بقلم: مهدي مبارك عبد الله
بعدما استبيحت أقدس الحرمات وتطاولت الوحوش السادرة في الغي من فئة البلطجية والزعران وأرباب السوابق وتجار المخدرات والبسطات وعصابات الأشرار على الدولة وحقوق الناس وأمنهم وحياتهم وحقهم في العيش الكريم بأمن وأمان وبعد حادثة جريمة الزرقاء المروعة للإنسانية جمعا كجريمة نكراء لا تغفر والتي ألهبت مشاعر كل الأردنيين وأثارت غضب وألم واستنكار جلالة الملك ما حدى بمديرية الأمن العام وبدعم وتوجيه مطلق من جلالته إلى تنظيم حملات ومداهمات أمنية مدروسة وغير مسبوقة بالتعاون والتنسيق مع دائرة المخابرات العامة التي قدمت مشكورة الدعم الفني والاستخباري لتطهير كل البؤر والمدن الأردنية التي تشهد انفلاتاً أمنياً وأعمال بلطجة من قبل الخارجين عن القانون وفارضي الإتاوات باستخدام كل أصناف القوة الأمنية المتاحة لإخضاع المخالفين ومداهمة منازلهم وأوكارهم وضربهم بيد من حديد ودون تهاون او رحمة وما تبع ذلك من تأييد كبير لهذه الحملة الأمنية العميقة والواسعة على المستوى الشعبي والاجتماعي ومؤسسات الدولة المختلفة
يعلم الجميع ان الوضع سيء جدا وان ظاهرة البلطجة والزعران منذ عدة سنوات تنتشر وتزداد ترويعا وتحديا مع الاستمرار في ترويج جميع أنواع المخدرات والممنوعات واقتراف مختلف الجرائم وأبشع السلوكيات والدولة متهمة لدى اغلب الناس بأنها لم تقم بأي شيء وان هنالك تخاذل شديد وغير مبرر أو مفهوم وإنها أحيانا كثيرة تغض النظر عن هؤلاء المجرمين مما ساعد في انتشارهم وتثبيت قوتهم في فرض حالة الرعب وانتشار السلاح والتحكم بمقدرات الأمور مما أثار ملايين من علامات التعجب والاستفهام ودفع العديد من الشرفاء إلى فقدان الثقة التامة فى دولة القانون
ما حدث مؤخرا سلّط الضوء على انتشار مفهوم الأتاوى والخاوات وتنامي سلطة الزعران والبلطجية في أغلب محافظات المملكة بل يشاع بان هنالك مناطق تكاد تكون خارج إطار القانون وفيها شرعنة واقعية متكررة لمنطق الخاوات والآتاوات وبعض هؤلاء الزعران أصبحوا من أصحاب المكانة الاجتماعية والمصالح التجارية ويمتلكون شبكة علاقات قوية ونافذة مبنية في جلّها على سمعتهم في عالم العربدة والفتوات وكثيرا من التجار والسواقين والمواطنين وأصحاب المصالح والبسطات يدفعون خاوات وإتاوات شهرية لهم ومن لا يدفع يتعرض للشر والأذى وربما التشويه والموت هناك قاعدة مهمة وجوهرية مفادها ” من أمن العقاب أساء الأدب ” والبلطجية أمنوا العقاب والردع فأساءوا الأدب وأصبحوا دولة داخل الدولة يقتلون ويسحلون ويغتصبون الأعراض ويدمرون الممتلكات ويسطون على الأراضى ويهددون الدولة ذاتها بالويل والثبور وعظائم الأمور
رجال الأمن أحيانا يسوقون مبررات مختلفة عن سر سيطرة البلطجية وأعمال البلطجة فى الشارع وفي اكثر من مكان أبرزها أن القانون يغل أيديهم بقوة ولا يستطيعون كبح جماح البلطجية حين تعجز القوانين والتشريعات فى المواجهة وأن البرلمان بقي مستكين وصامت أمام ما يحدث من قتل واغتصاب وإجرام ولم يبادر بإيجاد تشريعات رادعة وقوية تقف فى مواجهة المروعين لأمن المواطنين الأبرياء حيث لم يتحرك لسن التشريعات القوية التى تمكن رجال الأمن من المواجهة والتصدى للبلطجية بكل قوة وكل ذلك يعكس تراخيا أمنيا وثغرات قانونية تقوي بطشهم تحتاج لمعالجات مختلفة
