وطنا اليوم:شدد عضو مجلس النواب، الدكتور إسماعيل المشاقبة، على أن الجامعات الأردنية لم تعد تؤدي دورها الحقيقي كـ “بيوت خبرة” قادرة على قيادة المجتمع وحل مشكلاته، بل أصبحت – بحسب وصفه – مثقلة بالمديونية وسوء الإدارة والترهل، الأمر الذي يهدد مستقبل التعليم العالي في المملكة.
جاءت تصريحات المشاقبة خلال استضافته في برنامج “واجه الحقيقة”، حيث استعرض جملة من القضايا الجوهرية، وفي مقدمتها ديون الجامعات الحكومية، الفساد في التعيينات، غياب البحث العلمي الفعّال، وتراجع مستوى التعليم مقارنةً بالإقليم والعالم.
أكد المشاقبة أن الأزمة ليست مالية بقدر ما هي إدارية، موضحًا أن الجامعات تتبنى فلسفة حكومية قائمة على “اللجوء لجيب المواطن” عبر رفع الرسوم بدل البحث عن حلول استراتيجية، مثل تفعيل الوقف الجامعي وصناديق التبرعات، واستثمار الأراضي والمشاريع الخاصة. وقال: “المسألة ليست صعوبة موارد بل سوء إدارة”.
وانتقد آلية تعيين رؤساء الجامعات ومجالس الأمناء وأعضاء الهيئات التدريسية، معتبرًا أن القرارات كثيرًا ما تُحسم في “المقاهي والمطاعم” بناءً على الواسطة، بعيدًا عن الكفاءة والشروط الأكاديمية. كما أوضح أن الإعلانات تُفصّل أحيانًا لأشخاص بعينهم، ما يعكس خللًا عميقًا في منظومة التوظيف الجامعي.
وأشار النائب إلى أن البحث العلمي في الجامعات ضعيف جدًا، حيث تبقى الدراسات “حبيسة الرفوف” من دون استثمارها في خدمة المجتمع. كما انتقد غياب التخطيط في ربط التخصصات بسوق العمل، والاكتفاء بتغيير أسماء البرامج لزيادة الرسوم دون تطوير حقيقي. وأضاف أن بعض الجامعات “دفعت أموالًا لتحسين تصنيفها العالمي”، في وقت تراجعت فيه مكانة الأردن أكاديميًا على المستويين الإقليمي والدولي.
واعترف المشاقبة بوجود قصور في الدور الرقابي لمجلس النواب ومجلس التعليم العالي وديوان المحاسبة، مشددًا على ضرورة تفعيل الرقابة على صناديق الجامعات، ومنع التجاوزات المالية والإدارية، مؤكدًا أنه تقدم بعشرات الأسئلة النيابية لكن لم يُعرض منها سوى القليل.
وطرح المشاقبة جملة من الحلول أبرزها خفض الرسوم الجامعية لتخفيف العبء عن المواطنين، وتفعيل الوقف الجامعي وإنشاء مشاريع استثمارية للجامعات، واستقطاب طلاب أجانب برسوم مدفوعة مع تقديم منح محدودة لجذبهم، وإعادة هيكلة الإدارات الجامعية واختيار الكفاءات بعيدًا عن الواسطة، إضافة إلى عقد جلسة وطنية طارئة لإنقاذ التعليم يشارك فيها رؤساء جامعات حاليون وسابقون، قامات أكاديمية، ومجالس أمناء، إلى جانب نواب ووزراء سابقين، للخروج بخطط قابلة للتطبيق والقياس.
وحذر المشاقبة من أي مساس بمكرمة أبناء القوات المسلحة، معتبرًا إياها “خطًا أحمر” و”مكرمة ملكية”، مشيرًا إلى أن الجيش قدّم خدمات تعليمية للجامعات مجانًا لعقود طويلة، وأن تحميله مسؤولية مديونية الجامعات “غير صحيح” ويعكس فشلًا إداريًا لا أكثر.
واختتم المشاقبة حديثه بالتعبير عن “غصة وألم” تجاه حال الجامعات، مؤكدًا أن التعليم العالي يشكل ركيزة أساسية لمستقبل الأردن، وأن إصلاحه لم يعد خيارًا بل ضرورة وطنية عاجلة.
نائب اردني حالي : تعيين رؤساء الجامعات تُحسم في المقاهي والمطاعم
