د. محمد الهواوشة يكتب: غياب الفرص يدفع بالشباب إلى أحضان العزلة والتطرّف

18 أبريل 2025
د. محمد الهواوشة يكتب: غياب الفرص يدفع بالشباب إلى أحضان العزلة والتطرّف

د. محمد الهواوشة :

في الوقت الذي يُشكّل فيه الشباب ما يزيد عن 60% من عدد سكان الأردن، تتزايد معدلات البطالة بينهم بشكل مقلق، لتتحوّل من أزمة اقتصادية إلى تهديد مباشر للاستقرار الاجتماعي والنفسي والفكري. آلاف الشباب الأردنيين، من الذكور والإناث، يقفون على عتبات البطالة، يحملون شهاداتهم الجامعية وتطلعاتهم المجهضة، في ظلّ واقع اقتصادي يعجز عن استيعابهم.

أزمة تتجاوز الأرقام

وفقًا لآخر الإحصائيات الرسمية، تتجاوز نسبة البطالة بين الشباب في بعض الفئات العمرية حاجز الـ40%، وهي نسبة تنذر بخطر عميق، لا يقتصر على ضعف الإنتاجية، بل يمتدّ إلى آثار نفسية وفكرية كارثية. فالشاب العاطل عن العمل لا يفقد فقط مصدر دخل، بل يفقد الشعور بالانتماء، وتضعف ثقته بنفسه ومجتمعه، لتبدأ رحلة الغرق في الإحباط، والتشاؤم، والأفكار السوداوية.

بيئة خصبة للانزواء والتطرّف

في ظل هذا الواقع، تتحول العقول الشابة إلى بيئة خصبة لتنامي النزعات السلبية، من العزلة والانطواء، إلى التطرّف والهجرة غير الشرعية، أو حتى الانجرار خلف الجريمة والمخدرات. ما لم يُتدارك هذا الخطر عبر سياسات وطنية عاجلة وفعّالة، فإن المجتمع برمّته سيقف أمام جيل غاضب، فاقدٍ للثقة، مشبع بالإحساس بالخذلان.

ضرورة التحرك: من التهميش إلى التمكين

لم تعد المعالجات التقليدية كافية، بل أصبح من الضروري انتهاج رؤية وطنية شاملة تُعيد الاعتبار للشباب، وتوفر فرص عمل حقيقية من خلال:

ربط التعليم بسوق العمل الفعلي.

دعم الريادة والمشاريع الصغيرة.

توفير برامج تدريبية تقنية ومهنية متخصصة.

تشجيع الاستثمار المحلي في القطاعات كثيفة العمالة.

إعادة الثقة بين الدولة والشباب من خلال الشفافية والعدالة في التوظيف.

خلاصة القول

الشباب الأردني ليس عبئاً على الدولة، بل ثروتها الأكبر. وإن تركه معطّلاً عن دوره الوطني هو خيانة صامتة لمستقبل الوطن. إن لم نستثمر فيهم اليوم، سنواجه جيلا يحمل في داخله القهر بدلاً من الأمل، والسخط بدلاً من الانتماء