كتب طلال السكر
في عالم عربي يفيض بالتحديات، من اقتصادية وسياسية إلى مجتمعية وثقافية، لم يعد السؤال عن من يرفع الشعارات، بل عن من يصنع الفارق. في زمن تتسارع فيه التحولات وتُختبر فيه صدقية المؤسسات، تبرز الحاجة إلى قيادة حقيقية، هادئة في حضورها، صارخة في أثرها.
ومن بين هذه النماذج، تبرز تجربة عصام المساعيد، الذي لا يقود بالكلام بل بالفعل، ولا يتكئ على الألقاب بل على الأثر. ما قام به في السنوات الأخيرة من خلال مؤسسة فرسان التغيير للتنمية السياسية وتطوير المجتمع المدني، ليس مجرد جهد إداري أو تنظيمي، بل ممارسة حقيقية لقيادة تؤمن أن الشباب هم مفتاح التحول، وأن الأردن لا ينبغي أن يكون مراقبًا لما يحدث في المنطقة، بل شريكًا في صياغته.
اللافت في نهج المساعيد ليس فقط قدرته على تحويل مؤسسة شبابية إلى منصة فاعلة تُعنى بالتمكين السياسي والاجتماعي والتكنولوجي، بل أيضًا في ربط هذا التمكين بسياقات أكبر.
تجلّت هذه الرؤية مؤخرًا في توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية بين مؤسسة فرسان التغيير وشركة قادة البرمجة (كودرز)، وهي خطوة تُعد محطة مفصلية في مسار التحول الرقمي للمؤسسة، وتعكس إيمانًا عميقًا بأن المستقبل للشباب لا يُبنى دون أدوات العصر: التكنولوجيا، البيانات، والبرمجة.
هذه الشراكة لا تمثّل مجرد تعاون تقني، بل إعلان دخول المؤسسة إلى مرحلة جديدة من العمل المؤسسي الذكي، حيث تندمج أدوات التحول الرقمي مع منهجيات التمكين المجتمعي.
ومن اللافت أن “قادة البرمجة – كودرز”، كشركة ريادية متخصصة في التعليم التقني والابتكار، تُعد اليوم من أبرز منصات إعداد جيل جديد من المبرمجين ورواد التكنولوجيا في العالم العربي، مما يجعل هذا التعاون نقطة التقاء طبيعية بين الرؤية المدنية والقدرات التقنية.
وتُعد هذه الاتفاقية أيضًا تمهيدًا مباشرًا لانعقاد قمة الابتكار والتكنولوجيا للشباب العربي 2025، التي تنظمها المؤسسة بالشراكة مع جامعة الدول العربية. القمة تهدف إلى أن تكون منصة إقليمية تضم صناع القرار، والجهات المانحة، ورواد الأعمال الشباب، لعرض التجارب، وبناء شراكات استراتيجية، ورسم ملامح مستقبل عربي يقوده الشباب بلغة العصر، وبأدوات رقمية لا تعرف الجمود.
هذا النوع من الشراكات لا يأتي من فراغ. هو نتاج عقلية تؤمن أن العمل المدني لم يعد ترفًا نخبويًا، بل ضرورة وطنية. وأن الابتكار ليس ترفًا تقنيًا، بل طريق تحرر وتقدم. وأن الشباب، بكل ما يملكونه من طاقات، ليسوا مجرد جمهور، بل صناع القرار إذا أُتيحت لهم الأدوات والمساحات.
المساعيد يقدّم نموذجًا لقيادة تبني على التخطيط لا الارتجال، وعلى الشراكة لا التفرد، وعلى الواقع لا الشعارات. ومن هنا، فإن ما تحقق على أرض الواقع من توسع وتأثير واعتراف محلي ودولي بمؤسسة “فرسان التغيير”، هو ثمرة لهذا النهج.
وإذ نقترب من قمة الشباب العربي المقبلة، نجد أنفسنا أمام تجربة أردنية تستحق التقدير لا لأنها “أنجزت”، بل لأنها “أعادت تعريف الإنجاز”. قيادة لا تلهث خلف الأضواء، بل تضيء الطريق أمام الآخرين. قيادة صامتة، لكنها تحدث ضجيجًا لا يُنسى من حيث التأثير.
نحتاج اليوم إلى من يصنعون البوصلة لا من يتبعونها، وإلى من يربطون بين الواقع والطموح. والتجربة التي يقودها عصام المساعيد، تقول لنا بوضوح: الأردن قادر، وشبابه جاهزون، والفرص لا تُنتظر… بل تُصنع