بقلم: د.مرام ابو النادي
هناك مقولة لطيفة تقول: من يقرأ كأنه يعيش آلاف المرات ومن لا يقرأ يعيش لمرة واحدة؛ فالقراءة مهارة أساسية تحقق عملية التعلم؛ فهي لا تكون في أوقات الفراغ بل هي أولوية في الحياة. فكم شعرنا بالخجل من أنفسنا كلما نظرنا إلى كتاب مركون على طاولة في غرفتنا!!.
نسبة كبيرة لا شك تفضّل أن تتلقّى المعارف سماعيا عن طريق سرد خبرات الآخرين وتلقيها – أعتقد أن الاستماع مهارة جيدة في تحصيل المعارف لكنها ليست شخصية- فإن أردت أن تعرف سبب عزوفك عن تعلم شيء جديد بالقراءة؛ فعليك أن تسترجع بعض ذكرياتك المتعلقة بمهارة القراءة في طفولتك، لا سيما تلك التي تجبر عليها في حلقات القراءة الحرة في الصف أمام زملائك، حينما يحين دور قراءتك بصوت مرتفع، وهذا من شأنه أن يهدد ثقة الكثيرين بأنفسهم لأسباب عديدة .. هذا سبب و قد يكون هناك سبب آخر يتعلق بوضعية الجلوس أثناء القراءة فهي عادة وضعية مقيدة لأجسادنا حيث الثبات لزمن ليس بالقصير، علما أن الدماغ أثناء القراءة يحتاج إلى الأكسجين وجميع أعضاء الجسم تخدم الدماغ بالأكسجين بدءا من الأنف و الفم و الرئتين …
عندما نتعلم شيئا جديدا بالقراءة غالبا ما ننسى ما قرأناه؛ فنلجأ إلى الإعادة؛ قد تظن أن هذه الآلية ( الإعادة) أمرا سيئا لكن اطمئن؛ فأنت تفعل ذلك؛ لأن هناك مهارات لم تتمكن منها كالتذكر أو الاستيعاب، فحتى تتمكّن من عملية اكتساب المعرفة ( التعلم) يتوجب عليك أن تسأل نفسك ثلاثة أسئلة : كيف يمكن أن أستخدم هذه المهارة؟ وهذا السؤال يتعلق بالآلية الصحيحة، ولماذا يجب أن أستخدمها؟ وهذا السؤال يتعلق بالإبداعية ؟ ومتى يجب أن أستخدمها؟ ويتعلق بالوظيفية من مهارة القراءة و التعلم في حياتك ككل.
نستطيع اعتبار القراءة تمرينا للدماغ، فكثيرون يسألون: كيف يمكننا المحافظة على أدمغتنا شابة أي لا يصيبها التلف أو الخرف؟؟ نعم بالقراءة، وللأسف يفضل المعظم الانشغال في أعمال الحياة المختلفة؛ لذلك يجدون صعوبة في إيجاد الوقت الكافي للقراءة و التعلم وهناك من يجدون في القراءة عادة سهلة لأنها باتت جزءا من حياتهم.
يجب أن تتمرن على التعلم بالقراءة، لأنك عبارة عن نظام مكون من ثلاثة أقسام: الدماغ، القلب، و اليد. فالدماغ حيث المعلومات و القلب حيث الإلهام و العاطفة أما اليد فهي رمز لتوظيف ما تعلمته بشغف ودافع في حياتك. عليك البدء بخلق عادات جديدة فبالأسباب تُجنى النتائج. Reasons reap results.
نستطيع خلق العادة ( التعلم بالقراءة) عن طريق الدافع، كما ذكرت سابقا لأنك ستجني الكثير لنفسك وبنفسك، ولكن تأكد أن لا يكون الدافع إثارة اهتمام الآخرين بك. فكل من حولك سيكون لطيفا معك سواء كنت متعلما أم غير متعلم، ولكن ليس كل من هم حولك سيكونون عطوفين مانحين لك الحقيقة بالنقد العلمي الصحيح وهذا ما قد يؤلمك إن لم تكن متعلمًا .
هل تقرأ ببطء؟ ليس بالأمر الجيد؛ ببساطة لأن عقلك كالحاسوب بسعة ضخمة، وكلما مرت عليه كلمات أكثر كان جاهزا أكثر للاستيعاب؛ Inner Talkفقراءتك ببطء تشبه أن تقوم بحديث داخلي في رأسك
ولك أن تتصوّر ذلك الحديث الداخلي برأسك كم سيكون مضحكا إن تم ببطء !!! كأنك تستمع إلى أغنية مسجلة ممطوطة الكلمات .
أما عن أنواع القراءة وفقا لشكلها؛ فقد تكون ورقية، رقمية، و صوتية ولكل واحدة ظروف في استخدامها فإن كنت في العمل فالصوتية مناسبة أما إن كنت في حافلة فالرقمية الأفضل و إن كنت مسترخيا فالورقية الأكثر متعة ولكن المفتاح الرئيس للقراءة جميعها هو التركيز.
أما عن نمط الاستخدام الشخصي للقراءة في التعلم ، فهناك من يحركون شفاههم أو من يستمعون إلى الموسيقى أو من يلجأون ألى العد بالقراءة .. وهناك من يستخدم القلم ليخطط تحت ما يقرأ أو يستخدم الأصبع ليتتبع الكلمات أو ( مؤشر الحاسوب) فكلها أدوات بصرية
.Visual Baseمفيدة إن كانت تحقق درجة أعلى من الاستيعاب وتعرف
التعلم عملية مستمرة ولها مصادرها المختلفة، فاجعل لنفسك قائمة لك بالكتب التي يجدر بك أن تقرأها بعيدا عن مقررات الدراسة، أو ما تفرضه عليك طبيعة عملك … و الأهم أن تعرف لماذا تقرأ ؟؟.
*أستاذة الإدارة التربوية-إدارة المعرفة- جامعة البترا.