بقلم : عوني الرجوب
باحث وكاتب سياسي
في زمنٍ اختلطت فيه القيم، وارتفع فيه الضجيج على حساب المبادئ، يظهر علينا صنفٌ من الناس، لا دين لهم ولا مروءة، يسيرون حيث تميل الرياح، ويتزيّنون بثوب ليس لهم. إنهم المنافقون الوصوليون، أصحاب النميمة ونقل الكلام، وبائعي الضمير.
هؤلاء الأقزام لا يعرفون للصدق سبيلاً، ولا للشرف مكانًا، يحركهم الحقد، وتدفعهم الغيرة، يزرعون الشك بين الأحبة، ويبنون علاقاتهم على الكذب والرياء. يبيعون الولاء لمن يدفع أكثر، وينقلون الكلام من أفواهٍ كاذبة إلى آذانٍ متعطشة للفتنة.
قال الله تعالى:
“في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضًا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون”
(سورة البقرة: 10)
هم من قال الله فيهم:
“وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون”
(سورة البقرة: 14)
يعني درهم امامك ملائكه وبعد ان يبتعدوا عنك تجدهم ابالسة وشياطين
ومهما طال الزمان، فإن زيفهم سينكشف، وسيأتي اليوم الذي ينقلب فيه السحر على الساحر، وسينفضَح نفاقهم الذي يتناقلونه عن مصادر مشبوهة وكاذبة. تحاول تبرئة نفسها من النصب والاحتيال
فمن العار على الرجل أن يكون كاذبًا، ومن الخزي أن ينافق ويتلون، ومن البلاء أن يُبتلى الإنسان بأن يكون ثعلبًا ماكرًا، لا يُتقن إلا الخداع.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان”
(رواه البخاري ومسلم)
والمؤلم أن هؤلاء يتفننون في التشويه، بينما هم في داخلهم هشّون، لا يستندون إلى حق، ولا يُبنون على صدق. بل إنهم – وإن بدوا ظاهرًا ناجحين – إلا أن التاريخ لا يذكر إلا الرجال الأوفياء، وأصحاب المواقف الأصيلة.
على النقيض منهم، يقف الرجال الصادقون الكرماء، أهل الشهامة والوقار، الذين يهابون الله قبل أن يراقبهم الناس. لا يغتابون، ولا ينمّون، ولا يطعنون بالخفاء.
قلوبهم نقية، وألسنتهم طاهرة، ومواقفهم مشرفة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“إن من أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا”
(رواه الترمذي)
هؤلاء هم من نُباهي بهم الأمم، لا من يمكرون كما تمكر اليهود الذين وصفهم الله تعالى بقوله:
“ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين”
(سورة الأنفال: 30)
والبعض منهم من يرتاد المساجد وفي داخله الف شيطان ويبلغ من العمر الخمسين والستين وماذا ينتظر بعد من الحياة
فلْيَفرح المؤمن الصادق بأنه عزيز النفس، كريم الخلق، بعيد عن التلون والتسلّق، ولْيعلم المنافق أن يومه آتٍ لا محالة، وأن من بنى نفسه على النفاق والسقوط، فمصيره أن يُطمر في تراب النسيان والعار.