بقلم: المحامي حسين أحمد الضمور
الحياة ليست مجرّد زمنٍ نمضيه، بل هي سلسلة من الإشارات والمعاني التي تحتاج إلى عقلٍ متأمل يقرأها بوعي. ففي كلّ يوم تُقدّم لنا خبرة جديدة، وتُلزمنا بإعادة النظر في مفاهيمنا، لنخرج من كل مرحلة بفهمٍ أوسع لأنفسنا وللعالم من حولنا.
أولى الرسائل التي تبعثها الحياة: أن التجربة هي المعلّم الأصدق، فهي التي تُعيد صياغة أفكارنا وتشكّل معاييرنا في تقييم المواقف. غير أن استقبالنا لهذه التجارب يختلف من شخصٍ لآخر؛ فمنهم من يحوّلها إلى حكمة تُعينه على المضيّ قدمًا، ومنهم من يقف أسير اللحظة فلا يتجاوزها. وهنا نفهم أن العدل المطلق غاية سامية، أما في الواقع فكل إنسان يزن الأمور بميزانه الذاتي.
كما تكشف لنا الحياة أن كل حدث، مهما بدا بسيطًا، هو اختبار لمدى أصالتنا وصدق نوايانا. فالمتفائل يجد في المواقف فرصًا للتقدّم، بينما يراها المتشائم عوائق تثقله. والفارق هنا ليس في طبيعة الحدث، بل في زاوية النظر إليه.
إن مدرسة الحياة لا تغلق أبوابها، وصفوفها لا تعرف إجازة. الناجح فيها ليس من يمرّ بالمراحل فحسب، بل من يُعيد قراءتها بعين العقل، فيحوّل الألم إلى وعي، والنجاح إلى دافع، والتجربة إلى تراكمٍ معرفي يُثري فكره ومسيرته.