بقلم العميد المتقاعد صالح الشراب
هناك تعاريف كثيرة للإشاعة عالمية ومحلية ..
والتعريف الأكثر تداولًا هو ان الإشاعة :كل خبر ، يحتمل الصدق ، مجهول المصدر ، فاقد على دليل صحته ، يتناقله الأفراد لصلته بموضوع او عدة موضوعات مهمة بالنسبة لهم ، يتم الترويج له بوسائل متنوعة بهدف تقبله حتى يخدم أهداف الجهة التي خلقته او أنشأته ..
تمر الإشاعة بثلاث مراحل حتى توتي ثمارها :
خلق او صنع الإشاعة وانطلاقها بادراك تام لصانعيها ومختلقبها..
النشر للإشاعة ونقلها وترديدها وذلك بادراك ودون ادراك وتذكر وإدراك معاً ..
تبليغ الإشاعة او وصولها الى المتلقين حيث تبدا عملية ( السرد ، والرواية ) .
يقول الاستاذ مصطفى الدباغ :
ان الأهمية ( موضوع الإشاعة ) يجب ان يكون مهما ..
والغموض اي ان الأخبار تكون غامضة مقتضبة او متضاربة او ليست موقوفة .
ووضع الأهمية والغموض هما اللتان يحددان شدة الإشاعة …
اذا : الأهمية التي تتحلى بها الاشاعة وغموضها وضبابيتها تنتج اشاعة ذات وقع اكثر تاثيراً واكثر شدة ..
الإشاعة .. أهدافها عديدة ومتنوعة .. خاصة وعامة داخلية وخارجية .وبالتالي الإشاعة خطر وأثرها كبير على معنويات الأمة ومعنويات الشعب ومعنويات الجنود وتناقل الإشاعة مدمر فتاك
ولخطورة الإشاعة وعظيم اثرها كرست الدول الأجهزة الخاصة لمقاومتها وتطويقها والقضاء عليها بأساليب علمية مدروسة ..
تهتم الدول بمستوى الثقة وكسب ثقة المواطن بمصادر الاعلام وتدعيم الإيمان والعقيدة والعلم والثقافة ..
اما وسائل مقاومة الإشاعة
وجود اجهزة مختصة لتفنيد الإشاعة رصدها وتحطيم مصداقيتها .
دحض الشائعات بواسطة الأخبار وابراز الحقائق وإصدار البيانات وتنوير الشعب بالحقائق
تحليل الشائعات للوصول الى الأسباب الكامنة وراء الإشاعة ..والوصول الى مروجي الإشاعات والشائعات لإسكات المصدر او المصادر ..
توعية الشعب بخطورة تداول الإشاعات وعدم تناقلها او ترديدها
تحصين الجماهير بخطورة الإشاعات بالعلم والمعرفة
والتربية الأخلاقية السليمة والابتعاد عن الثرثرة والقيل والقال.. وتناقل الإشاعات وإعادة إرسالها او اعادة إلصاقها او اعادة نشرها ..
ان اقوى وسيلة للتحصين وحماية الشعوب من الإشاعات الهدامة هي بناء الثقة بين الشعب في مصادر الاعلام الوطنية وذلك لاحقاق الحق وابطال الباطل في ظروف كما هي هذه الظروف .. ظروف الحرب ضد انتشار جائحة كورونا …
ان عملية التنسيق بين اجهزة الدولة واجهزة وسائل الاعلام المختلفة والمتنوعة في الدولة الواحدة وتوحيد الإنتاج الإعلامي .. وذلك للابتعاد عن التناقضات لانه في حال اذا كان هناك اختلاف وتناقص في وسائل الاعلام فهو سبب من أسباب اثارة الخيال وامتداد حلقة الإشاعات .. وسرعة تداولها ..
وهنا لابد من تحسين مستوى البث الإعلامي والإخباري من وكالات الأنباء المحلية والإذاعة ( وهي عديدة ومتنوعة ) والتلفزة المحلية والصحافة الإلكترونية .. مما يزيد ثقة الشعب بها فيعتبر المصدر الأول والأخير للحصول على الحقيقة واعتماد جميع عناصر المصداقية والشفافية ..
بعض وسائل الاعلام والمحطات الإعلامية ( ولا اعمم ) ..تشطح في تقاريرها ومقابلاتها نكهة التحدي والمغالاة ونشر حالة التهويل والمزايدة في التخويف بل ساعدت في شطح بعض من تكلموا الى اتخاذ أساليب ممنوعة لجلب الأموال .. وهذا بحد ذاته يثير الإشاعة ويقوض ما تقوم به الدولة مجتمعة في الحد من هذا الوباء ..
لقد اجبرت الاجراءات في ظل الجائحة المواطنين الى اللجوء بشراهة الى مواقع التواصل الاجتماعي وهذا يتطلب توعية والتحقق من كل ما يبث وينشر عبر هذه الوسائل بمختلف انواعها ومصادرها … وهذا يحتاج الى توحيد مصادر الاخبار وبثه بشفافية ووضوح حتى يتسنى دحض الشائعات والحد منها .. والتي من الممكن ان تكون وبالاً على المجتمع والدولة على حد سواء ..
ان الاجراءات الذي تطبق الان في ظل الحد من انتشار هذا المرض .. وما يأتي معه من ملل وخمول وانتظار وترقب فهذا كله يعتبر بيئة خصبة يغذي نبات الإشاعة الشريرة، ويشعل نارها ، ويسعر وهجها .. . ونعلم جميعاً ان العمل والعلم والبناء والإنتاج هو هادم الإشاعات وقص حدودها .. وكذلك اخذ المعلومة او المعلومات والاخبار من مصدرها الموثوق الغير متناقض .. يساعد للحد من انتشار الاشاعة ..
ان تماسك المجتمع ووقوفه جدارًا صلبًا في وجه الإشاعة يعتمد اعتمادًا كليًا على الإيمان القوي فالقران الكريم قال ( والذين هم عن اللغو معرضون .. ) وقال ( وإذا سمعوا اللغو اعرضوا عنه …) وقال عز وجل ( يا أيها الذين امنوا ان جائكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ..)
وقال سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام ..( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً او ليصمت )
وقال ( كفى بالمرء كذبًا ان يحدّث بكل ما سمع )
تلك هي التربية الشعبية الجماهيرية بالتضافر مع سائر وسائل اجهزة الدولة للعمل معا على التحصين الفعال ضد أساليب الإشاعة وطرقها العديدة ….
عضو مجلس محافظة العاصمة