سميح المعايطة
ماهو مؤكد وواضح للعيان أن مؤسسة الحكم تذهب باتجاه برنامج إصلاحي لا يقتصر على تعديلات على قوانين الانتخاب والإدارة المحلية والأحزاب بل يشمل الأهم وهو صناعة أجواء سياسية جديدة.
وحتى رسالة الملك إلى مدير المخابرات قبل أيام فقد ذهب البعض إلى اعتبارها جزءا من هذا المسار، وهي رسالة ودية جدا من الملك لجهاز المخابرات وثقة وتقدير بدوره، لكنها تطلب تفرغا أكبر للعمل المهني الأمني.
وفي التفكير بصوت مرتفع يسمع المرء عن خطوات قادمة من الدولة تجاه مفردات الدولة وبخاصة المعارضة بأشكالها حتى تلك التي تعاني من جفاء عميق مع الدولة، بل إن البعض ذهب من الآن إلى توقع انتخابات نيابية مبكرة تعقب إقرار قانون الانتخاب الجديد.
كل هذا في سياق التحليل والتوقعات والربط بين ما يجري في الأردن من توجهات سياسية وبين إدارة بايدن الديمقراطية ومحاولة الأردن الانسجام الاستباقي مع المرحلة القادمة.
وفي عالمنا فإن ذكاء اي دولة في المراحل الدولية الجديدة والمختلفة هو في صناعة تحولاتها أو خطواتها التي تناسبها من جهة وأيضا تجنبها إجراء أي تحولات في أجواء ضاغطة أو غير مريحة، ولهذا فإن قراءة القادم والتعامل معه استباقيا يسجل للدول وليس عليها.
لكن الأردن الذي تجاوز مرحلة الحراك والربيع العربي بذكاء وقادت مؤسسة الحكم جملة إصلاحات استجابة لمطالب الناس لايمكنه أن يذهب تحت أي مرحلة إلى تحولات كبرى، فالدولة في تركيبتها السكانية والسياسية وظروف الإقليم ووجود الملف الفلسطيني لايمكنها أن تغير معادلاتها الأساسية، ولا يمكنها أن تغادر مسارا قامت عليه العلاقة بين مؤسسة الحكم والاردنيين، ولا يمكنها أن تضعف أدوار مؤسساتها المفصلية والسيادية أو تغير في جوهر أدوارها، لكن الدولة كما حدث معها في محطات مهمة عام 1988 ثم في فترة الربيع العربي فإنها تذهب إلى خطوات إصلاحية لكنها لاتذهب إلى تحولات تغير هوية الدولة السياسية أو أدوار الأعمدة التي تؤمن للدولة الاستقرار والاستمرار، أو أن تكون التحولات بوابة لاثمان داخلية.
عندما يكون الحديث عن دولة أنهت مائة عام من الحياة في ظل كل المعادلات والمراحل والمؤامرات فإن تحليل اي خطوات أو أحاديث أو توجهات يفترض أن يكون ضمن سياق مسيرة الدولة، فليس هناك دولة تغير جلدها السياسي أو تدير ظهرها للمؤسسات التي كانت سيف الدولة لتدير معادلة مرحلة قصيرة.
والدولة تدرك أن الأردنيين يريدون الإصلاح لكنهم يريدون أن تبقى دولتهم بهويتها وعناصر قوتها، وان تكون اي خطوات تفرضها المراحل إصلاحية لكنها ليست تحولات جذرية باثمان باهظة.