وطنا اليوم:شُيِّع عالم الحديث الشريف التركي محمد أمين سراج إلى مثواه الأخير، الأحد 21 فبراير/شباط 2021، بعدما أديت عليه صلاة الجنازة في مجلس الفاتح بوسط مدينة إسطنبول، بمشاركة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بالإضافة إلى عدد كبير من المسؤولين.
إلى جانب أردوغان، شارك في صلاة الجنازة رئيس البرلمان التركي مصطفى شنطوب ونائب الرئيس فؤاد أوقطاي، ووزراء العدل عبدالحميد غل والداخلية سليمان صويلو والصحة فخر الدين قوجة والنقل والبنية التحتية عادل قره إسماعيل أوغلو، وكذلك مسؤولون ونواب.
وفي كلمة له عقب صلاة الجنازة، ترحم أردوغان على روح الفقيد، مبيناً أنه تعرف على سراج منذ سنوات طويلة، مشيراً إلى أنه كان يزور الشيخ سراج بين فترة وأخرى، وكان يستفيد كثيراً من نصائحه وإرشاداته.
تسابق على التعازي
كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وعلماء مسلمون وجهات عدة، قد بادروا السبت، إلى نعي ورثاء عالم الحديث التركي البارز محمد أمين سراج، الذي وافته المنية عن عمر ناهز 90 عاماً، قضاه في خدمة الإسلام.
ففي تغريدة عبر “تويتر”، قال أردوغان إن “العالم الشيخ محمد أمين سراج بذل جهوداً كبيرة من أجل نيل رضا الله في كل مرحلة من مراحل عمره”. وأضاف: “أدعو الله تعالى أن يتغمد برحمته العالم سراج، وأن يجعل مثواه الجنة”.
كذلك فقد عبّر نائب الرئيس التركي، فؤاد أقطاي، ورئيس البرلمان مصطفى شنطوب، الجمعة، عن تعازيهما بوفاة محمد أمين سراج، أحد أبرز علماء الحديث في البلاد.
إذ قال أقطاي في تغريدة عبر تويتر: “أسأل الله الرحمة لشيخنا سراج، أحد أكبر علماء الحديث الأتراك، بمناسبة انتقاله إلى الدار الأبدية”.
من جانبه، أفاد شنطوب في تغريدة، بأن “العالم والمعلم الكبير، الأستاذ الذي ربى أجيالاً كثيرة، وأفنى حياته في هذا السبيل، محمد أمين سراج، رحل إلى دار البقاء”.
الشيخ يوسف القرضاوي، الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، نعى سراج قائلاً: “رحم الله فضيلة الشيخ أمين سراج كبير علماء تركيا، وزميل الدراسة القديم، وخريج كلية الشريعة بالأزهر الشريف”.
أضاف القرضاوي في تغريدة عبر “تويتر”: “كان الراحل يتوقَّد حيوية وحماسة ونشاطاً في سبيل الدعوة إلى الإسلام”.
كما نعاه الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، علي القره داغي، قائلاً عنه: “في زمن مكفهر، حيث يُحارَب الإسلام ويلقى الدين وأهله أشد أنواع التنكيل، وُلد السراج المنير والأمين الطيب”.
أضاف القره داغي في رسالة تعزية نشرها على “فيسبوك”: “لقد عرفت الإمام النقي منذ سنوات طويلة واستفدت منه، كان قِبلةَ هداية ومحورَ خيرٍ ورجلَ علم، جمع بين الشريعة والحقيقة وبين الفقه والفكر، وكان بحراً في العلوم الإسلامية”.
كذلك نعى الراحلَ الأمينُ العام للمؤتمر الإسلامي الدائم للشريعة والقانون في لبنان رئيس جامعة طرابلس رأفت محمد رشيد الميقاتي، قائلاً: “كان- رحمه الله- من أئمة الهدى في الأرض، وكان موئل أفئدة أهل الدين وطلبة العلم الشريف”.
أضاف الميقاتي في بيان: “لقد رحل أحد كبار المرشدين الربانيين المعاصرين الذين تركوا بصمة واضحة في تركيا، تربية وتعليماً، دعوةً وإرشاداً، بل كان مرجعية الجماهير الإسلامية الواسعة على اختلاف مشاربها، ممن يؤمنون بأن الدين عقيدة وشريعة وسلوك، ودين ودولة”.
من موريتانيا، قدّم العلامة المعروف الشيخ محمد الحسن الددو تعازيه لتركيا والعالم الإسلامي بوفاة سراج.
