فرصة ضائعة أم قرار سيادي؟ كيف فوتت مصر والأردن على ترامب ورقة الإخوان لتوطين الغزيين… برعاية صمت سعودي محسوب

ساعتين ago
فرصة ضائعة أم قرار سيادي؟ كيف فوتت مصر والأردن على ترامب ورقة الإخوان لتوطين الغزيين… برعاية صمت سعودي محسوب

بقلم علا الشربجي :اعلامية _كاتبة سياسيةً

في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة في المنطقة، تعود صفقة القرن بثوب جديد مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، مترافقة مع مشروع يبدو أكثر راديكالية: توطين الغزيين في الأردن وسيناء. هذا المخطط، الذي يتطلب أدوات داخلية لترويجه وتغطيته، فقد أهم ورقة كان يمكن أن تُستخدم: جماعة الإخوان المسلمين.
اللافت أن مصر والأردن لم تكتفيا بعدم الاستجابة، و التزمتا الصمت المؤقت لتتحركا بهدوء ناعم .. و اتخذتا خطوات أمنية متزامنة لقَطع الطريق على هذا المسار.

ورقة الإخوان: أداة التوطين التي لم تُستخدم

في مراحل سابقة، كانت جماعة الإخوان تمثل قوة اجتماعية قادرة على تحريك الشارع وتوفير الغطاء “الإسلامي” لأي تحول سياسي، بما في ذلك مشاريع ترتبط بفلسطين. ومع مشروع التوطين الجديد، كانت الجماعة مرشحاً طبيعياً لتلعب دور “المبرر الشعبي”. لكن الضربات الأمنية في الأردن وحملات التفكيك في مصر أغلقت هذا الباب.

هنا يظهر الدور السعودي… بصمت ذكي وحسابات دقيقة

السعودية اليوم ليست كما كانت زمن ربيع الإخوان. تحوّلت من دولة داعمة للحركات الإسلامية “السنية” إلى دولة تسعى لصياغة إسلام سياسي مختلف يقوم على الولاء للدولة، لا للجماعة. وفي هذا الإطار، لم تكن السعودية بعيدة عن موجة الإجراءات ضد الإخوان في الأردن ومصر، وإن بقي دورها غير مُعلن رسمياً.

بل يمكن القول إن صمت السعودية إزاء قمع الإخوان في الأردن ومصر هو دعم ضمني لتفكيك أي بنية اجتماعية قد تعارض مشروع “صفقة إقليمية أكبر” تُدار من فوق الطاولة وتحتها.

السعودية أيضاً لا تريد على حدودها الشمالية (الأردن) أو عبر شراكتها الاستراتيجية مع مصر، أي حركات سياسية شعبوية قد تتحول إلى معارضات مستقبلية. وبالتالي، فإن إغلاق المكاتب في عمّان والقاهرة لا يضر فقط بالإخوان، بل يطمئن الرياض إلى أن “الإخوانية السياسية” لن تعود عبر البوابة الفلسطينية.

هل كانت فرصة لترامب… أم كان الموقف الثلاثي حاجزاً أمامه؟

كان يمكن لترامب، لو أُعيد تفعيل الإخوان، أن يستخدمهم كورقة ضغط على الشعوب لتقبل التوطين، بدعوى “النصرة الدينية” أو “العدالة الإنسانية”. لكن ثلاثي القاهرة – عمّان – الرياض قرر خلاف ذلك: لا للعودة، لا للمساومة، ولا للدور الشعبي الإخواني.

والرسالة وصلت: حتى لو قدمت واشنطن الغطاء السياسي الكامل، فإن أدواتها على الأرض تُسحب واحدة تلو الأخرى.

عندما تتقدم المصالح القومية على الإملاءات الدولية

ما جرى ليس صدفة ولا مجرد قرار أمني، بل هو قرار استراتيجي صامت لإغلاق الثغرات التي قد تُستخدم لتمرير أخطر تسوية عرفتها القضية الفلسطينية منذ النكبة.

أكانت مقاومة ذكية أم انتحار سياسي؟

بين من يعتبرها “فرصة ضائعة” ومن يراها “صموداً استراتيجياً”، تبقى الحقيقة أن الأردن ومصر اختارا المسار الصعب: مواجهة مباشرة مع مخطط دولي، دون أدوات المساومة التقليدية، ودون الرهان على الإسلام السياسي كورقة داخلية.

في النهاية، قد تخسر العاصمتان بعض الحظوة في واشنطن، لكنهما على الأقل كسبتا احتراماً داخلياً وأمناً وطنياً طالما كان مهدداً بالتسييس والاختراق

و حلم ترامب ذهب مع احلام اليقظه
السعودية، بصمتها، ومصر والأردن بأجهزتهما، قدموا مشهداً جديداً: شرق أوسط بلا إخوان، وبلا وكلاء داخليين يُبررون التوطين أو يُسوّقونه.