بقلم العميد المتقاعد زهدي جانبك
لا شك باننا جميعا نتذكر قصة جحا مع الفقير الذي كانت زوجته تشتكي من ضيق البيت (وهو مكون من غرفة واحدة) يعني سايبين الشقة وقاعدين بغرفة واحدة على رأي عادل امام ، المهم… نصحه جحا بأن يدخل الحمار ليعيش مع زوجته وأولاده… فازدادت الشكوى… فنصحه بإدخال التيس… فازدادت الشكوى، فنصحه بإدخال البقرة إلى الغرفة… فازدادت الشكوى، فنصحه بإخراج الحمار فبدأ الجميع بإبداء الرضى، ثم نصحه بإخراج التيس، ثم نصحه بإخراج البقرة من الغرفة… فعم الرضى وانهال عليه المديح واصبحت زوجة الشاكي في غاية الرضى والحبور مع ان وضعها لم يتغير الا نحو الأسوأ…
في الأعوام 2003 – 2005 كنا قد بدأنا الثبات في الربع الأول على مقياس مكافحة الفساد العالمي (المربع الأخضر)… ثم بدأ الانهيار بشكل غير مسبوق وعلى كافة المحاور… وبدأ الهمس حول الفساد والفاسدين يتحول إلى صياح حول ارتباط الفساد الوثيق بمشاريع الخصخصة بعشرات الملايين … وما لبث ان قفز إلى فساد بمئات الملايين مع ثبوت تورط صندوق المشاريع التنموية والاستثمارية التابع للقوات المسلحة والاجهزة الامنية… ارتفع الصراخ والشكوى من الفساد والفاسدين والمفسدين… بحدود عام 2010 كنا قد بدأنا بدخول مرحلة الخطر…
وازدادت الشكوى…
واقترب الربيع العربي إلى الحدود…
فجاءت النصيحة من جحا بأن يدخل الحمار إلى الغرفة….
فدخلت قضية موارد إلى مطحنة مكافحة الفساد… قضايا مخيفة… 11 مليون استشارات الديسي (دون مشروع)… 56 مليون مشروع طاقة بوليفارد العبدلي وفساد بمليون ونصف… O-Beach فساد ب 17 مليون… عمولة السندات الدولية ب 145 مليون دينار… وفرطت المسبحة… ووصلت السكين إلى الرقبه مع دخول قضية فرار خالد شاهين على الساحة…
وهنا جاءت نصيحة جحا بإدخال البقرة إلى الغرفة…
فقفزت بقرة الكازينو إلى وسط الغرفة… وتصدرت الموقف…
66 شخصية تم استدعاءها للتحقيق، منهم:
3 أصحاب دولة رؤساء حكومات ،
عشرات الوزراء..
عشرات الأمناء العالمين…
عشرات رجال ونساء الأعمال…
تم تضخيم القضية إعلاميا، ومتابعة كل تفصيل من تفاصيلها…. بدأت الشكاوى تهدأ
اصدرت لجنة التحقيق توصيتها بادانة رئيس وزراء، ووزراء، والتنسيب باحالتهم إلى المدعي العام… توقفت الشكوى… وعم الفرح…
نسينا كل القضايا الأخرى… وانتظرنا الضربة القاضية على الفساد بتصويت مجلس النواب ، وكنا متأكدين انهم سيحيلوا الجميع إلى القضاء… ولكن من كبر حجره ما ضرب…
حسينا بالحامي… ففزعنا لحماية أبناءنا… وبدأت نغمة ابننا مش فاسد، حاسبو فلان قبل ما تحاسبو ولدنا… جعلونا نرى باننا سنخسر ان حاسبنا الفاسدين…
جاءت نصيحة جحا بأن يخرج الحمار من الغرفة…
فتقرر ان يكون هناك وزير كبش فداء لكل القضية ويتم تحويله هو فقط إلى المدعي العام وعدم الموافقة على محاكمة الوزراء الآخرين…
زبطت معهم…
فقال جحا اخرجو المعزة من الغرفة ليعم الفرح وتم ذلك باعلان براءة الجميع قضائيا… وسلامتكم.
ذاكرة السمكة… راتب رئيس هيئة الطاقة 27 الف دينار…. لا يا جماعة راتبة 6 آلاف فقط… فقلنا: ولو 6 آلاف هاي جريمة… وازدادت الشكوى… فتقرر دخول الحمار إلى الغرفة… فثارت قضية تعيين هظاك الرجال وزوجته كل واحد منهما براتب 4 آلاف دينار للراس… فازدادت الشكوى…
فتقرر دخول البقرة إلى الغرفة… فثارت في وجهنا ثورة الرواتب… عشرات الالاف رواتب أفراد في شركات الكهرباء، والمصفاة، والبوتاس ، و و و….
اي اي اي… اتاريها شغلة عامة، مو بس تبع الطاقة اللي راتبه خيالي (للعلم كان وزيرا بحكومة قضية الكازينو) ، اتاريها كلها هيك…معناتو إذا هيك بسيطة… خلص بنسكت… فسكتنا…
للعلم الجهة التي قررت وجوب إحالة رئيس حكومة ووزراء قضية الكازينو إلى القضاء بسبب كذب بعضهم، وتزوير بعضهم، وإهمال بعضهم، وتوقيع بعضهم على الغميض، كانت لجنة تحقيق نيااابية (مجلس النواب).
للعلم… معظم وزراء تلك الحكومة عادوا وزراء في الحكومات التالية ولم يجرؤ نائب واحد بحجب الثقة عن وزير لتورطه بتلك القضية.
وللعلم… بعض الأمناء العامين بتلك الحكومة أصبحوا وزراء (ومنهم وزراء وامناء عامين بالحكومة الحالية) … ولم يجرؤ نائب واحد على حجب الثقة عن أي منهم على الرغم من أن لجنة التحقيق قالت انهم هم السبب المباشر بقضية الكازينو…
وللعلم… أعضاء اللجنة الوطنية للسياحة الذين وقعوا قرار الكازينو و مهدوا لوزير السياحة وللحكومة عقد اتفاقية الكازينو أصبحوا وزراء… ومنهم وزيرة كارثة البحر الميت…
من كبر حجره ما ضرب…
أرادوا ان نعتقد ان كل الناس رواتبهم خيالية…فلا داعي لمحاسبة احد.
ارادو ان نعتقد ان الفساد منتشر… فلا داعي لمحاسبة احد… وإذا صحلك لا تقصر خذ حصتك على قد سنانك…
وتبقى ذاكرة السمكة… تتصدر الموقف.
واذا ما بتسكتوا… بندخل البقرة على الغرفة. 😇