وطنا اليوم:أثارت الإعلانات الدعائية لبعض أعمال الدراما المصرية، المقرّر عرضها خلال شهر رمضان، استياء عدد من المصريين، ممّن قالوا: “فيها مشاهد لا تتناسب مع المجتمع المصري والعربي، وإنها خادشة لحياء الأسرة، ولا تليق بالعرض في شهر الصيام”.
حملة انتقادات واسعة، طالت العديد من البرومات المطروحة قبل أيام، جاء أكثرها بحق مسلسل “إش إش”، الذي تقوم فيه الممثلة مي عمر بدور راقصة درجة ثالثة، من إخراج زوجها محمد سامي.
كذلك، أثارت ملابس الراقصة ومشاهد الرقص الجدل، إذ أغضبت بعض جمل برومو “إش إش”، الذي تعرضه فضائية “إم بي سي مصر” السعودية، البعض منها ما جاء على لسان الراقصة: “أنا مبتجوزش راجل غلطت معاه”.
وتساءل عدد من المصريين، بينهم سياسيون ودبلوماسيون: “أهكذا تستقبلون رمضان؟”، وذلك وسط دعوات بمقاطعة مسلسلات رمضان، وغلق التلفزيون، ووقف الاشتراك في منصات العرض عبر الإنترنت مثل “شاهد” و”وتش ات”.
وعبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، قال السفير محمد مرسي: “إش إش مسلسل يتناول خفايا وكواليس الرقص الشرقي يعرض في رمضان”، متسائلا: “أهكذا تستقبلون رمضان؟”، مجيبا: “تبا لكم”.
وتواصل مي عمر حضورها الرمضاني منذ تقديم “ولد الغلابة” عام 2019، و”الفتوة” 2020، و”نسل الأغراب” 2022، و”رانيا وسكينة” 2023، و”نعمة الأفوكاتو” 2024، في تعاون جديد مع زوجها، ليقدما “إش إش” الراقصة المغمورة التي تصطدم بإحدى الشخصيات النافذة بمنطقتها الشعبية، التي يجسدها ماجد المصري.
الانتقادات طالت كذلك برومو مسلسل “سيد الناس”، الذي يخرجه أيضا محمد سامي، وتعرضه مجموعة “إم بي سي” ومنصة شاهد الرقمية، حيث يظهر الممثل عمرو سعد ضمن أحد مشاهد العمل عاري الصدر، رغم أن العمل يجسد دراما في صعيد مصر.
وذلك إلى جانب ما طال مسلسل “العتاولة 2” لأحمد السقا وطارق لطفي وزينة، من رقص وعري وعراك وعنف.
“محتشمة بالقياس”
الناقد الفني، طارق الشناوي، قال: “لو عدنا لإعلانات أفلام فترة خمسينيات القرن الماضي، فسنجد أن الراقصتين تحية كاريوكا وسامية جمال كانتا ترقصان ليلا في رمضان حتى موعد السحور، والسينمات كانت تفتح أبوابها طوال الشهر، وتعرض كل الأفلام، والتي كان فيها الكثير من الحب”.
ويرى الشناوي أن “الحلال والحرام ليسا فقط في رمضان، بل طوال العام”، متسائلا: “لماذا نطبق الحلال والحرام على رمضان فقط، ونعتبر أنه في باقي العام طبيعي؟”، مبينا أنه “إذا وافقت على وجود عمل فني في أشهر غير رمضان، فمن حقك أن يكون موجودا في رمضان، ولا توجد خصوصية على هذا النحو”.
وختم بالقول إن “بدلة رقص مي عمر أو (إش إش) الراقصة بالقياس مع بدلة أي راقصة في الأفلام المصرية تعتبر محتشمة وزيها شرعي”.
“صناعة التفاهة وإثارة الغريزة”
من جانبها، قالت الناقدة الفنية، إيمان نبيل: “الموضوع ليس بجديد، وقبل ذلك أطلت غادة عبد الرازق بمسلسل رمضاني بهيئة راقصة، وقدمته منى زكي بمسلسل آسيا، لكن مواقع التواصل الاجتماعي لم تشتبك مع الحالتين كاشتباكها مع مي عمر”.
وأكدت نبيل، أن “لديها اعتراض على الطرح لأن المسلسل بالكامل عن حياة راقصة، ما يجعل الأمر مستفزا في رمضان، بجانب حالة رفض تواجهها مي عمر من الجمهور، وقول البعض إنها ليست بالموهبة التي تُحدث كل هذه الضجة، وأن السر في زوجها المخرج، إذا فالموضوع كذلك متعلق بمي عمر ذاتها، إلى جانب حساسية شهر الصيام والعبادة”.