وقال الددو، وهو أيضاً رئيس مركز تكوين العلماء بموريتانيا في رسالة تعزية نشرها على “تويتر”: “نسأل الله أن يكتبه في عليِّين وأن يرفع درجاته في الصالحين ويرزقه مرافقة النبيين والصديقين والشهداء، وأن يبارك في أهل بيته وطُلابه ومُحبيه أجمعين”.
أما من سوريا، فنعى رئيس “رابطة العلماء السوريين” السابق، الشيخ محمد علي الصابوني، سراج، قائلاً: “تودع أمتنا الإسلامية، اليوم، عَلماً من أعلامها، وطوداً منيعاً من أطوادها، وركيزة شامخة حوَّلت وغيَّرت وصنعت في تركيا عزة الإسلام، فكانت خير الداعي وخير المُوجِّه”.
وأضاف في بيان عبر “فيسبوك”، مشيداً بخصال الراحل: “تعلَّم وعلَّم، وتأدَّب فأدَّب، وتخرَّج وخرَّج، حتى أضحى كالشمس في رابعة النهار”.
من الهند، قال الداعية سلمان الحسيني الندوي، أحد كبار علماء ومفكري الهند، في تسجيل مصور: “تلقينا نبأ مفجعاً بوفاة العالم الجليل والداعية المجاهد والمُحدث والمفسر الكبير والفقيه الأصيل الشيخ محمد أمين سراج”.
أضاف الندوي: “إنا لله وإنا إليه راجعون، كان سراج صاحب همة عالية ورجل التعليم والتربية والإصلاح”.
أما من جنوب إفريقيا، فقال محمد سلوجي، الذي يعمل في قسم الاستشارات الشرعية بـ”البنك الوطني الأول” (مقره جوهانسبرغ)، ناعياً الراحل، إن “سراج عمل على تدريس صحيح البخاري ومختلف كتب الحديث لعقود”.
بيانات التعازي والرثاء لم تقتصر على علماء الأمة البارزين، بل تعدَّتها إلى جهات ومؤسسات إسلامية حرصت على رثاء الراحل.
إذ قالت “رابطة علماء فلسطين”، في بيان: “نتقدم من الأمة العربية والإسلامية عامة، ومن الشعب التركي خاصة، بأحر التعازي بوفاة فضيلة العلّامة الكبير محمد سراج”.
أضافت الرابطة: “أفنى سراج، وهو من أبرز علماء الأمة والشعب التركي، حياته من أجل خدمة الإسلام والمسلمين، ومن أجل الدعوة إلى الله ونصرة دينه وخدمة القضية الفلسطينية”.
كما قدَّمت حركة “حماس”، “وافر العزاء لتركيا، قيادةً وشعباً، بوفاة العام الكبير محمد سراج”.
قال القيادي في الحركة سامي أبوزهري، في تصريح مقتضب نشره على “تويتر”، إن “سراج من أبرز علماء الحديث، وهو ممن أفتوا بتحريم التنازل عن أي جزء من أرض فلسطين، رحم الله الشيخ ونفع الأمة بعلومه”.
فيما نعت جماعة الإخوان المسلمين أيضاً سراج، قائلة: “نتقدم بخالص العزاء والمواساة لدولة تركيا وشعبها وللرئيس رجب طيب أردوغان، وإلى أسرته الكريمة وذويه وإخوانه وتلاميذه ومحبيه حول العالم”.
أضافت الجماعة، في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني: “يعد سراج من أبرز علماء تركيا، وتوفي بعد حياة حافلة بخدمة الإسلام والدعوة إلى الله وتربية الأجيال، ودعم ومناصرة قضايا المسلمين في كل مكان وفي مقدمتها القضية الفلسطينية”.
درس في الأزهر الشريف
يُذكر أن سراج توفي عن عمر 90 عاماً، وبدأ حفظ القرآن الكريم في السادسة من عمره ببيت جده. وبين عامي 1940 و1943 درس في مسقط رأسه بولاية طوقات التركية، ثم أرسلته أسرته إلى إسطنبول؛ لمواصلة تعليمه.
بعد ذلك عاش الشيخ سراج بمصر 8 سنوات بعدما هاجر إليها في عام 1950، ليدرس بالأزهر الشريف، حيث درس الثانوية الأزهرية ثم درس على يد محمد زاهد الكوثري، ثم التحق بكلية الشريعة الإسلامية بالأزهر الشريف وحصل على الإجازة منها.
أما في إسطنبول فدرس علمَي التفسير والحديث، وحصل على أول إجازة في الحديث عن سلسلة المحدث الحاج فرحات ريزوي على الشيخ سليمان أفندي.