بقلم فادي السمردلي:
شهدت الدورة العادية الأولى لمجلس النواب الأردني صورة متناقضة في المشهد البرلماني، تمثلت في ارتفاع نسبة التمثيل الحزبي من حيث العدد، مقابل أداء حزبي ضعيف وغير منظم من حيث الفاعلية السياسية والرقابية فعلى الرغم من التغييرات التي طالت قانون الانتخاب والبيئة التشريعية بهدف تعزيز حضور الأحزاب وتمكينها من لعب دور أكثر تأثيرًا في الحياة البرلمانية، إلا أن ما جرى على أرض الواقع جاء مخيبًا للآمال، وأظهر أن الأحزاب ما تزال غير قادرة على استثمار هذا الحضور العددي لتحويله إلى أدوات ضغط فاعلة أو إلى مشروع سياسي واضح المعالم داخل المجلس.
إن المتابع لأداء الكتل الحزبية في هذه الدورة يلحظ بوضوح غياب التنسيق الحقيقي فيما بينها، إلى جانب ضعف في العمل الجماعي، مما انعكس سلبًا على مجمل المواقف التي كان من الممكن أن تشكّل أرضية مشتركة لحراك برلماني حزبي قوي فالكتل الحزبية ظهرت كأنها مجرد تجمعات شكلية تفتقد للرؤية الموحدة أو الخطاب السياسي المتماسك، وهذا ما أدى إلى تشرذم النواب الحزبيين وتغليب النزعات الفردية والحسابات الذاتية على المصلحة الحزبية العامة فبدلًا من الانضباط الحزبي الذي يُفترض أن يُترجم إلى مواقف موحدة في الملفات المفصلية، وجدنا النواب الحزبيين يتحركون كأفراد مستقلين، كلٌ يغني على ليلاه، سواء في مناقشات الثقة بالحكومة أو في التعاطي مع الموازنة العامة، مما أفرغ العمل الحزبي من مضمونه الحقيقي.
الأكثر من ذلك، أن هذه الأحزاب لم تُظهر أي ابتكار في الأدوات الرقابية أو التشريعية، بل بقيت تمارس دورها عبر وسائل تقليدية ومحدودة التأثير مثل المذكرات والبيانات، دون أن تمتلك الجرأة على طرح مبادرات تشريعية متكاملة أو تبني استجوابات قوية، وهو ما يعكس ضحالة في التحضير السياسي وضعف في البناء البرامجي الداخلي للأحزاب ذاتها ويبدو أن بعض النواب انشغلوا أكثر بتقديم أنفسهم أمام الكاميرات واستعراض قدراتهم الخطابية في المناسبات الكبرى، على حساب الانخراط في عمل حزبي جاد ومؤسسي.
هذه المظاهر مجتمعة تشير إلى أن هناك خللًا عميقًا في البنية الحزبية والآليات التي تحكم أداء الأحزاب داخل البرلمان، وأن التحدي الأكبر لا يكمن فقط في ضمان تمثيل حزبي عددي، بل في بناء أحزاب تمتلك رؤية واضحة، وانضباطًا تنظيميًا، وقدرة على تحويل مواقفها إلى فعل سياسي موحد، سواء في الرقابة أو التشريع فدون ذلك، ستبقى الأحزاب مجرد أرقام على الورق، تُستخدم لتجميل المشهد الديمقراطي، دون أن يكون لها تأثير حقيقي في صناعة القرار الوطني أو في إحداث التغيير المنشود في الأداء البرلماني الأردني