بقلم: المحامي حسين أحمد الضمور
من أول رواية قرأتها، لم أكن أعلم أنني لا أمسك كتاباً عادياً، بل مفتاحًا لعالمٍ جديد… عالمٍ لا تطرقه الأقدام، بل يسكن في العقل ويحرّك الروح.
لم تكن قراءتي للروايات مجرّد هواية… بل كانت أشبه برحلةٍ اكتشافية، فيها من الفكر ما يوقظ العقل، وفيها من المشاعر ما يُهذّب القلب، وفيها من الفلسفة ما يُعيد ترتيب المفاهيم.
تجربتي مع الروايات أوصلتني إلى ما أنا عليه اليوم. لم تكن مجرد كلمات تُقرأ، بل كانت دروسًا حيّة، وتجاربَ مُكثفة، وأدواتِ تحليل ساعدتني على فهم الناس والحياة، وحتى ذاتي.
من بين السطور تعلّمت أن هناك دائمًا وجهًا آخر لكلّ حكاية، وأنّ الصواب قد يبدو قاسيًا أحيانًا، وأنّ الطيب لا يعني الضعف، وأنّ الذكي لا يحتاج دائمًا أن يتكلّم.
الروايات شكّلت وعيي القانوني والوجداني معًا. كيف لا، وقد قرأت عن العدالة والخذلان، عن النهايات غير العادلة، وعن المعارك الصامتة في قلوب الأبطال؟
منها تعلّمت الصبر، ومنها استقيت قوّتي في المرافعات، لأنها علّمتني كيف أعبّر، وكيف أقنع، وكيف أُصغي لما وراء الكلام.
كلّ رواية كانت بمثابة مرآة، أرى فيها زاوية جديدة من ذاتي أو المجتمع، وكلّ بطل فيها كان أستاذًا خفيًا، لا يلقّن الدروس، بل يزرعها بلطف في القلب.
لهذا، أقول بثقة: الروايات ليست للترفيه فقط، بل مدرسة لا تشبه المدارس، ومَنْ يُحسن قراءتها، يُتقن قراءة الحياة.