بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينة
ونحن على مشارف الإحتفال بعيد الاستقلال الوطني التاسع والسبعين لا بد من استعراض الإنجازات المشرفة التي تحققت في مجال الديمقراطية والتنمية السياسية ، بعد استقلال المملكة الأردنية الهاشمية عام 1946 ، قامت الدولة الأردنية بإصدار أول دستور أردني عام 1947 بديلا من القانون الأساسي الذي كان معمول به منذ عام 1928، وتم تغيير مسمى المجلس التشريعي إلى مجلس النواب ، وإجراء تعديلات على قانون الانتخاب ، وزيادة عدد مقاعد مجلس النواب والأعيان ، واستمرت الدولة الأردنية بالعمل بالنهج الديمقراطي والتعددية السياسية والحزبية ، التي بدأت منذ تأسيس واستقلال إمارة شرق الأردن عام 1923، وكانت الدولة الأردنية في تلك الفترة تعيش حياة سياسية ونهج ديمقراطي وتعددية حزبية عز نظيرها ، وكانت الأحزاب تمارس عملها بكل حرية ، وكانت الحكومات تشكل من الأحزاب ، ومثال ذلك أن أول حكومة حزبية تشكلت في عام 1956، من الحزب الاشتراكي كونه حصل على اكبر من مقاعد مجلس النواب ، واستمرت الحياة النيابية والديمقراطية حتى عام 1973، عندما أقدمت الحكومة على تجميد الحياة النيابية وإعلان الأحكام العرفية بسبب الظروف الأمنية والسياسية في المنطقة بعد احتلال الضفة الغربية ، وبعد ذلك وحتى لا يحدث فراغ سياسى تم تشكيل المجلس الاستشاري كبديل مؤقت عن مجلس النواب ، واستمر هذا المجلس لمدة عشرة أعوام ، وفي عام 1984 تم إعادة مجلس النواب الذي انتخب في عام 1967 إلى ممارسة عمله الدستوري ، واستمر أربع سنوات حتى عام 1989، وفي هذا العام قام المرحوم الملك الحسين بن طلال بإصدار إرادته الملكية السامية بحل المجلس واستئناف الحياة الديمقراطية والبرلمانية ، فدعا جلالته إلى إجراء الانتخابات النيابية في عام 1989 إيذانا باستئناف الحياة البرلمانية والانتخابات النيابية ، وتم انتخاب مجلس النواب الذي اتسم بالنزاهة والشفافية ، وتضمن نجاح كافة الأطياف السياسية والحزبية ، وحصل الإخوان المسلمين على أكبر عدد من مقاعد المجلس ، ووصف ذلك المجلس بأنه من أقوى مجالس النواب ، واستمرت الانتخابات النيابية تجري كل أربع سنوات ، وتعززت الديمقراطية وصدر أول قانون للأحزاب السياسية في عام 1992، وفي عام 2011 ، قام جلالة الملك عبدالله الثاني بتشكيل لجنة ملكية لتعديل الدستور الأردني ، وتم إجراء تعديلات شملت حوالي ثلث مواد الدستور ، ومن أبرز التعديلات إنشاء محكمة دستورية ، وهيئة مستقلة للانتخاب مهمتها الإشراف وإدارة الانتخابات سواء النيابية أو البلدية ، كم تم تمديد مدة الدورة العادية لمجلس النواب من أربعة أشهر إلى ستة أشهر ، والحكومة التي تحل مجلس النواب تستقيل خلال أسبوع ، وغيرها من التعديلات الدستورية ، وهكذا استمرت عملية التطوير والإصلاح السياسي وتعزيز المسيرة الديمقراطية والحياة البرلمانية والحريات العامة ، ولتحقيق هذه الأهداف من الإصلاحات السياسية والديمقراطية والحريات العامة تم إنشاء وزارة للتنمية السياسية بهذا الخصوص عام 2003 ، ولإيمان جلالة الملك عبدالله الثاني بالحياة الحزبية والسياسية وأثرها في تطوير كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية ، لجأ جلالته إلى تشكيل لجنة ملكية لتحديث المنظومة السياسية في عام 2021 ، فعملت اللجنة على إفراز والخروج بتوصيات بإصدار قانون جديد للأحزاب السياسية، وآخر للانتخاب ، والتوصية بإجراء بعض التعديلات الدستورية لتتواكب وتنسجم مع مخرجات قانوني الأحزاب السياسية والانتخاب ، ومن أبرز ما تضمنه قانون الانتخاب ، هو إيجاد قائمة وطنية عامة للأحزاب السياسية على مستوى المملكة بعدد مقاعد 41 مقعد من مجموع مقاعد مجلس النواب ، تخفيض عدد الدوائر الانتخابية إلى 18 دائرة انتخابية، على أن تزداد هذه المقاعد على مدار ثلاث مجالس نيابية، حتى تصل إلى عدد ما نسبته 65% من مجموع عدد مقاعد مجلس النواب الثاني والعشرين ، كم تم تخفيض سن المرشح إلى 25 عام بدلا من 30 عام في القانون السابق ، واشترط القانون كذلك على ضرورة وجود امرأة ضمن اول ثلاثة مرشحين ، والمرشح السادس ، علاوة على ضرورة وجود شاب يقل عمره عن 35 عاماً ضمن أول خمس مرشحين في كل قائمة حزبية من القوائم الحزبية العامة على مستوى المملكة ، وبذلك انطلقت مسيرة التحديث السياسي والحزبي ، وأصبحت واقعاً بعد إجراء أول انتخابات بموجب هذه القوانين الجديدة للأحزاب السياسية والانتخاب، وبذلك تثبت الدولة الأردنية ، والمملكة الأردنية الهاشمية تحت نظام الحكم الهاشمي وفي ظلالهم أنها دولة تؤمن بالتحديث والتطوير للنهوض بهذه الدولة للوصول إلى المكانة التي تستحقها ، حمى الله الوطن وقيادته الهاشمية الحكيمة وشعبه الوفي ، وعيدا ميمونا للجميع وكل عام وأردننا و قيادتنا وشعبنا بألف خير وأمان واستقرار ، وللحديث بقية
الديمقراطية والتنمية السياسية في ظلال الاستقلال (1- 2)
