كتبه المهندس خالد بدوان السماعنة
حب المصلحة الشخصية، وحب الذات والأنانية، سمات ظاهرة وواضحة لكل ذي عين في شخصية المتسلق.
هذه الشخصية الممجوجة والمبغوضة من أبناء المجتمع الشرفاء، فما من حر شريف يقبل أن يكون شخصية انتهازية! تقوم على اقتناص الفرص، وتستغل أي وسيلة؛ لتحقيق المنفعة الذاتية والشخصية، وتقوم باستغلال كل ظروف ممكنة بطريقة غير أخلاقية؛ لجلب المصلحة الذاتية والخاصة.
شخصية المتسلق معتمة البصر والبصيرة فهو لا يرى إلا بمنظاره السلبي من خلال المصلحة الذاتية الشخصية فحسب، بعيداً عن المبادئ والقيم والأخلاقيات والمثل العليا، يحرص على مظهره الكاذب الخادع، ولكنه من الداخل “مفرغ” يحاول أن يعوض عيوبه الجمَّة بلباسه وركوبته.
ولا بد أن ننتبه إلى أن من أهم صفات المتسلق هو نكران الجميل (!) فلا وفاء لديه ولا وجود لهذه الكلمة أو المصطلح في قاموسه، فكل علاقة تنتهي بانتهاء الحاجة من صاحبها، وإن رأيته يحافظ على علاقته بشخص معين فاعلم أنه مافعل ذلك لخلق رفيع لديه بل لمنفعة حاصلة أو مرجوة لم يحققها بعد منه.
الانتهازية ظاهرة خطيرة في المجتمع، تقضي على تماسك الناس، وتفقدهم القدرة على التمييز بين الأصيل والوضيع، بين الشريف والمزيف والمخادع، والمدعي، كما ان الانتهازية تفضي إلى تمييع المعايير وتسطيحها، فتغيب الضوابط؛ لينزلق المجتمع إلى قاعٍ اللا أخلاق.
الانتهازي والمتسلق نموذج نمطي متكرر في كل المجتمعات؛ ذا معالم وأبعاد قديمة كلَّ القدم، وخاصة في المجتمعات المحكومة بالأنظمة الطبقية، ترأسها نخب فاسدة (!).
الشخص الانتهازي الوصولي شخص نامِ ومتطور، لا يتخذ موقفاً واحداً، بل دائماً يسعى لتغيير واقعه الاجتماعي، ولو بحثت في ماضيه لوجدته موظفاً أو عاملا بسيطا مغمورا؛ لكنه لن يتوانى عن فعل اي شي لضمان تطوره،حتى لو اضطره الأمر للزواج من امرأة غنية غبية عجوز للحصول على المال فسيفعل (!) المهم أن يحقق أمنياته، لكنه في الوقت ذاته لن يدخر وسعا في التمرد على أي هيمنة وسطوة كانت يوما سببا في ارتقائه وتطوره ونموه، فهو كما أسلفنا لا وفاء عنده لأي كان.
الشخصية الانتهازية الوصولية خطرها قد يطال بنيان دولة، ويهدد وجود وطن !. فهؤلاء إن أتيحت لهم فرصة الحصول على موقع من المواقع المهمة، ثم بدأوا يؤدون دور المتلاعب الانتهازي، فإنهم لن يتورّعوا عن سرقة أموال الناس، والتصرف في مقدرات الوطن كيفما يحلو لهم، لتصبح مصلحتهم الذاتية والفردية فوق مصلحة الأمة والوطن، فينهبون أموال الدولة ويضعون ما نهبوا في حساباتهم البنكية خارج الوطن وداخله؛ يريدون غنى سريعا.
انا لا يكاد ينقضي عجبي ممن يوجهون سهام ذمهم ونقدهم وقدحهم للدولة كمصطلح، مع أن الدولة في النهاية يديرها أبناؤها بغض النظر عن مسماهم الوظيفي وزراء أو أمناء أو مديرين الخ .
وهؤلاء جميعا هم ابناء البيئة، وانعكاس لطبيعتها، وبالتالي فإن الشعوب هي من يتحمل وزر من يدير شؤونها (!) والله سبحانه يقول: (وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً).
الانتهازي والوصولي متى ساد ووصل مراتب عليا في الدولة لم يسد النصيحة إلا مافيها مصلحته وسيادته، واخر ما يهمه مصلحة رئيسه إذا تعارضت مع مصلحته، وكم من صاحب سلطة علت أو نزلت كان مخلصا ذي ماض نزيه انزلق إلى الاستبداد ثم الفساد والطغيان حين يصبح الوصوليون والانتهازيون حاشيته وأصحاب مشورته (!). خاصة إذا وصلت أذرع هذه الحاشية الانتهازية إلى كل مكان وزاوية، فجملوا الواقع في ناظريه، فبقاء الصورة زاهية هو الضمان الوحيد لبقائهم، فيالهم من كذابين ساحرين …أذكياء(!).
انتهازيون وصوليون .. كذابون ساحرون، وأذكياء.