يجب ان نعترف بان هناك خطر حقيقي على أرواح وأموال وممتلكات وأعراض المواطنين نظرًا لقصور التشريعات وعدم قدرة القوانين على الردع ووقوف الشرطة عاجزة لا حول لها ولا قدرة وبرلمان لا حس له ولا خبر ( وجوده والعدم سواء ) نعم لا توجد قوانين رادعة وقوية لمواجهة البلطجية وعتاة المجرمين فالبلطجي الذى يسطو على ممتلكات الغير ويهددهم بالحرق والإيذاء والقتل ويتحرش بالشرفاء ويبتزهم عند القبض عليه وإحالته للنيابة العامة يتم توقيفه ثم يخرج من السجن أكثر تضخمًا وشراسة ويزيد من عمليات البلطجة لأنه لا يوجد رادع قوي يتصدى له ( وكأن العدالة بتشريعاتها وكما يفهم هؤلاء البلطجية أضحت كسيحة ومصابة بشلل رباعى ) عن حماية امن وسلامة المجتمع وفرض سيادة القانون وهيبة الدولة بما فيها من قوانين متكلسة عفا عليها الزمن وأضرارها أكثر من نفعها مما يعني الحاجة المستعجلة لتعديل قانون العقوبات ووضع عقوبات رادعة على كل من تسول له نفسه العبث بأمن الأردن وترهيب المواطنين
ليس غريب ولا هو سر عجيب وأصبح الشعور العام في الشارع أنّ كثيراً من هؤلاء المجرمين والبلطجية والزعران يتمتعون بـ”حصانة” إذ سرعان ما يتم الإفراج عنهم حينما يتدخل الرعاة الرسميون لهم سواء كانوا نواباً أو شخصيات سياسية مقرّبة من الدولة وان هذه العصابات والشبكات تلقى الدعم والحاضنة والمساندة من بعض النافذين في المجتمع من رجال إعمال ونواب سابقين ومرشحين للانتخابات ومن الذين يقيمون او يستثمرون في هذه الشبكات الإجرامية المنظمة لتمرير مصالحهم الخاصة والجميع يعرفون جيدا من ينظمهم ومن يحميهم ومن يوفر الغطاء القانوني والإداري لإخراجهم من التوقيفات ومن هم المتعاونون والمخترقون من بعض ضعاف النفوس في مديريات الشرطة والمراكز الأمنية وسلطة الحكم الإداري في بعض المحافظات وقد أحسن معالي وزير الداخلية توفيق الحلالمة صنعا بقراره عدم تكفيل أي من الموقوفين الإداريين الآ بأمر شخصي منه بقصد سد الثغرات والتجاوزات والواسطات والمحسوبيات التي تغذي استمرار هذه المشكلة التي تؤرق المجتمع بكافة شرائحه وتهدد حياة الناس لهذا كله نحن اليوم بحاجة أكبر ( لقطع رأس الأفعى وليس ذيلها )
من هنا يجب ضرب رؤوس هؤلاء الفاسدين بمطارق من الفولاذ والدعس على رؤوسهم في الشارع حتي يعودوا الى رشدهم ويعرفوا ان الدولة الأردنية من قمة راس الهرم جلالة الملك الى الأسود والنشامى من شرفاء الأردن من الأمن العام وفرسان الحق المخابرات العامة جاهزون للمواجهة والتحدي وقادرون على حماية الوطن وأبنائه
