وطنا اليوم _بقلم عصام المساعيد، رئيس فرسان التغيير للتنمية السياسية وتطوير المجتمع المدني.
في ذكرى الاستقلال التاسعة والسبعين، لا نكتب عن الماضي، بل نكتب به، لا من باب الحنين، بل من باب الإيمان بأن جذور الدولة الأردنية لم تكن يومًا طارئة ولا عابرة، إنها دولة حاضرة في ضمير أمتها، ثابتة في زمن السيولة، وراسخة في الوجدان كما الجغرافيا.
لقد كان يوم الاستقلال الأردني عام 1946 ميلادًا لدولة عربية استثنائية، نُحتت على صخر التحدي، وبُنيت بسواعد رجالاتها، وصبر شعبها، وحنكة ملوكها، ومنذ ذلك التاريخ والأردن يشكّل أنموذجًا للدولة الوطنية القادرة على الصمود، والمضي، والريادة في زمن تكالبت فيه التحديات.
ولم يكن استقلال الأردن ميلادًا لسيادة سياسية فحسب، بل إعلانًا عن ولادة مشروع نهضوي عربي تقوده الأسرة الهاشمية، يحمل رسالة الأمة، ويذود عن مقدساتها، ويضع القدس في قلب المعادلة، حمايةً، ووصايةً، وموقفًا لا يتغير.
تجلّت في الهاشميين ملامح القيادة التاريخية، التي لم تنقطع عن أمتها، ولم تساوم على ثوابتها، ومنذ عهد الملك المؤسس عبد الله الأول، وصولًا إلى جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، كان الأردن هو الخيمة التي تستظل بها الكرامة، وتُصان فيها القيم، وتُحمى فيها الرواية.
وفي العهد الحديث، جسّد جلالة الملك عبد الله الثاني مفهوم الاستقلال المتجدد، حين أطلق رؤية التحديث السياسي والاقتصادي والإداري، ليؤسس لاستقلالٍ داخلي جديد، عماده: الكفاءة، والعدالة، والكرامة، والشباب.
جيشنا العربي، ليس مجرد حامٍ للحدود، بل حامٍ للهوية، ومُجسد لمعنى الكرامة، وسيفٌ مشرّعٌ بوجه من يُهدد الوطن، ودرعٌ يصون شرف الأمة في زمنٍ تكالبت فيه الخطوب، وللأجهزة الأمنية، رجال لا ينامون كي تبقى عيون الوطن مفتوحة على الأمن والإباء.
استقلالنا اليوم لا يُقاس فقط بمنجزات الأمس، بل بقدرة شبابنا على أن يكونوا فرسان المرحلة المقبلة، وأن يحملوا شعلة التغيير بسواعدهم، وعقولهم، وإرادتهم الحرة، هم الامتداد الطبيعي لذاك الجيل الذي حفر نواة الدولة من صخر المعاناة.
وفي هذا اليوم الوطني الكبير، نرفع الأكف حمدًا لله على نعمة الوطن، ونقولها كما يليق بأردنيين وُلدوا من رحم العزم: إن الاستقلال ليس ذكرى، بل روحٌ تسري فينا، وإننا بقيادتنا الهاشمية، ومؤسساتنا الوطنية، وشعبنا الواعي، سنبقى على عهد الوطن، لا نُبدّل، لا نُساوم، لا نلين.
عاش الأردن عزيزًا شامخًا، حيًّا فينا ما حيينا.