بقلم: د. محمد الهواوشة
لا يمكن النظر إلى ما يحدث في سوريا على أنه شأن داخلي بحت، فسوريا تشكل عمقا استراتيجيا حيوياً للأردن، وأي انهيار في بنيتها السياسية أو الجغرافية سينعكس مباشرة على الداخل الأردني، سواء من حيث الأمن، الاقتصاد، أو التماسك الاجتماعي.
أولًا: البعد الجغرافي والأمني
الأردن يعتمد على استقرار سوريا كحاجز أمام تمدد الفوضى في الإقليم. فمنذ بداية الأزمة السورية عام 2011، واجه الأردن تدفقات كبيرة من اللاجئين، إضافة إلى محاولات تسلل لعناصر متطرفة عبر الحدود الشمالية، مما فرض تحديات أمنية متزايدة.
ثانيا: خطر التقسيم و”عدوى الفوضى”
تقسيم سوريا إلى كيانات طائفية أو عرقية سيخلق سابقة خطيرة قد تُغري أطرافا إقليمية ودولية بتطبيق النموذج ذاته في دول أخرى تعاني من هشاشة داخلية. وهذا يُهدد بشكل مباشر وحدة الدولة الأردنية ويعرضها لاحقا لمخاطر التصدع من الداخل.
ثالثًا: تداعيات اقتصادية واجتماعية
كانت سوريا شريكا اقتصاديا مهما للأردن، خاصة في مجالي النقل والتبادل التجاري. ومع تعطل المعابر الحدودية، تضررت مصالح الأردن الزراعية والتجارية، وتعمّقت الأعباء الاقتصادية، خصوصا في ظل موجات اللجوء المتلاحقة وما تسببه من ضغط على الخدمات والبنية التحتية.
رابعا: الاستثمار الإسرائيلي في الفوضى
لا تخفي إسرائيل أطماعها في الجنوب السوري، وقد تسعى لملء أي فراغ ناتج عن ضعف الدولة هناك. هذا التمدد المحتمل يشكل تهديداً مباشراُ للأردن، خصوصا إذا ترافقت تلك التحركات مع اضطراب أمني واسع على الحدود الشمالية.
خلاصة
سوريا ليست دولة جارة فقط، بل هي حائط الصد الأول أمام الفوضى، وخط الدفاع الجيوسياسي الطبيعي للأردن. تمزق سوريا لن يقف عند حدودها، بل سيدفع المنطقة كلها نحو سيناريوهات أكثر خطورة. من هنا، فإن دعم وحدة سوريا واستقرارها ليس مجرد موقف تضامني، بل مصلحة أردنية عليا تتطلب إدراكا وطنيا عميقا.