“تدمير وإفساد مقصود”
في رؤيتها، قالت الفنانة والكاتبة المصرية بطلة مسلسل “نقرة ودحديرة”، إلهام عبد اللاه: “في 3 تموز/ يوليو 1250 ميلادية، أسر جيش الأيوبيين ملك فرنسا لويس التاسع، بعد هزيمة جيشه بمعركة فارسكور، وسجنوه بدار (ابن لقمان) بالمنصورة”.
و أشارت إلى أنه “بعد فك أسره، سأله قادته: كيف أسر الفلاحون قائدا مثلك؟، فطلب منهم إحضار كتاب ووضعه وسط سجادة 4 أمتار في 4 أمتار ثم إحضاره دون أن تلمس أقدامهم السجادة، لكنهم فشلوا، فنزل الملك على قدميه وأمسك طرفي السجادة وراح يثنيها حتى وصل للكتاب”.
وتابعت: “أوضح لهم أن هؤلاء بقلوبهم الكتاب (القرآن الكريم) كوضع هذا الكتاب بالسجادة ويؤدون تعاليمه ويصلون العشاء ويذهبون للنوم ثم يستيقظون في البكور للصلاة ثم العمل وهذا يُكسبهم صحة وقوة وعزيمة وكثرة أولاد، وقال إن الحل في إضعافهم بنزع الكتاب من قلوبهم دون أن يشعروا”.
وأكدت الفنانة المعارضة من إسطنبول، أنّ “الخطوات تتابعت خاصة بعد الحملة الفرنسية على مصر، ومنها إنشاء الأوبرا والمسرح والسينما والراديو والتليفزيون، وبدلا من النوم المبكر والاستيقاظ المبكر انتشرت ظاهرة السهر”.
“جرائم على طريقة الدراما”
في دراما الموسم الرمضاني الماضي، برزت أعمال بها مشاهد مفزعة من البلطجة، وتعج بجرائم القتل، والضرب، والانتقام، والثأر، وما يتبعها من إسالة الدماء بالحارة وبقصور الأثرياء.
هذه المشاهد ظهرت جليا بمسلسلات “العتاولة” لأحمد السقا الذي يظهر بدور “حرامي”، و”بيت الرفاعي” لأمير كرارة، و”كوبرا” لمحمد إمام ويؤدي فيه دور “حرامي” أيضا، و”حق عرب” لأحمد العوضي، و”قلع الحجر” لمحمد رياض، و”نعمة الأفوكاتو” لمي عمر، وغيرها.
أبطال معظم تلك الأعمال يوصفون من طرف المتابعين بكونهم: “خارجين عن القانون، يقومون بأعمال مخلة بالشرف مثل السرقة بالإكراه والنصب والقتل والحرق والتجارة في المخدرات والسلاح”.
إلى ذلك، تشهد مصر آلاف الجرائم المشابهة لما يجري عرضه عبر الدراما، فيما احتلت المرتبة الـ 65 عالميا، والـ18 أفريقيا والثالثة عربيا بمعدلات الجريمة للعام الماضي، بحسب مؤشر قياس الجريمة في قاعدة البيانات “نامبيو”.
وشهدت البلاد، مساء الأحد الماضي، مواجهة بين قوات الشرطة وعناصر تهريب المخدرات بمركز شرطة ساحل سليم بأسيوط (بالصعيد)، قُتل على إثرها 8 أشخاص وصفهم إعلان الداخلية المصرية، الاثنين، بـ”شديدي الخطورة”، يتزعمهم “خط الصعيد الجديد” المتهم في 44 جناية متنوعة، ومحكوم عليه بالسجن بـ191 سنة.
والعام الماضي قام شخص بذبح جاره في وضح النهار ونهش رأسه، تجول بها الشارع، في مدينة الأقصر الأثرية بصعيد مصر. كما جرى توقيف “سفاح التجمع” المنطقة الراقية شرق القاهرة، بعد قتله وبطريقة درامية 3 سيدات بعدما استدرجهن لشقته.
وفي الحي الشعبي شبرا الخيمة شمال القاهرة، أقدم شابان على قتل طفل 15 عاما، بدافع سرقة أعضائه البشرية بهدف بيعها عبر الإنترنت المظلم.
وخوفا من تعرضها للاغتصاب، قفزت الشابة حبيبة الشماع، المعروفة إعلاميا بـ”فتاة الشروق”، من سيارة أجرة تابعة لشركة “أوبر”، لتلقى حتفها متأثرة بإصاباتها.