قمة الملك عبد الله وترامب: التحديات والصعوبات وأدوات المواجهة

منذ 31 ثانية
قمة الملك عبد الله وترامب: التحديات والصعوبات وأدوات المواجهة

وطنااليوم- خاص- تترقب الأوساط السياسية والدبلوماسية اللقاء المرتقب بين الملك عبد الله الثاني والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 11 فبراير 2025، وسط أجواء متوترة نتيجة لمقترحات أمريكية مثيرة للجدل، أبرزها إعادة توطين سكان قطاع غزة في الأردن ومصر. هذا الطرح، الذي يتعارض مع الموقف الأردني الثابت تجاه القضية الفلسطينية، يمثل تحديًا كبيرًا للعلاقات بين عمان وواشنطن، ويفتح باب التساؤلات حول قدرة الأردن على مواجهة الضغوط الأمريكية، وأدوات الملك في التصدي لهذا المشروع.

يُعد مقترح ترامب بنقل سكان غزة إلى الأردن من أخطر الملفات المطروحة على الطاولة، حيث يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الأردني. ترفض المملكة بشكل قاطع أي محاولات لتغيير التركيبة الديموغرافية أو فرض حلول تتناقض مع حقوق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة. يرى الأردن أن تنفيذ هذا المقترح سيسهم في تصفية القضية الفلسطينية ويكرس “الوطن البديل”، وهو ما يتعارض مع الثوابت الأردنية التي أكدها الملك عبد الله في مناسبات عدة.

إلى جانب الضغوط السياسية، قد تستخدم الإدارة الأمريكية ورقة المساعدات الاقتصادية والعسكرية كأداة ضغط على الأردن للقبول بالمقترح. تُعتبر الولايات المتحدة أحد أهم الشركاء الاستراتيجيين للأردن، حيث تقدم دعمًا سنويًا يتجاوز 1.5 مليار دولار، يشمل مساعدات اقتصادية وعسكرية. ومع ذلك، فإن عمان تدرك المخاطر المرتبطة بالاعتماد المفرط على المساعدات الأمريكية، وتسعى إلى تنويع تحالفاتها الإقليمية والدولية لتقليل تأثير الضغوط الأمريكية.

يشكل المقترح الأمريكي تهديدًا خطيرًا لاستقرار الأردن الداخلي، حيث يُخشى أن يؤدي إلى اضطرابات داخلية وتوترات سياسية، خاصة في ظل الرفض الشعبي القاطع لأي محاولات لإعادة التوطين. كما أن تطبيق هذا السيناريو قد يؤثر على العلاقات الأردنية-الإسرائيلية، حيث يخشى الأردن من أي خطوات إسرائيلية أحادية الجانب قد تزيد من حدة التوتر في المنطقة.

على الرغم من التحديات الكبرى التي تواجه الأردن، فإن الملك عبد الله الثاني يمتلك أوراقًا قوية تمكّنه من التصدي لمشروع ترامب والدفاع عن المصالح الوطنية الأردنية.

يحظى الملك عبد الله بدعم شعبي واسع في رفض أي مشاريع تهدف إلى توطين الفلسطينيين في الأردن. هذا الدعم يمنحه زخمًا سياسيًا ودبلوماسيًا يمكن استثماره في تعزيز موقف المملكة أمام الضغوط الدولية.

يتمتع الملك عبد الله بعلاقات قوية مع دول عربية وأوروبية، مما يسمح له بحشد دعم دبلوماسي واسع ضد المقترح الأمريكي. وتعمل الدبلوماسية الأردنية على تعزيز التنسيق مع السعودية، مصر، الإمارات، وقطر لتشكيل جبهة عربية موحدة تعارض أي مشاريع تمس الأمن القومي الأردني والفلسطيني.

يستند الأردن إلى موقفه الثابت والمعلن منذ سنوات، وهو: لا للتوطين، لا للوطن البديل، لا للمساس بالمقدسات. هذه الثوابت تُشكل ركيزة أساسية للسياسة الأردنية، وتدعمها المؤسسات الرسمية والشارع الأردني، مما يجعل من الصعب تجاوزها أو فرض حلول تتعارض معها.

يسعى الأردن إلى كسب دعم الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، حيث تعارض العديد من الدول الأوروبية أي خطط تهدف إلى تغيير الواقع الجغرافي والديموغرافي في الشرق الأوسط. يمكن للأردن استخدام هذه الورقة للضغط على الولايات المتحدة والحد من تأثير سياساتها أحادية الجانب.

تمثل القمة المرتقبة بين الملك عبد الله الثاني والرئيس ترامب محطة حاسمة في مسار العلاقات الأردنية-الأمريكية. ففي ظل التباين الواضح في المواقف تجاه القضية الفلسطينية، سيكون على الملك إدارة المواجهة بحكمة ودبلوماسية، مستندًا إلى شبكة تحالفاته الدولية وموقفه الصلب في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية ورفض التوطين.

يبقى السؤال: هل سينجح الملك عبد الله في إفشال مشروع ترامب، أم أن الضغوط الأمريكية ستجبر الأردن على تقديم تنازلات؟ الأيام المقبلة ستحمل الإجابة.