د. عادل يعقوب الشمايله
تجيبُ حماس على السؤال اعلاه بنعم. وبما أن حماس وكذلك حزب الله يؤكدان أن ايران تدعمهما، فليس أمامنا الا أن نصدقهما. فالحركتان حماس وحزب الله اعلم بشؤونهما من المراقب والمتابع الخارجي.
لكن، من حقنا كمراقبين أن نسأل ونتساءل عن اسباب ضآلة الفاعلية وانعدام التأثير على العدو الصهيوني في الميدان في جميع المعارك التي خاضتها حماس وحزب الله.
فالبعرةُ تدلُ على البعير كما يقول العرب. وتقاسُ نوعيةُ وجودةُ الاعمال والبرامج والمعدات بالنتائج. ومثالُ ذلكَ عندما يمضي الطلبة في معظم الدول العربية اثنى عشر سنة في المدارس الحكومية ثم يتخرجون لا يحسنون القراءة ولا الكتابة ولا الفهم، في اللغتين العربية والإنجليزية، والضعف البالغ في الرياضيات والعلوم، بل إنهم يتخرجون مشوهينَ ومشوشينَ معرفيا واخلاقيا، وعاطلين أو مُعَطلينَ عن العمل.فهل يجوز لوزراء اللاتربية واللاتعليم ان يُطلوا على شعوبهم متفاخرين بانجازات وزاراتهم وعظمتها ودورها الوطني؟
خاضت حماس وكذلك حزب الله كافة معاركهما مع اسرائيل بدون دفاعات جوية. وبدون اسلحة مؤثرة تقتل وتهدم وتدمر وتردع اسرائيل من استخدام اسلحتها ضد المدنيين. هي، هي، صواريخ الكاتيوشا سيئة الذكر التي لم تقتل احدا ولم تكسر زجاج بيت او زجاج سياره. وفي ٩٩.٩٩ ٪ من الحالات لا تصيب اهدافها. ولسنا متأكدين هل تُعد صواريخ الكاتيوشا مفخرة الصناعة الايرانية ام مفخرةَ ورش الحدادة الحمساوية واللبنانية. أما بندقية الغول التي قنصت عددا من الاسرائيليين فهي من تصنيع حماس وكذلك الالغام من مخلفات القنابل الاسرائيلة حسب ما زعمت حماس على قناة الجزيرة الغزاوية.
هذا يعني انَّ ايران تزودُ حلفائها بالمفرقعات الصوتية. واذا كان الامر كذلك، فلماذا تحاول الحركتان حماس تهريب المفرقعات من ايران مع أنها موجودةٌ في الاسواق المحلية ومرخصة وتستطيع شرائها كما يفعل الناس في مناسباتهم الاجتماعية.
كلنا نتذكر المبالغات عن اعداد الصواريخ الايرانية وانواعها واحجامها واسمائها ومداياتها وحمولتها من الرؤوس المتفجرة لدى كل من حزب الله وحماس. وقد ساهمت الدعاية الاسرائيلية في لعبة التضخيم. الا أنه عندما جاء وقت استخدامها وبعد ما حدث لحزب الله من انكسارات واهانات واغتيالات وتدمير الشجر والحجر في الجنوب والضاحية الجنوبية واستخراج المياه الجوفية من اعماق الارض اسفل العمارات التي كانوا يختبئون تحتها بعد تدميرها، تبين أنها مجرد اضغاث احلام كمثل الثعلب الذي يلبس جلد اسد نافق، وتلاعب بعواطف الجماهير التائهة المُجهلة. إمَّا أن تلك الصواريخ غير موجودة فعلا وإما أنها مخزنةٌ لاستخدامها من قبل الحرس الثوري الايراني للدفاع عن ايران وليس لبنان.
