وطنا اليوم:تراجعت بشكل كبير معاملات التخارج المسجلة لدى المحاكم الشرعية في الأردن خلال عام 2020 في الوقت الذي شهدت فيه نهاية ذات العام تعديلاً على التعليمات الخاصة بالتخارج حيث منعت التعليمات من تسجيل أي تخارج قبل مرور أربعة أشهر على وفاة المورث بدلاُ من ثلاثة أشهر. وتأمل “تضامن” بأن يستمر هذا التراجع لا سيما مع تعديل المدة عام 2021.
وترحب حمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” بهذا التراجع الذي يحمي النساء من التنازل عن حقوقهن الإرثية، حيث بلغت معاملات الإرث والتخارج لعام 2020 بحدود 24960 معاملة منها 4351 معاملة تخارج وبنسبة 17.4% مقارنة مع 28553 معاملة ومنها 7194 معاملة تخارج عام 2019، وفقاً لما جاء في التقرير الإحصائي السنوي لعام 2020 والصادر عن دائرة قاضي القضاة.
في حين بلغ عدد معاملات الإرث والتخارج خلال خمسة أعوام (2016-2020) 125399 معاملة منها 26032 معاملة تخارج وبنسبة 20.7%.
التعليمات المعدلة لتنظيم وتسجيل حجج التخارج منعت تسجيل المعاملات قبل مرور 4 أشهر على وفاة المورث
هذا ونشرت في عدد الجريدة الرسمية رقم 5677 تاريخ 16/11/2020 تعليمات معدلة لتعليمات تنظيم وتسجيل حجج التخارج الصادرة بموجب المادة 319 من قانون الأحوال الشخصية رقم (15) لعام 2019، ونصت على تعديل الفقرة (أ) من المادة (1) من التعليمات الأصلية بشطب كلمة (ثلاثة) والاستعاضة عنها بكلمة (أربعة).
وتشيد “تضامن” بهذا التعديل الذي أجرته دائرة قاضي القضاة، وإن كانت تأمل بأن تكون زيادة المدة ستة أشهر بدلاً من أربعة أشهر، وهي مطالبات لـ “تضامن” منذ سنوات بهدف حماية حقوق النساء الأرثية من خلال الحد من عمليات التخارج التي تحرم العديد من النساء من حقهن في الميراث وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.
وتنص المادة (1) من تعليمات تنظيم وتسجيل معاملات التخارج لعام 2011 قبل التعديل، بأنه يمنع تسجيل أي تخارج عام أو خاص إلا بعد مرور ثلاثة أشهر على وفاة المورث. ولكن التعليمات نصت أيضاً على أنه “وعلى الرغم مما ورد في الفقرة (ا) من هذه المادة يجوز وبموافقة قاضي القضاة تسجيل التخارج العام أو الخاص قبل مضي المدة المشار إليها في الفقرة السابقة حال وجود مسوغ شرعي آو قانوني.”
وتؤكد “تضامن” على أن مصطلح “الصلح بين الورثة” الذي يشار اليه في معاملات التخارج يخفي بين طياته حرمان العديد من النساء من حصصهن الإرثية كلها أو بعضها بكافة الطرق والوسائل كالتخجيل والترهيب، وإن من شأن ذلك زيادة أعداد النساء الفقيرات والذي تعكسه الأرقام الصادرة عن الجهات الرسمية.
وقد أشار سماحة قاضي القضاة الشيخ عبد الحافظ الربطة بأن هذا التعديل جاء “استناداً إلى أحكام السياسة الشرعية والتي تتوافق مع الحكمة التشريعية من وجود هذه المدة قبل أي إجراء يخص عقارات التركة، حيث كانت الغاية حماية حقوق الورثة بشكل عام وحقوق المرأة بشكل خاص من أن يستغل الظرف النفسي والعاطفي وحالة الحزن لاتخاذ قرار في التركة صلحاً أو قسمة أو هبة أو بيعاً لا يكون ناتجاً عن إرادة حقيقية تحقق العدالة بين الورثة. فالتطبيق العملي في المحاكم الشرعية أظهر الأثر الإيجابي للضوابط والقيود والإجراءات الواردة في التعليمات بشكل عام على حماية إرادة الورثة وحقوقهم من أي مؤثرات معروفة بحكم الواقع المعاش وعلى وجه الخصوص، إثر وجود هذه المدة لأن بعض الورثة يلجأون إلى أساليب الإحراج واستغلال حالة الحزن والواقع الاجتماعي الذي قد يكون له تأثير سلبي على إرادة الورثة الحقيقية”.
