وطنا اليوم:كشف مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، جهاد أزعور، عن ترتيب تمويلي جديد يجري العمل عليه بين الأردن والصندوق، يعتبر مكملا للبرنامج القائم حاليا، ويهدف إلى تعزيز قدرة الاقتصاد الأردني على مواجهة عدة تحديات، لا سيما في مجالات الصحة العامة والتغير المناخي.
وقال أزعور إن الترتيب الجديد يأتي في إطار أداة “تسهيل الصمود والاستدامة” (Resilience and Sustainability Facility)، ويستهدف تمويل إصلاحات طويلة الأمد تُعزز من مناعة الاقتصاد الأردني تجاه الأزمات المستقبلية، مثل الجوائح والمخاطر المناخية.
وفيما يتعلق بإمكانات التمويل الإضافي ضمن الترتيب الجديد، أكد مصدر ، أن الترتيب الجديد قد يتيح للأردن الحصول على تسهيلات مالية إضافية قد لا تقل عن 700 مليون دولار.
أزعور أوضح أن الأردن أول دولة تقوم بإضافة مكونات مرتبطة بالصحة العامة إلى جانب الإصلاحات المناخية ضمن هذا التسهيل، لتقوية قدرته على مواجهة أي تحديات صحية مستقبلية، كما فعل خلال استجابته لأزمة جائحة كورونا، مشيرا إلى أن التمويل المقترح سيُعرض على مجلس إدارة الصندوق خلال شهر أيار الحالي.
وأوضح أن هذا الترتيب يُعيد إلى الأذهان نماذج تمويلية سابقة استخدمها الصندوق بعد تفشي جائحة كورونا في 2019، لدعم الدول في تعزيز مناعتها الاقتصادية، وهو برنامج مكمل للبرنامج القائم حاليا في الأردن “تسهيل الصندوق الممدد”، ولا يحلّ محله، ويهدف إلى تمكين المملكة من تنفيذ إصلاحات بنيوية تعزز من قدرتها على مواجهة الأزمات، سواء فيما يتعلق بالتغير المناخي أو الطوارئ الصحية.
الأردن، توصل في 17 نيسان الماضي إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع الصندوق بشأن المراجعة الثالثة ضمن البرنامج القائم، مما يتيح دفعة بقيمة 130 مليون دولار من أصل إجمالي البرنامج الذي تبلغ قيمته قرابة 1.2 مليار دولار ومدته أربع سنوات، الذي جرت الموافقة عليه في 10 كانون الثاني 2024، ليحل محل برنامج سابق انتهى في آذار من العام ذاته.
– مناعة الاقتصاد الأردني –
وأكد أزعور أن الاقتصاد الأردني أظهر مناعة ملحوظة رغم تعرضه لسلسلة من الصدمات خلال السنوات الماضية، بدءاً من جائحة كورونا، وارتفاع أسعار النفط، وأزمة التضخم، وصولاً إلى تداعيات الحرب على غزة.
وأوضح أن تأثير هذه التداعيات كان “محدودا نسبيا” على الأردن، وتركز بشكل أساسي على القطاع السياحي، الذي تعافى جزئيا عبر تنويع مصادر السيّاح. كما حافظ الأردن على استقرار المالية العامة والنقدية، بخلاف دول أخرى في المنطقة تعرضت لتأثيرات أكثر حدة.
وأشار إلى أن الإصلاحات الاقتصادية التي اتخذها الأردن خلال السنوات الماضية عززت قدرته على مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية، مبينا أن تقرير بعثة الصندوق الأخير للمراجعة الثالثة أظهر تقدماً كبيراً في المحادثات بشأن الترتيب التمويلي الجديد، والذي يشمل إصلاحات تستهدف معالجة نقاط ضعف هيكلية في قطاعي المياه والكهرباء، إضافة إلى تعزيز الجاهزية الصحية في حالات الطوارئ.
وفي تقريره الأخير الصادر الخميس حول التوقعات الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، خفض صندوق النقد توقعاته لنمو الاقتصاد الأردني إلى 2.6% في العام 2025، مقارنة مع 2.9% في تقرير تشرين الأول الماضي، فيما كانت النسبة المحققة في العام الماضي 2.5%.
وكان مصدر رسمي أكد أن هذه التوقعات للعامين الحالي والمقبل “قريبة من التوقعات الحكومية، وقد تتوافق معها إلى حد كبير”.
