السيوف يكتب:غزة بين وهم السيطرة وقوة الإرادة

ساعتين ago
السيوف يكتب:غزة بين وهم السيطرة وقوة الإرادة

بقلم إبراهيم السيوف

الاجتياح الكامل لغزة ليس مجرد خطوة عسكرية، بل كشف صارخ عن هشاشة العقل السياسي الإسرائيلي. ما يراه القادة من “سيطرة” ليس قوة، بل صرخة ضعف، محاولة يائسة لإخفاء فشل مشروعهم السياسي المستمر منذ عقود.

عندما يعلن صناع القرار عن سيطرة شاملة، فإنهم يظنون أنّ الصخب على الآخرين يرفعهم، بينما الواقع يقول إن كثرة الحديث عن الآخرين ليست إلا إعلان إفلاس استراتيجي وأخلاقي. القوة المادية بلا مشروع سياسي حقيقي ليست سوى وهم يختفي عند أول مقاومة حقيقية.

القرار ليس تعبيرًا عن رؤية واضحة، بل انعكاس لصراع داخلي بين وزراء يتنافسون على السلطة وعسكريين يحذرون من كارثة استنزافية. إسرائيل لا تواجه غزة فقط، بل تواجه نفسها: دولة مشتتة، بلا رؤية، بلا مشروع طويل الأمد.

القطاع ليس مجرد مساحة جغرافية، بل فكرة متجذرة في الوعي الشعبي والتاريخي. كل محاولة للسيطرة عليه تعيد إنتاج المقاومة بشكل أشد صلابة. الاحتلال لا يقتل القضية، بل يعيد تشكيلها ويجعلها أقوى.

اجتياح غزة يكشف الوجه الحقيقي لإسرائيل: دولة تعتمد على العنف والنزوح، لكنها عاجزة عن تحقيق أي مشروع سياسي مستدام. كل خطوة توسّع الفجوة بين القوة المادية والشرعية السياسية، وتزيد من العزلة الدولية.

أي توسع عسكري سيخلق كارثة مزدوجة: استنزاف داخلي للشعب والجيش، ومقاومة متجددة أشد عنفًا. إسرائيل تراهن على القوة، لكنها تغفل أنّ الشعوب لا تُقهر بالحديد والرصاص، وأن السيطرة على الأرض ليست بديلًا عن السيطرة على الإرادة.

اجتياح غزة ليس نصراً، بل إعلان إفلاس أخلاقي واستراتيجي وسياسي. القرار يكشف هشاشة العقل الإسرائيلي، وغياب أي مشروع سياسي مستدام، ويضع الدولة أمام مأزق مستقبلي: مقاومة مستمرة، عزلة دولية، واستنزاف داخلي. غزة تثبت مرة أخرى أنّ الإرادة الشعبية أقوى من كل جيوش الأرض.