بقلم فادي زواد السمردلي ….
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
*المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*
في غرف اتخاذ القرار ، حيث يُفترض أن تُدار الأمور بعقلانية وخطط محكمة، تتحول بعض المنظومات أحيانًا إلى لعبة “فَنهْ” قطعة نقد تُرمى في الهواء، وجهها يحدد ما سيتم، ومن يحسن التوقع يُقال إنه المنتصر وما يُفجع هو أن بعض المؤسسات تُدار بهذه الطريقة، بلا منهجية، بلا استراتيجية، بلا أي معيار ثابت كل شيء يعتمد على الصدفة، وكل خطوة تُتخذ وكأنها مجرد رمية في لعبة أطفال، بينما الواقع يحتاج إلى دقة وانضباط، لا إلى الحظ والارتجال.
القرار العشوائي ليس مجرد خطأ مؤقت، بل هو مقامرة منظومية فبعض الهيئات تتخذ إجراءات مالية وسياسية وتنظيمية وكأنها مباريات عابرة، حيث يُترك كل شيء للحدس أو لتقلبات اللحظة فتحركات كهذه لا تولد إلا الفوضى الداخلية، انهيار السياسات، تضارب الاستراتيجيات، واختلال آليات العمل فالمنظومة التي تُدار بهذه العقلية تتحول إلى آلة عبثية، فكل دورة قرار فيها قد يكون بداية انهيار آخر، وكل تحرك مبني على وجه عملة معدنية قد يقذفها في هاوية لا مفر منها.
الأكثر سوداوية هو التبرير الذي يُقدَّم لهذه الممارسات فارتجال المنظومات يُسوَّق على أنه “مرونة” أو “قدرة على التكيف” والحقيقة أكثر قتامة إنها فوضى متعمدة فكل خطوة مرتجلة، كل سياسة تُدار بالارتجال، كل استجابة تُختبر بالصدفة، تجعل هذه المنظومات كمن يضع أقدامه على حافة بركان ويبتسم، معتقدًا أن الأرض ستبقى صلبة فإدارة مؤسسية على هذا النحو ليست براعة، بل كارثة مقنعة، وفوضى تُخفي وراءها عباءة الرسمية.
حين تُدار المنظومة بعقلية “فَنهْ”، يتحول كل قرار إلى قبر مفتوح يُحفر ببطء فكل خطة تُترك للصدفة، كل استراتيجية تُرسم بالارتجال، كل أزمة تُستجاب لها بلا دراسة مسبقة، هي جدار آخر يُضاف إلى هذا القبر فالانهيار يصبح مسألة وقت، والتناقضات تتفاقم داخليًا وهذه المنظومات لا تحتاج إلى هجمات خارجية لتسقط فهي تسقط بنفسها، لأنها بنيت على الهشاشة، على عشوائية القرارات، وعلى لعبة عملة تُرمى في الهواء.
كل رمية فَنهْ تضيف طبقة جديدة من الطين إلى مستنقع المنظومة، حيث تغرق السياسات والإجراءات بين أوراق بلا وزن، وارتجالات بلا منطق، وقرارات بلا استراتيجية فالمستنقع يلتهم كل ما يحاول الصمود، وكل محاولة لتثبيت الهيكل تتحطم تحت وطأة الفوضى فالمنظومة تتحرك ببطىء، غارقة في وحلها، تكاد تختنق، وتبقى على حافة الانهيار حتى أصغر رمية قد تُطيح بكل ما تبقى.
القرار ليس مجرد ركلة تبدأ المباراة، ولا خطوة عابرة فالقرار في المنظومة حياة المؤسسة نفسها، بنيتها، قدرتها على الاستمرار، أدواتها، ومستقبلها فأن تُترك هذه العناصر للصدفة هو استهتار مقنع بعباءة الرسمية، خيانة لكل المبادئ التي صُممت لضمان استقرار واستمرارية العمل المؤسسي فكل يوم تُدار فيه المنظومة بهذه الطريقة هو يوم يُدفن فيه مستقبل المنظومة في مستنقع من الورق والارتجالات والأزمات المتراكمة، وكل نجاح مؤقت مجرد وهم يغطي على انفجار داخلي محقق.
أقوى صورة للعبث المؤسسي هي تشبيه القرار بـفَنهْ لعبة الأطفال التي تُحدد من يبدأ الركلة ولكن هنا، اللعبة لا تحدد من يبدأ اللعب، بل تحدد مصير المنظومة نفسها. أي وجه للعملة، أي رمية في الهواء، قد تُشعل سلسلة انهيارات داخلية لا يمكن السيطرة عليها فالمنافسة التنظيمية، الضغوط الخارجية، متطلبات الاستدامة، لا تنتظر أحدًا وكل رمي عشوائي يُنذر بسقوط تدريجي، بأزمات تراكمية، بتفكك داخلي ودوامات من الفوضى تتسع يومًا بعد يوم.
لا أمل في استمرار هذا الأسلوب إلا إذا انتقلت المنظومات من عقلية فَنهْ إلى عقلية مؤسساتية حقيقية، تخطيط بعيد المدى، تقييم دوري للآليات، الشفافية في اتخاذ القرار، ومساءلة فعلية عند الإخفاق. حتى ذلك الحين، كل رمية فَنهْ في غرف القرار هي دعوة للخراب، وكل يوم يُدار فيه القرار بهذه الطريقة هو يوم يُدفن فيه مستقبل المنظومة في مستنقع من الورق والارتجالات والأزمات المتراكمة فكل سياسات تُنفذ بلا دراسة، كل إجراءات تتخذ بلا تحليل، تضاعف الغموض الداخلي وتغرق المنظومة أكثر في دوامات من الانهيار، لتصبح مجرد هياكل فارغة تنتظر الصدفة لتقرر مصيرها النهائي.
إن هذا المقال مكتوب بصفة عامة، ولا يقصد به أي جهة بعينها، وأي تشابه بين ما ورد في هذا المقال وبين ممارسات أي جهة واقعية هو محض صدفة غير مقصودة.