وأشار التقرير إلى أن النشاط الاقتصادي في الأردن “لا يزال يواجه ضغوطاً متعددة نتيجة التوترات الإقليمية”، لا سيما الحرب في غزة، مما أثّر سلباً على قطاعات حيوية مثل السياحة والاستهلاك المحلي والاستثمار، في ظل تصاعد حالة عدم اليقين الاقتصادي في المنطقة والعالم.
– اقتصاد دول المنطقة.. وعودة سوريا –
على مستوى المنطقة، أشار أزعور إلى أن الآفاق الاقتصادية للعامين 2024 و2025 تأثرت بثلاثة عوامل رئيسية؛ أولها التوترات والنزاعات في الشرق الأوسط، والتي أثرت بشكل مباشر على دول مثل فلسطين، لبنان، سوريا، اليمن، والسودان، وبدرجة أقل على دول الجوار مثل الأردن، مصر والعراق.
ثاني هذه العوامل التطورات المرتبطة بأسواق النفط، لا سيما مع احتمال تراجع أسعار النفط بسبب الإجراءات التجارية الأخيرة وفرض رسوم جمركية جديدة. أما العامل الثالث فهو التطورات في الاقتصاد العالمي، والتي تشير إلى تراجع في وتيرة النشاط الاقتصادي، وهو ما يؤثر بدوره على اقتصادات المنطقة، وفق أزعور.
ورغم ذلك، توقع أزعور تحسنا تدريجيا في النمو الاقتصادي في المنطقة خلال العامين المقبلين، حيث يُتوقع أن يرتفع النمو من 1.8% في 2023 إلى 2.6% في 2025، ثم إلى 3.4% في 2026، لكنه أوضح أن هذه الأرقام أدنى من التوقعات السابقة في تشرين الأول الماضي، والتي كانت تشير إلى 4% في 2025 و4.2% في 2026.
وفي تطور لافت، أشار أزعور إلى مشاركة سوريا للمرة الأولى منذ عقدين في اجتماعات صندوق النقد الدولي، وكشف عن وجود تواصل رسمي بين الحكومة السورية والصندوق، بما في ذلك عدة اجتماعات قدمت فيها دمشق طلبا لإحياء علاقاتها مع الصندوق وتفعيل عضويتها التي لم تكن مجمدة رسميا، لكنها كانت شبه معطلة خلال فترة الحرب التي بدأت في 2011.
وأكد أزعور أن الصندوق مستعد لدعم كل الدول الأعضاء، بما فيها تلك التي تواجه صراعات، موضحاً أن غياب البيانات الاقتصادية عن سوريا في تقرير الصندوق الأخير يعود إلى عدم توافر الأرقام الرسمية من جانب السلطات السورية بسبب الحرب، وافتقارها للقدرات التقنية اللازمة لإعداد الإحصاءات خلال السنوات الماضية.
وأشار إلى أن اجتماعات الربيع للصندوق تضمنت جلسة رفيعة المستوى لمناقشة الوضع السوري، والتحديات الراهنة، وسبل تفعيل التعاون مع دمشق في المرحلة المقبلة.
وكان وزير المالية السوري محمد يسر برنية، أعلن في بيان مكتوب أن صندوق النقد الدولي، عيّن رون فان رودن ليكون أول رئيس لبعثة الصندوق إلى سوريا منذ اندلاع الحرب في البلاد قبل 14 عاما، إذ قال إن “هذا التعيين المهم خطوة مهمة ويمهد الطريق لحوار بناء بين صندوق النقد الدولي وسوريا، بهدف مشترك يتمثل في دفع عجلة التعافي الاقتصادي في سوريا وتحسين معيشة الشعب السوري”.
وبحسب الموقع الإلكتروني لصندوق النقد الدولي، كانت آخر زيارة لبعثة صندوق النقد الدولي إلى سوريا في أواخر عام 2009.
وأكد اجتماع رفيع المستوى عُقد في واشنطن، على هامش اجتماعات الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وجود التزام جماعي بدعم جهود الحكومة السورية لتحقيق التعافي والتنمية، في ظل التحديات الاقتصادية الملحة التي تواجه البلاد، وفق بيان مشترك صدر عن وزير المالية السعودي محمد الجدعان والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا ورئيس مجموعة البنك الدولي أجاي بانغا.