رؤية ملكية، وإرادة شعبية للتحديث والتطوير

26 ثانية ago
رؤية ملكية، وإرادة شعبية للتحديث والتطوير

د. هاني العدوان

في أعقاب الخطوات الحاسمة التي اتخذتها الدولة لترسيخ الأمن وحماية النسيج الوطني، يتبلور أمامنا سؤال جوهري، كيف لنا أن نعيد صياغة مسيرتنا الوطنية بما يتماشى مع الرؤى الملكية السامية وتطلعات الشعب، والتأكيد المستمر على تسريع وتيرة التحديث السياسي، الذي يستمد قوته من ثوابتنا الوطنية ومن أوراق الملك النقاشية التي تمثل نبراسا نهتدي به، هنا يبرز مجلس النواب، ضمير الأمة وصوتها، كقلب نابض لهذه المرحلة التصحيحية، ومناط الأمل في ترجمة آمال المواطنين وتطلعاتهم بأمانة وصدق
إن تحديث قانون الانتخاب لم يعد مطلبا ثانويا، بل ضرورة ملحة لتمكين الشباب، عماد المستقبل، من أخذ دوره كاملا في بناء الوطن، واستعادة المؤسسة التشريعية لمكانتها وهيبتها في تحديث القوانين ومراقبة الأداء الحكومي بكفاءة وخدمة المصالح العليا للبلاد
وبموازاة هذا المسار السياسي، تتصاعد وتيرة المعركة ضد الفساد المستشري، كأولوية وطنية لا تحتمل التأخير، واقتلاع هذه الآفة من جذورها في كل مفاصل الدولة هو واجب مقدس يستدعي إرادة قوية جادة، وتفعيل دور الأجهزة الرقابية وتعزيز استقلاليتها وشفافيتها
أما مواجهة الفقر والبطالة، الخطرين المحدقين بمجتمعنا، فتتطلب تحولا اقتصاديا جريئا، يرتكز على شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، وتفعيل دور الأحزاب الذي طالما اكتفى بالتنظير
هذا التحول المنشود يستند إلى خطط عملية وقابلة للتطبيق، وإعادة هيكلة شاملة للقوانين الاقتصادية التي أعاقت النمو ودفعت برؤوس الأموال للهجرة، نريد تشريعات جاذبة للاستثمارات النوعية، وبيئة محفزة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في كل ربوع المملكة، فهي السبيل الأمثل لتوفير فرص عمل مستدامة لشبابنا وإطلاق طاقاتهم الكامنة، مما يسهم في محاصرة البطالة التي باتت تغذي الفقر وتوسعه
أما في مجال الرعاية الصحية، الذي بات يؤرق الأسر الأردنية بسبب محدودية التغطية التأمينية، يجب على الحكومة أن تخطو خطوات حاسمة نحو تطوير شبكة التأمين الصحي لتشمل جميع المواطنين
أما التعليم، حجر الزاوية في نهضة الأمم، فيستدعي مراجعة شاملة للمناهج الدراسية لتتوافق مع قيمنا العربية وثوابتنا الإسلامية وتواكب متطلبات العصر دون إرهاق الطلاب،مع التركيز على مسارات التعليم المهني لتقليل البطالة بين الخريجين في التخصصات المشبعة
وفي سياق الحفاظ على نسيجنا القيمي، تبرز قضية المخدرات والجريمة كتهديد وجودي يستوجب أقصى درجات الحزم واليقظة، إن تشديد العقوبات وتكثيف الجهود الأمنية والتوعوية هما خط الدفاع الأول لحماية شبابنا ومجتمعنا من هذا الخطر المحدق
تعزيز مسيرة الديمقراطية البناءة، التي أصبحت نهجا راسخا في حياة الوطن والأردنيين، وتوسيع مساحة الحرية المسؤولة، وإعادة النظر في قوانين الجرائم الإلكترونية بما يفسح المجال للنقد البناء الذي يسهم في تصحيح مسارات العمل العام، وخاصة فيما يتعلق بالصحافة والإعلام الوطني المنضبط، هي خطوات أساسية نحو التقدم بخطى ثابتة
الوحدة الوطنية، ونبذ التعصب والعنصرية، وتعزيز الانتماء والاعتزاز بهويتنا الأردنية، هي السياج المتين الذي يحمي مسيرتنا نحو التقدم والازدهار، وتقدير مؤسساتنا الوطنية ودعمها، وعلى رأسها جيشنا العربي وأجهزتنا الأمنية، هو واجب وطني مقدس
إن تحقيق هذه الأهداف المتكاملة بروح الفريق الواحد وتضافر الجهود هو الضمانة الأكيدة لإعادة توجيه دفة الوطن نحو تحقيق الرؤى الملكية السامية وتطلعات شعبنا الطيب نحو مستقبل مشرق وغد واعد نواكب فيه تسارع تقدم الدول والشعوب