كما ويعتبر حرمان النساء من الحصص الأرثية أحد أبرز أوجه التمييز ضد المرأة، وقد أحسن المشرع صنعاً بوضع قيود على معاملات التخارج (التنازل الطوعي عن الأموال بمقابل أو بدون مقابل وقد يكون شاملاً جميع الحصص الإرثية أو خاصاً ببعض الأموال) فما جاء في المادة 1 من تعليمات تنظيم وتسجيل حجج التخارج لسنة 2011 يعتبر إجراء في غاية الأهميه ونعتقد انه جاء نتيجة العديد من الجهود والعمل الدؤوب لمنظمات المتجمع المدني والنشطاء والمنظمات النسويه التي عايشت العديد من القضايا بهذا الخصوص.
وتضيف “تضامن” بأن هنالك العديد من الأسباب التي تدعو بإتجاه المزيد من التعديل على تعليمات التخارج وفرض مزيد من القيود على معاملات التخارج، ومن هذه الأسباب ضعف إلتزام المكلفين بالإنفاق على النساء والأطفال وهي نفقات لا تكفي معيشتهم فعلياً وخاصة الأشقاء الذين غـالباً ما يتم التنازل لصالحهم، وإكتفاء القضاء بالحد الأدنى في أحكام النفقة (على فرض لجوء النساء لطلب النفقة قضائياً وخاصة من الأشقاء وهو نادراً ما يحدث)، وزيادة نسبة النساء المعيلات لأسرهن بسبب الطلاق أو الترمل أو الهجر أو غير ذلك من الأسباب.
وتوصي “تضامن” بضرورة الحد من العقلية التقليدية المتمثلة في رغبة الذكور في عدم تمكين (الغرباء!) زوج وأبناء الوريثة من التمتع بمال المورث، والحد من معاناة النساء من الفقر والحاجة لضمان حد من القدرة المالية تعينهن وتنتشلهن منه، وضرورة الحد من إنتشار القيم المادية والنزعة الفردية التي أدت إلى المزيد من التفتت الأسري وإنكار المسؤوليات والطمع في اموال الأخوات والبنات والسعي بكل السبل في الإستيلاء عليها، وضرورة ضمان حقوق النساء في الملكية لتشجيعهن على الإنخراط في عجلة الإقتصاد من خلال الإستثمار وتأسيس المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
ومن أجل تحقيق النتيجة المرجوة وهي منع إكراه النساء على التنازل عن حصصهن الإرثية، فإن “تضامن” تقترح مزيداً من التعديلات على هذه التعليمات تتضمن رفع المدة إلى ستة أشهر، وتقييد إمكانية تسجيل التخارج إستثناءاً قبل إنتهاء المدة بحيث يمنع إتمام معاملة التخارج قطعياً وتحت طائلة البطلان إذا تم قبل أربعة أشهر، والنص على إلزامية إحضار حصر للتركة وإرفاقه بمعاملة التخارج، والتأكد من أن مواصفات المال المتخارج عنه وقيمته الفعلية معروفة لجميع المتخارجين مع أخذ إقرار منهم بذلك، ومنع أشكال التصرف الأخرى بالمال الموروث قبل مرور هذه المدة كالوكالات غير القابلة للعزل، والتشدد في الملاحقة الجزائية للإقرارات المزيفة بقبض الثمن أو قبض قيمة الحصص، وتجريم أساليب الضغط والإكراه في سبيل الحصول على التنازل وإبطال التنازل الذي يتم بالإكراه خلال مدة لا تقل عن سنة من وقوعه والحكم بالتعويض عنه خلال مدد التقادم العادي.
وتنبه “تضامن” بأن شكلاً آخراً من أشكال حرمان النساء من حقوقهن الإرثية بدأ في الظهور، ويتمثل في إحجام الورثة الذكور عن السير بمعاملات الإرث لسنوات طويلة مع إستيلائهم في الواقع الفعلي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لمورثهم.