اذا كان الامر كذلك، وهو كذلك، فما هو سر انتقال حماس من اداة ومخلب للمرشد الاعلى لتركيا، الى اداة ومخلب للمرشد الاعلى لايران؟ هل تشيعت حماس؟ هل تشيع الاخوان؟ هل يُصرُّ الاخوان وذراريهم على الغربة عن شعوبهم واوطانهم والتغريد خارج السرب؟ طبعا الجواب التقليدي من الاخوان وانصارهم هو أن الاخوان يلجأون مضطرين للجلوس في احضان القوى العالمية والاقليمية لأن الانظمة العربية ترفضهم. والحقيقة هي أن جماعة الاخوان وذراريها هم من يرفضون الانظمة الحاكمة لأنهم يريدون الاستيلاء على السلطة منها. لا شئ يشغل بال الاخوان وذراريهم غير السلطه. مشروعهم الرئيسي هو الاستيلاء على السلطة وتطبيق شعار “الاسلام هو الحل”. نحن لا نمانع ان يستلم الاخوان السلطة “اذا استطاعوا” شريطة ان يقدموا برهانا واحدا على أنهم افضلُ من الانظمة الحاكمة في البلدان العربية. نريدهم ان يشيروا الى تجربةٍ ناجحةٍ واحدةٍ في ايٍّ من البلدان التي حكموها. نريد ان يضمنوا انهم لن يدمروا بلدانا عربية جديدة كما دمروا السودان وليبيا وتونس والصومال والعراق ومصر وافغانستان وغزة ولبنان وسوريا وايران، فملةُ الاسلام السياسي ملةٌ واحدةٌ وإن تعددت المذاهب. السؤال متى يتوقفُ عرضُ “مسرحية غربة” التي قدمها دريد لحام؟
بالمقابل، تتلقى اسرائيل الاسلحة والتكنلوجيا من امريكا والدول الغربية. وجميعنا شاهد فعاليتها وشرورها وقوتها التدميرية الساحقة الماحقة وخاصةً سلاح الطيران وما يلقيه من قنابل.
لذلك، في كافة المعارك، كان منتسبو حماس وحزب الله يختبؤون في الانفاق والكهوف طيلة فترة المعركة، وإن خرجوا يحتمون بالمدنيين بدلا من أن يكونوا هم من يحمي المدنيين. أي يستخدمون المدنيين دروعا بشرية. وبذلك اعطوا لاسرائيل المبرر لاستهداف المدنيين لأن عين اسرائيل تتابعهم وتترصد لهم في سيارات الاسعاف والمستشفيات وفي الخيم وقرب شاحنات المؤن . وهكذا ظل المدنيون هم وقودُ المعارك وضحاياها مجبرين غير مختارين. لم تستشرهم حماس ولم يستشرهم حزب الله قبل الدخول في أي مواجهة مع اسرائيل. قدرهم أن يتعرضوا للقتل العشوائي والمتقصد، وهدم البيوت على رؤوسهم وتدمير البنية التحتية والمستشفيات ومصادر عملهم ورزقهم والتهجير والسكن في الخيام او في العراء.
ثم بعد كل تلك المآسي التي لا يُتَوقعُ من أي انسان رشيد ان يختارها ويرتضيها.
ظاهرة أن يخرج قادة حماس وحزب الله من الانفاق بعد توقف المعارك ويذيعوا بيانات الانتصار الوهمي على العدو، والرقص على الجثث والمقابر الجماعية واطلاق النار في الهواء دون التفات او اسى او ندم على ما تسببوا به من دمار وضحايا تثير الشكوك حول مدى تحملهم لمسؤوليتهم الوطنية. يضافُ الى ذلكَ أنَّ الممارسات التي تُشاهد على شاشات التلفاز لا تؤججُ المشاعر الانسانية الصادقة نحو الضحايا لدى من شاهد وتابع مسلسل القتل والتدمير . والسبب أن المشاهدين لم يكتووا بنفس النار ولم يتعرضوا لفقد الاباء والابناء والاخوة.
الى متى يظلُ المدنيون اللبنانيون والفلسطينيون مختطفين من قبل الحركات المسلحة التي فرضت نفسها عليهم بقوة السلاح بعد ان تسللت اليهم تحت غطاء الدين؟ متى سَيُسمَعُ صوتُ المدنيين الحقيقي بدون خوف من العقاب والانتقام؟
في حالة التأكد من رضى الشعبين اللبناني والفلسطيني عن سلوكيات وسياسات وافعال الحركات المسلحة، وتقبل الشعبين للتضحيات التي شاهدناها على شاشات التلفاز فليس امام المراقبين والمتابعين والمشاهدين من خيار آخر سوى الصمت وعدم التدخل وتركهم وشأنهم بدون انفعالات لا ايجابية ولا سلبية. حينها لا يحق للشعبين اللبناني والفلسطيني ان يلوموا بقية الشعوب التي لا تهب لمساعدتهم وتعرض نفسها للتدمير ايضاً. ولا يحق لهما اصدار صكوك الغفران وصكوك الادانة، والمدح لاطراف، والذم لاطراف اخرى لأنهم لا يملكون الحق باصدار الاحكام. ذلك أنهم اختاروا مصيرهم بإرادتهم