يقلم د. هاني العدوان
على ثرى عريق استقى نضارته من معين العروبة الصافي، وتحت سماء تتلألأ بنجوم المجد ، يشمخ الأردن أشم عصيا على نوائب الدهر ومضلات الفتن، هنا، حيث تلتقي القلوب على محراب حب الوطن حتى الفناء، وتتآلف الأرواح في بوتقة المصالح العليا، تتجلى الوحدة الوطنية في أبهى تجلياتها، لا كشعار باهت يتلى، بل كنبض حي يسري في عروق كل أردني أصيل، إنها السور المنيع الذي يحمي حمى الدار والراية الخفاقة التي تظلل سماء الجود والتضحية
ولطالما تجسد هذا الحمى المبارك، بقيادة رشيدة ذات شرعية عريقة، ملاذا آمنا في وجه الأعاصير الهوجاء، لم يعرف سجله يوما وصمة الإعدام السياسي، ولم يسلك دروب التدخل في شؤون الغير قط، بل ظل الأردن على الدوام نعم النصير والسند لإخوته العرب، يقف في الصف الأول مذودا عن قضاياهم العادلة، وعلى رأسها قضية فلسطين، الجرح الغائر في خاصرة الأمة، وشواهد التاريخ ناطقة بصدق مواقف الأردن الثابتة، وعطائه الفياض الذي لم ينضب يوما تجاه أشقائه في كل محنة عصيبة
بيد أن من المستهجن في هذا الظرف الدقيق، أن تنبعث أصوات نشاز تسعى لتقويض حصانة هذا الحمى الأمين، فبعد أن تجلت فطنة أجهزتنا الأمنية عن كشف بؤر عابثة بأمن الوطن وخلايا تضمر نسف استقراره، وبعد أن اتخذت الدولة تدابيرا حازمة لصيانة نسيجنا الوطني، تتعالى أبواق مضللة تحاول قلب الحقائق، وتشكك في نوايا الأردن ومواقفه الراسخة، خاصة تجاه قضية فلسطين وصمود أهلها الأبطال في غزة
إن من يغض الطرف عن حجم الدعم الأردني المقدم للفلسطينيين لهو كمن يجحد ضياء الشمس في وضح النهار، فعلى الرغم من التحديات الاقتصادية الجسام، لم يتوان الأردن طرفة عين عن تقديم العون والمؤازرة لإخوته، فبسط ذراعيه، وتقاسم زاده، وسعى بكل ما أوتي من قوة ونفوذ في المحافل الدولية نصرة لقضيتهم العادلة
إن مواقف الأردن ليست مجرد أقوال جوفاء، بل هي أفعال راسخة تشهد عليها الحقائق الجلية على أرض الواقع
إلى أولئك الذين اتخذوا من المعارضة قناعا لتشويه الحقائق، والذين يذرفون دموع التماسيح على الوطن وهم يطعنونه في خاصرته بتشكيكهم المفرط والمغرض ، نقول بلسان الحق، اتقوا الله في هذا الحمى الآمن، إن الأمن الوطني ليس ساحة للمزايدات الرخيصة، وإن وحدة الصف هي الحصن المنيع في وجه التحديات المحدقة
إن الدولة، وهي تتخذ قرارات حاسمة لحماية أمنها واستقرارها، إنما تنهض بواجبها المقدس تجاه شعبها وأرضها
نؤكد بصلابة أن الأردن سيظل عصيا على الانكسار، قويا بتلاحم أبنائه، ملتفا حول قيادته الحكيمة، وجيشه ، وأجهزته الأمنية ورجاله الأوفياء، وسيظل السند المتين لإخوته العرب، الحارس الأمين لقضاياهم العادلة، وسيظل نبض قلبه مع فلسطين حتى يتحقق النصر المؤزر، وسيظل الأردن، كما عهدناه على الدوام، واحة للعروبة والإباء، ومنارة للخير والتسامح والعطاء وموئلا آمنا لكل من ينشده