وطنا اليوم:شهد قرار ترسيب عدد من الطلبة بسبب الغياب المدرسي جدلاً واسعاً بين التربويين والأهالي والطلبة مؤخرا ، حيث تباينت الآراء بين من يراه أداة لضبط العملية التعليمية وضمان انضباط الطلبة، وبين من يعتبره إجراءً قاسياً قد يحرم الطلبة من حقهم في التعليم ويؤثر على مستقبلهم.
في حين يؤكد مؤيدو القرار أن الغياب المتكرر يعكس استهتاراً من بعض الطلبة، ويؤدي إلى ضعف في التحصيل العلمي، كما أنه يخلق فجوات بين الحاضرين والغياب في الحصص، ما يرهق المعلمين ويضعف العملية التدريسية.
في المقابل، يرى معارضو القرار أن الفصل التام يشكل ظلماً، خصوصاً للطلبة الذين يواجهون ظروفاً اجتماعية أو صحية أو اقتصادية تجبرهم على التغيب، معتبرين أن الهدف يجب أن يكون معالجة المشكلة لا مفاقمتها.
وتوضح تعليمات الانضباط الطلابي رقم “2024 / 2025 المادة رقم 20 البنود أ+ب+ج+د، نسبة الغياب المسموح بها للطلاب %10 فقط من الدوام الرسمي الفعلي وهو 217 يوماًً
إذا تجاوز الطالب 22 يومآ من الغياب طوال العام الدراسي سواء بعذر أو بدون عذر يعتبر الطالب راسبا ً في صفه بسبب الغياب يحسب غياب الطالب عن حصه فاكثر غياب يوم دراسي كامل”.
الأهالي بدورهم يعبرون عن مخاوفهم من أن الترسيب قد يدفع بعض الطلبة إلى الانقطاع النهائي عن الدراسة، في وقت تبذل فيه الوزارة جهوداً كبيرة للحد من التسرب المدرسي وضمان وصول التعليم إلى الجميع.
من جانبها تؤكد الخبيرة التربوية الدكتورة امينة الحطاب أن الغياب المدرسي، بوصفه ظاهرة قديمة وحديثة في آن واحد، يستدعي البحث والتقصي لمعرفة أسبابه الحقيقية ومسبباته، مشيرة إلى أن العقاب بالفصل لا يمكن أن يكون الحل الأمثل لهذه المشكلة.
وقالت د. الحطاب إن أسباب الغياب متعددة، من أبرزها أن المدرسة لم تعد بيئة جاذبة للطلبة، إذ تفتقر في بعض الحالات إلى المرافق المحفزة والأنشطة المناسبة، كما أن المناهج وطرق التدريس والتقييم لا تحقق تطلعات الجيل الجديد ولا تنمي لديهم حب التعلم.
وأضافت أن عدم شعور الطلبة بالأمان النفسي داخل المدرسة، نتيجة انتشار ظاهرة التنمر سواء من قبل الزملاء أو المعلمين أو حتى الإدارة، يزيد من عزوفهم عن الحضور.
وأوضحت أن الطلبة الذين يتغيبون لا يجدون وقتاً نوعياً داخل المدرسة، فلا أنشطة تناسب ميولهم واهتماماتهم، ولا معارف جديدة تثري عقولهم، خصوصاً في ظل انتشار الأجهزة الذكية والذكاء الاصطناعي الذي يجيب عن أسئلتهم بسرعة وبدون اعتراض.
وأشارت إلى أن بعض الطلبة قد يرون في الفصل مكافأة لا عقوبة، لأنه يمنحهم حرية التصرف بوقتهم بعيداً عن الأنظمة والقوانين.
وبينت الحطاب أن أولياء الأمور يقعون في موقف صعب، فهم بين التمسك بقناعاتهم التقليدية حول أهمية الالتزام بالدوام المدرسي، وبين واقع أبنائهم الذين يرون أن التعلم الذاتي عبر الهواتف الذكية أكثر جدوى من قضاء ساعات طويلة في المدارس.
وشددت بالتأكيد على ضرورة أن تعيد مؤسسات الدولة، وعلى رأسها وزارة التربية والتعليم، النظر في الأنظمة والقوانين ودور المدرسة التقليدي، بحيث تصبح المدرسة بيئة تعليمية جاذبة وامنة نفسيا، تعكس واقع التطور، وتلبي امال الطلبة وتوقعاتهم بما يضمن استمرارية العملية التعليمية وجودتها.
من جانبه قال التربوي الدكتور اشرف عليمات أن الحل يكمن في إيجاد نظام مرن يراعي الفروق الفردية والظروف المختلفة للطلبة، مع المحافظة على هيبة التعليم وقوانينه.
ويقترح مراجعة التعليمات الحالية بحيث تتدرج العقوبات من التنبيه والإنذار، وصولا إلى الفصل كخيار أخير بعد استنفاد جميع الحلول ووضع بدائل أكثر عدالة، مثل برامج الدعم الأكاديمي، أو تحويل العقوبة إلى إجراءات إصلاحية كتخصيص حصص إضافية أو إشراك الطلبة في نشاطات مدرسية تعزز الالتزام.
بينما يشدد على أن الانضباط المدرسي ضرورة، لكن لا بد من إيجاد توازن بين الحزم والمرونة، بحيث لا يكون العقاب سبباً في فقدان الطالب لحقه في التعلم
قرار ترسيب الطلبة بسبب الغياب بين التأييد والمعارضة
