وطنا اليوم:في قصة واقعية لا تخلو من الطرافة والدلالات العميقة حول آليات التعيين الحكومي، يروي المحامي راتب النوايسة تفاصيل لقائه بأحد أصحاب المعالي الذي جمعت بينهما إحدى القضايا القانونية، فتحوّلت العلاقة من عمل إلى صداقة متينة.
يقول النوايسة: إن صاحب المعالي كان أكاديمياً يدرّس في إحدى الجامعات الأردنية، وكان من بين طلبته عدد من الطلبة العرب من دولة شقيقة. وفي أحد الفصول، احتجّ أحد هؤلاء الطلبة على نتيجته في مادة أكاديمية، مهددًا برفع شكوى إلى إدارة الجامعة بل وإلى جهات عليا خارج أسوارها، إن لم تُعدّل علامته. لكن رد الدكتور كان واضحًا: “قدّم شكواك لمن تشاء، فقد منحتك علامتك الحقيقية.”
ويتابع النوايسة: بعد أيام، فوجئ الدكتور باتصال من مكتب دولة رئيس الوزراء، يطلب منه الحضور العاجل لمقابلة دولته. أدرك حينها أن الطالب الغاضب أوصل شكواه إلى أعلى المستويات.
ذهب الدكتور وهو يحمل ملف علامات الطالب كدليل على عدالة تقييمه، إلا أن المفاجأة كانت أن دولة الرئيس لم يفتح موضوع الطالب مطلقًا، بل أبدى رغبة بالتعرّف على الدكتور، وانتهى اللقاء خلال نصف ساعة دون أي تلميح للقضية. وبعد أيام، تم استدعاء الدكتور ليكون أحد الوزراء ضمن تعديل وزاري، ليُصبح فعليًا “صاحب معالي”.
لكن الغرابة لم تتوقف هنا، فبعد ستة أشهر فقط، أُجري تعديل وزاري جديد خرج بموجبه الدكتور من الحكومة. وبعد عام تقريبًا، التقى به المحامي النوايسة في مناسبة اجتماعية، وسأله عن سبب خروجه السريع من الحكومة، فأجابه الوزير السابق بكل صراحة:
“والله لا أعرف لماذا دخلت الحكومة، ولا لماذا خرجت منها!”