارير فنية باردة،

بينما محافظة كاملة تدفع الثمن.

المسؤولية الوزارية لا تعني انتظار الكارثة ثم الظهور بعدها،

بل تعني التخطيط، والجاهزية، والرقابة،

وتعني أن يكون الوزير أول من يُسأل، لا آخر من يُبرَّأ.

الكرك ليست محافظة طارئة على الدولة،

ولا عبئًا على الموازنة،

ولا ملفًا مؤجلًا.

هي جزء أصيل من هذا الوطن،

وأي تعامل معها كمنطقة هامشية هو سقوط أخلاقي قبل أن يكون إداريًا.

مدير أشغال الكرك…

 فالمنصب ليس توقيعًا على معاملات، ولا انتظار تعليمات من العاصمة بعد أن تجرف السيول الطرق، بل حضور ميداني، واستعداد يسبق الحدث لا يلحقه، ومعرفة دقيقة بكل نقطة ضعف، وصيانة مستمرة لا موسمية.

لكن ما ظهر خلال الأزمة الأخيرة لم يكن مجرد تقصير إداري عابر، بل غيابًا واضحًا عن المشهد، ترافق مع شكاوى متكررة من مواطنين وفاعلين ميدانيين بأن هاتف مدير أشغال الكرك لم يكن يُجاب عليه في ذروة الأزمة، في وقت كانت فيه الطرق تغرق، والمخاطر تتضاعف، والناس تبحث عن مسؤول يسمع قبل أن يبرر.

وما يزيد الأمر خطورة، هو أسلوب فوقي في التعامل مع الملاحظات والانتقادات، وكأن الموقع الوظيفي تحوّل إلى حصانة من المساءلة، لا إلى عبء مسؤولية يتضاعف في أوقات الخطر.

وهنا يفرض السؤال نفسه بقسوة لا مفرّ منها:

على ماذا يستند هذا الأداء؟

وأي إنجاز، أو كفاءة، أو سجل إدارة ناجحة، يبرر هذا الغياب والتعامل المتعالي، خصوصًا بعدما كشفت الأزمة الأخيرة ضعف الجاهزية وغياب القرار الميداني؟

فالأزمات لا تُدار بالمزاج،

ولا بإغلاق الهاتف،

ولا بالتعالي على الناس،

بل بالحضور، والانضباط، والشعور الحقيقي بأن المنصب تكليف لا تشريف.

الكرك لا تطلب صدقة …

تطلب حقها

الكرك لا تطلب امتيازات،

ولا مشاريع استعراضية،

ولا زيارات إعلامية بعد الكوارث.

تطلب فقط: طرقًا آمنة، وبنية تحتية محترمة، وإدارة تحترم عقل المواطن.

فالطريق المنهارة ليست أرقامًا في تقرير،

بل حياة إنسان،

وأمن عائلة،

وثقة مهدورة بين المواطن والدولة.

الخلاصة القاسية

من يفشل… يجب أن يُحاسب

الاستمرار في هذا النهج يعني شيئًا واحدًا:

أن الفشل محمي،

وأن التقصير بلا ثمن،

وأن الكرك ستبقى تدفع الفاتورة وحدها.

وهذا مرفوض.

هذا المقال ليس تحريضًا،

ولا شعبوية،

ولا مزاودة.

هو اتهام أخلاقي واضح لمن بيده القرار ولم يُحسن استخدامه.

والسؤال الأخير، الذي يجب أن يُطرح بجرأة: إذا كانت وزارة الأشغال عاجزة عن حماية طرق الكرك… فمن يحمي الناس؟