أن “جريمة ” فتى الزرقاء ليست الأولى ولن تكون الأخيرة لكنها الأبشع التي قيض الله لها إنسان حر وشريف صورها ونشرها لتصيخ مسألة رأي عام مكلوم فقد سبقها الكثير وسيتبعها الأكثر ان بقى الحال مجرد حملات موسمية وهبات وفزعات ثأرية لحدث جلل حين يلملمون عدد من البلطجية والزعران ويتحفظون عليهم ايام معدودات او شهور ثم تهدأ الامور ويعاد إطلاقهم بين الناس ليعيثوا فسادا وإجراما وانتقام من جديد خاصة بعدما أصبح البلطجية وفارضو الإتاوات الذين يعتدون على المجتمع يتكاثرون وغدى بعضهم نموذجاً وقدوةً يحتذى من بعض الشباب المراهقين وهذا نذير خطر كبير وعظيم وقد نستفيق يوما ما على جريمة أخرى اكثر بشاعة و هكذا دواليك
المأمول والمطلوب ان يتم وضع حل جذري لهذه الظاهرة وتجفيف منابعها وان تنتهي هذه الحملة بإخضاع جميع الشبكات المنظومة والمتكاملة لفارضي الاتاوات وزعران الشوارع وبلطجية الأحياء الشعبية خصوصا في مدينتي عمان وجنوبها ومدينتي الزرقاء والرصيفة وبعض محافظات الجنوب وحتى بعض مخيمات اللاجئين وبعض مناطق البادية وان تبقى هذه الحملة مستمرة كنهج يومي وليست مجرد ردة فعل على حدث معين وأن يكون المعيار والحد الفاصل والوحيد هو تطبيق القانون حتى لا تبقى الناس حريصة على تفقد قنواتها ومسدساتها ورشاشاتها كما تتفقد أبناءها خوفا من ضحية جديدة وصالح آخر تقطع يديه او رأسه في محافظة أخرى
وماذا بعد ان أصبحت ( الجرذان خلف القضبان ) الحقيقة المؤكدة ان الإجراءات الأمنية وحدها لا تكفي لمعالجة هذه المشكلة فلا بد من تضافر كافة الجهود الرسمية والشعبية لمحاولة إصلاح هذه الفئة ما أمكن الى ذلك سبيل وقبل ذلك لابد من إجراء دراسة علمية متخصصة لمعرفة أسباب العنف والتنمر والانحراف ومحاولة معالجتها بالإضافة الى تعديل الإجراءات المتبعة بمراكز الإصلاح على أمل ان تكون بمثابة تهذيب لهؤلاء المجرمين
نقول حقا وصدقا ان كل الإجراءات التي اتخذت والتي تتخذ تشكل خطوة ايجابية وان هذا التوجه الأمني الجديد لمديرية الأمن العام في هذا الوقت بالذات مهم جدا وضروري خاصة بعد تكرار جرائمهم ووقوع جريمة الزرقاء التي دفعت لإثارة ملفهم وكانت القشة التي قسمت ظهر البعير لملاحقتهم وكسر شوكتهم ولابد لجهاز الأمن العام ان يبقى بالمرصاد وان يضع خطط واستراتيجيات ويخصص قسم مستقل داخل إدارة البحث الجنائي لمتابعة ومراقبة هؤلاء الأشخاص على مدار الساعة سواء أثناء وجودهم داخل السجون او خارجها بين المواطنين إضافة الى تفعيل قانون منع الجرائم المعمول به لدى الحكام الإداريين بصورة اكبر وعدم الإفراج عنهم الى إشعار آخر وربطهم بالاقامات الجبرية الطويلة
وفي الختام كل الشكر والتقدير للأجهزة الأمنية على تضحياتها من أجل حماية المواطن من الخارجين عن القانون ونطالب القوى الأمنية باستعمال أقصى أنواع الخشونة وإظهار القوة والقسوة بحقهم في الشارع ادعسو على رؤوسهم مهما كلف الثمن حتى لا نبقى نعاني من انتشار العصابات والخاوات والانفلاتات الأمنية والتطاول على هيبة الدولة والأمن الوطني والقانون وعدم التراخي في تطبيق القانون فلا رجعة عن تنظيف البلاد وتطهيرها من العصابات والمتطاولين والمجرمين والبلطجية فھو المدخل الرئیس للجمهم وتخليص المجتمع من شرورهم