الضمان الاجتماعي.. فرص وتحديات

دقيقتان ago
الضمان الاجتماعي.. فرص وتحديات

الخبير موسى الصبيحي
– الضمان ناجح ومستدام ويحتاج إصلاحات حقيقية.
– قانون الضمان يمنع الوصول لنقطة تعادل النفقات مع الاشتراكات.
– ( 8.3 ) مليارات دينار فوائض مالية تأمينية تراكمية منذ نشأة الضمان.
– لا أنصح بإلغاء التقاعد المبكر وإنما ضبطه وترشيده.
– تعديل “الضمان” حتمي ويجب أن يطبخ على نار هادئة.
– تحسين رواتب التقاعد الضعيفة مسؤولية الضمان والحكومة معاً.
– مؤشرات الدراسة الإكتوارية واضحة والفائض التأميني مستمر ل (6) سنوات قادمة.

ما الوضع المالي للضمان.؟

أكد خبير التأمينات والحماية الاجتماعية موسى الصبيحي بأن الأوضاع المالية لمؤسسة الضمان جيدة، وأنها لا تزال تحقق فوائض مالية جيدة من الاشتراكات، ولم تستعن حتى الآن بأي مبالغ من عوائد استثمار أموالها، كما لم تحتج منذ نشأتها وحتى تاريخه إلى أي دعم مالي من الحكومة، وظلت ولا تزال تموّل نفسها بنفسها وتدفع نفقاتها التأمينية والإدارية وغيرها من الاشتراكات المترتّبة على المؤمّن عليهم وأصحاب عملهم، وتحوّل الفوائض المالية السنوية من الاشتراكات إلى صندوق استثمار أموال الضمان لكي يتم استثمارها في أوجه الاستثمار المختلفة، كاشفاً أن الفوائض المالية التأمينية للمؤسسة منذ نشأتها حتى نهاية العام 2024 بلغت حوالي ( 8.3 ) مليارات دينار من ضمنها ( 5 ) مليارات دينار للسنوات العشر الأخيرة 2014 – 2024.

وأوضح خلال استضافته في ندوة نظّمها منتدى جبل العتمات الثقافي وجمعية مشكاة الرحمن الخيرية في قاعة بلدية جرش برعاية رئيس اتحاد الجمعيات الخيرية في المحافظة زيد الزبون وأدارها م. خلدون العتمة بعنوان ( الضمان الاجتماعي.. فرص وتحديات ) بأن الفوائض المالية التأمينية المذكورة تمثل الفارق بين الاشتراكات من جهة والنفقات التقاعدية والعامّة من جهة أخرى، مبيّناً أن ضغط النفقات التقاعدية المتزايدة بسبب الإحالات المُفرٍطة على التقاعد المبكر التي شهدها القطاع العام خلال السنوات الست الأخيرة أدّت إلى تناقص ملحوظ في الفائض التأميني السنوي، إذ شكّلت نفقات مؤسسة الضمان في العام 2024 حوالي ( 86 % ) من إيراداتها التأمينية. فيما كانت قبل عشر سنوات ( في العام 2014) لا تشكّل أكثر من ( 63 % ) من الإيرادات.

ما مؤشّرات الدراسة الإكتوارية.؟

وأوضح قائلاً؛ بأنه بالرغم من تزايد نفقات الضمان التقاعدية والعامة إلا أن قانون الضمان يمنع الوصول إلى نقطة التعادل ما بين هذه النفقات من جهة والإيرادات التأمينية (الاشتراكات) من جهة أخرى، وسيستمر تحقيق فوائض تأمينية ل (6) سنوات قادمة على الأقل، كما ستلجأ الحكومة ومؤسسة الضمان لاتخاذ الإجراءات اللازمة للحؤول دون تعادل النفقات مع الإيرادات التأمينية من خلال تصويب السياسات والتشريعات بما يضمن الحفاظ على ديمومة النظام التأميني للمؤسسة وتعزيز مركزها المالي، وهو ما يعني أن لا خوف على الضمان واستقراره واستدامة أوضاعه المالية. مهما كانت مؤشرات ونتائج الدراسة الإكتوارية الحادية عشرة المنتظرة، والتي أتوقع أن تؤشّر إلى احتمالية أن تتعادل نفقات المؤسسة مع إيراداتها التأمينية خلال العام 2031 / 2032.

