عندما تقصف إسرائيل محيط القصر الرئاسي السوري: ماذا بعد؟

10 ثواني ago
عندما تقصف إسرائيل محيط القصر الرئاسي السوري: ماذا بعد؟
بقلم: عوني الرجوب – باحث وكاتب سياسي
في الثاني من أيار/مايو 2025، شنت إسرائيل غارة جوية استهدفت منطقة محيطة بالقصر الرئاسي في دمشق، مبررة ذلك بحماية الأقلية الدرزية في سوريا. هذا الهجوم يُعد تصعيدًا خطيرًا في سياسة إسرائيل التوسعية، ويثير تساؤلات حول الأهداف الحقيقية وراء هذه العمليات العسكرية.
الذرائع الإسرائيلية: حماية الأقليات أم تنفيذ مخططات توسعية؟
تُظهر هذه الغارة نمطًا متكررًا من التدخلات الإسرائيلية في الشؤون العربية، حيث تستغل إسرائيل التوترات الطائفية والفراغ السياسي لتحقيق مكاسب استراتيجية. ففي ظل الصمت العربي والدولي، تستمر إسرائيل في تنفيذ عملياتها دون رادع، مما يهدد وحدة وسيادة الدول العربية.
الصمت العربي: تواطؤ أم عجز؟
لعل أكثر ما يدعو للقلق هو الردود العربية الباهتة، التي لم تتجاوز بيانات الإدانة الشكلية. فأين الغضب العربي؟ أين المواقف الصلبة التي كانت تهزّ أركان العالم؟ اليوم نجد الصمت يسود، والمواقف تُدار من خلف الأبواب، وكأن القضية لا تعني أحدًا.
هذا الصمت يفتح الباب لإسرائيل لتكمل زحفها. من استهداف أطراف دمشق إلى الوصول للسويداء، ومن ثم التقسيم الكامل لسوريا، ثم لبنان، ثم العراق، ثم الأردن، وهكذا… الدولة تلو الأخرى. وكأننا تناسينا مقولة “أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض”.
ما وراء مخططات إسرائيل؟
المشروع الإسرائيلي ليس عسكريًا فقط، بل هو مشروع سياسي استراتيجي يقوم على:
•تفتيت الدول العربية إلى كيانات مذهبية وعرقية ضعيفة.
•إنهاء القضية الفلسطينية عبر تهويد كل ما تبقى من الأرض والهوية.
•السيطرة على موارد الطاقة والمياه في المشرق العربي.
•خلق شرق أوسط جديد تكون فيه إسرائيل القوة المركزية الوحيدة.
كل هذا يتم بدعم غربي، وصمت عربي، وتشتت شعبي، في وقت تعاني فيه الشعوب من الفقر والقمع والفرقة.
من منهما يزول: إسرائيل أم العرب؟
المعادلة ليست أبدية. فمن يعتقد أن إسرائيل باقية، عليه أن يقرأ التاريخ جيدًا. إسرائيل دولة قامت على العدوان والاغتصاب، وهي إلى زوال طال الزمن أم قصر، لأن منطق القوة لا يدوم، والشعوب لا تموت، والنار تحت الرماد قد تشتعل في لحظة.
لكن الخطر الأكبر هو أن العرب قد ينهارون قبل أن تنهار إسرائيل، إذا استمروا بهذا التفكك، وإذا بقيت الأنظمة تتعامل مع شعوبها بمنطق الإقصاء والتخويف، وإذا وُئدت كل بادرة وحدة أو مقاومة.
:
ما حدث  ليس غارة عابرة، بل إعلان صريح عن مرحلة جديدة من المشروع الصهيوني. وإذا لم نكن على قدر هذه اللحظة التاريخية، فسنستفيق ذات يوم على خارطة جديدة للمنطقة، لا مكان فيها لفلسطين ولا لدمشق ولا لبغداد ولا لغيرها من العواصم.
فإما أن نصحو ونتوحد وندافع عن ما تبقى من كرامتنا، أو نُدفن في خرائط الغزاة دون مقاومة