بين جرأة القرار وعبء البيروقراطية

36 ثانية ago
بين جرأة القرار وعبء البيروقراطية

بقلم المهندس خالد بدوان السماعنة

أثار الكاتب فهد الخيطان في مقاله الأخير قضية بالغة الأهمية: بطء الإدارة في الأردن وترددها في اتخاذ القرارات الكبرى.

لعل ما أورده من شواهد – كالتأخير في مشروع مياه الديسي أو الباص السريع – يقدّم صورة دقيقة عن ثمن الانتظار والتردد.

وفي هذا الإطار، أصاب الكاتب في التشخيص؛ إذ الزمن لم يعد مجرد تفصيل محايد، بل أصبح كلفة إضافية تتراكم على كاهل الدولة والمجتمع.

غير أن هذه المعضلة – في تقديري – لا تنبع فقط من الخوف من رد الفعل الشعبي كما أشار المقال، بل تتجاوز ذلك إلى ثقافة بيروقراطية متجذّرة
تميل إلى تأجيل الحسم خشية الاصطدام بمسؤولية القرار.

هنا يظهر ما يسميه علم الإدارة بـ “الانحياز للتجنب”؛ حيث يفضل القادة ترك الملفات معلّقة على أن يغامروا بقرارات قد تُحمّلهم لاحقًا وزر الفشل.

تجارب دول أخرى في المنطقة تثبت أن تجاوز هذه الحلقة ممكن، شريطة أن تتوافر ثلاث ركائز أساسية:

1. مؤسسات مستقلة للتنفيذ تضمن استمرار المشاريع الكبرى بمعزل عن تغير الحكومات.

2. أنظمة مساءلة إيجابية تكافئ على المبادرة ولا تعاقب على المحاولة.

3. ثقافة مجتمعية جديدة ترى في القرار الجريء علامة قوة، لا تهوّرًا.
٤.
ما يطرحه خيطان يستحق أن يكون منطلقًا لحوار أوسع:

التردد لم يعد مجرد سمة إدارية،
بل خطر استراتيجي قد يفوّت على الأردن فرصًا حاسمة في سباق إقليمي محتدم.

وإذا كان المقال قد قدّم تشخيصًا عميقًا، فإن استكمال النقاش يقتضي البحث في أدوات عملية تُمكّن الإدارة من الانتقال من مربع الحذر إلى فضاء الإنجاز.

ختاما ، أنا في مقالي هذا أحببت الإشارة إلى أنني لا أجتر فيه ما كتب السيد خيطان (!) بل إنني به أصبت ثلاثة عصافير بحجر واحد كما يقال:
فأنا في الحجر الأول أتفق مع تشخيصه.

وبالحجر الثاني أشرت إلى زاوية أعمق (البيروقراطية والانحياز للتجنب).

وأما الحجر الثالث ففتحت مجالًا عمليًا عبر حلول مقارنة.

دمت يا أردن بخير.