هل سيتم تعديل قانون الضمان وما التعديلات المرتقبة.؟

وأضاف بأنه على يقين بأن يشهد مطلع العام القادم وبعد أن يتم الكشف عن نتائج الدراسة الإكتوارية الحادية عشرة طرح مشروع قانون معدّل موسّع لقانون الضمان، وتمنّى بأن يُطبًخ المشروع على نار هادئة لكي يأتي ناضجاً، متوقّعاً أن يتضمّن تعديلات تخص التقاعد المبكر ضبطاً أو إلغاءً عن فئات محددة من المشتركين ولا سيما الجدد.
مؤكّداً أنه ليس مع إقفال نافذة التقاعد المبكر كليّاً وإنما مع الإقفال الجزئي والضبط، وأنها يجب أن تظل مفتوحة للاستجابة للكثير من الحالات التي تخرج من سوق العمل بعد فترات اشتراك طويلة دون أن تجد فرص عمل جديدة مواتية بأجور تحافظ من خلالها على مكستباتها في الضمان، ولا يكون أمامها سوى اللجوء إلى طلب التقاعد المبكر، فبقاؤه ضروري وإلغاؤه بالكامل سيؤدي إلى تراجع في مستوى الحماية الاجتماعية للأفراد والأُسَر.
كما قد تتضمن التعديلات رفع مدة الحد الأدنى من الاشتراكات المطلوبة لاستحقاق راتب تقاعد الشيخوخة. وكذلك إعادة النظر بشروط التقاعد للعاملين في المهن الخطرة، كما من المتوقع أن يتم إعادة هيكلة تأمين التعطل عن العمل والحساب الإدّخاري للمؤمّن عليه في صندوق التعطل. وكذلك سيتم التوسع بقاعدة المشمولين بمظلة الضمان واستيعاب الأشكال الجديدة للعمل عن بعد والعمل المرن والأعمال الحرّة. ومن التعديلات المتوقّعة أيضاً إعادة حوكمة مؤسسة الضمان وإخراجها من عباءة ديوان الخدمة والإدارة العامة ونظام إدارة الموارد البشرية في القطاع العام. وقد يكون هناك تعديل على معامل المنفعة الخاص باحتساب راتب التقاعد. وكذلك تعديل على آلية زيادة التضخم السنوية لمتقاعدي الضمان.
ودعا إلى ضرورة التأنّي في دراسة التعديلات وآثارها الاجتماعية والاقتصادية وإطلاق حوار اجتماعي موسّع حولها للوصول إلى تعديلات توافقية سليمة.

ما أبرز التحديات أمام الضمان.؟

وفيما يتعلق بالتحديات أوضح الصبيحي بأن أكبر التحديات تتمثل في الآتي:

١) البطالة وضعف قدرة الاقتصاد على خلق فرص عمل. الامر الذي ينعكس على خفض إيرادات مؤسسة الضمان التأمينية بالمقارنة مع تنامي نفقاتها التقاعدية.

٢) ظاهرة التهرب التأميني التي تُقدّر بما لا يقل عن ( 22% ) من إجمالي المشتغلين.

٣) تشوّهات سوق العمل وعدم القدرة على تنظيم العمالة الوافدة ما أضعف نسبة المشتركين منها بالضمان بصورة كبيرة.

٤) الإحالات المفرِطة إلى التقاعد المبكر قسرياً لموظفي القطاع العام. ما أدى إلى إحداث خلل في النظام التأميني وتصاعد كبير في فاتورة التقاعد.

٥) ضعف العائد على استثمار أموال الضمان الذي يتراوح حول أل 5%. وهو أقل بكثير من المستهدف إكتوارياً الذي يجب أن لا يقل عن 9%.

٦) التأمين الصحي الاجتماعي. وضرورة العمل على تطبيقه خلال الفترة القادمة، في إطار سيناريو مدروس بعناية وبالشراكة مع الحكومة ودعمها.

٧) ضعف حوكمة مؤسسة الضمان، وعدم وضوح المسؤوليات والصلاحيات وربما تداخلها، وكذلك انعكاسات إدراجها في المشروع هيكلة القطاع العام الذي نفّذته الحكومة منذ العام 2012 وأفقدَ للمؤسسة جزءاً كبيراً من استقلاليتها.

هل سيتم رفع الحد الأدنى لراتب التقاعد.؟

وفيما يتعلق بتحسين الرواتب المتدنية لمتقاعدي الضمان، قال الصبيحي بأنه لا يجوز أن ينتج عن النظام التأميني للضمان إثراء لبعض المؤمّن عليهم بحصولهم على رواتب تقاعدية باهظة، فيما نسمح بوصول البعض إلى حد الكفاف الاجتماعي والفقر بحصولهم على رواتب تقاعدية ضعيفة لا بل ومتدنيّة جداً لا توفر لأصحابها حد الكفاف، فضلاً عن حد الكفاية الاجتماعية. كاشفاً عن مسارين لفئتين مما ذُكر من متقاعدي الضمان حالياً؛ المسار الأول لحوالي (9.4%) من العدد التراكمي لمتقاعدي الضمان يتقاضون رواتب تزيد على (1000) دينار شهرياً وعددهم يصل إلى حوالي (36) ألف متقاعد. والمسار الثاني لحوالي (9%) من متقاعدي الضمان وعددهم يصل إلى حوالي (32) ألف متقاعد يتقاضون رواتب تقل عن (200) دينار شهرياً لتلامس خط الفقر المدقع. مما يدعونا للإصرار على إنفاذ الفقرة “أ” من المادة ( 89 ) من قانون الضمان برفع الحد الأدنى الأساسي لراتب التقاعد وراتب الاعتلال بمقدار يقلّص قليلاً من الفجوة الهائلة، ويسهم في النقل التدريجي لذوي للرواتب المتدنيّة من العيش في مستوى الكفاف إلى العيش عند حدود مستويات الكفاية الاجتماعية. وتوقّع الصبيحي أن تفكّر المؤسسة جديّاً برفع الحد الأدنى لراتب التقاعد وراتب الاعتلال خلال العام القادم، بالتزامن مع تقديمها لمشروع قانون معدّل موسّع لقانون الضمان الاجتماعي لسنة 2025.

وفي نهاية الحديث شهدت الندوة العديد من مداخلات الحضور وأسئلتهم التي تركزت حول التقاعد المبكر ومختلف القضايا التأمينية والاستثمارية لمؤسسة الضمان ومستقبل الضمان وأوضاعه المالية وتعديلاته المرتقبة على القانون.