وطنا اليوم_ بقلم ابراهيم السيوف
إن الأردن اليوم يقف في عين العاصفة، هدفًا مباشرًا لمخططات صهيونية مقيتة تتجاوز الأطماع التقليدية إلى مشروع استراتيجي يسعى الهوية الوطنية الأردنية وإعادة رسم الخرائط السياسية والاجتماعية في المنطقة. هذه المؤامرات ليست وليدة اللحظة، بل هي امتداد لعقلية استيطانية إحلالية ترى في الأردن الحصن الأخير أمام استكمال مشروعها الاستعماري التوسعي، غير أن الأردن لم ولن يكون الحلقة الأضعف في هذه المواجهة التاريخية.
منذ أن وطأت أقدام الحركة الصهيونية أرض فلسطين، كان الأردن حاضرًا في مخططاتها كهدف استراتيجي لا يقل أهمية عن احتلال فلسطين. فكرة “الوطن البديل”، التي ما فتئت تطفو على السطح في كل منعطف سياسي، ليست إلا إحدى حلقات هذه المؤامرة الخبيثة. فالصهاينة، ومن خلفهم حلفاؤهم في الغرب، يدركون أن بقاء الأردن قويًا ومستقلًا يشكل حاجزًا صلبًا أمام تحقيق أحلامهم التوسعية على حساب شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية.
لكن المخاطر لا تقف عند حدود “الوطن البديل”. فالاحتلال الصهيوني يعمل بخبث على تحويل الأردن إلى رهينة اقتصادية وسياسية عبر استهداف موارده الأساسية، وفي مقدمتها المياه. إن التحكم بمصادر المياه، واستنزافها ضمن مخططات ممنهجة، ليس سوى جزء من حرب صامتة تهدف إلى تركيع الدولة الأردنية وإجبارها على تقديم تنازلات تمس جوهر سيادتها.
أما على المستوى الديموغرافي، فإن الاحتلال يتلاعب بمصير اللاجئين الفلسطينيين ليُحيل قضيتهم العادلة إلى أرقام وأوراق تفاوضية، محاولًا تحويل الأردن إلى مستودع بشري لتصفية حق العودة. هذه المؤامرة ليست فقط استهدافًا لفلسطين، بل هي ضربة مباشرة لصلب الدولة الأردنية وسلامها المجتمعي.
وسط هذه التحديات الجسام، يبرز الأردن بقيادته الهاشمية وشعبه الأبي كقوة لا يستهان بها. إن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس هي سيف مشرع في وجه المشروع الصهيوني، ورسالة لا لبس فيها بأن الأردن لن يتخلى عن دوره التاريخي في حماية هوية القدس ومقدساتها.
إن المعركة التي يخوضها الأردن ليست معركة سياسية بحتة، بل هي معركة وجود وسيادة وهوية. وعلينا أن ندرك جميعًا أن المخططات الصهيونية لن تتوقف عند حدود فلسطين، بل تسعى إلى تقويض كل ما يمثل مقاومةً لها في المنطقة. وهنا، يقع على عاتقنا كشعب أردني مسؤولية الوقوف صفًا واحدًا خلف قيادتنا، وتعزيز وحدتنا الوطنية في مواجهة كل محاولات الاختراق.
لا مجال اليوم للحياد، ولا وقت للمساومة. الأردن سيبقى عصيًا على الانكسار، شوكة في حلق كل من يحاول المساس بسيادته أو هويته. فلتعلم القوى الصهيونية ومن يدعمها أن الأردن، الذي قاوم عبر تاريخه أعتى التحديات، لن يركع، ولن يسمح بأن تتحول أرضه إلى ساحة تصفية حسابات أو قاعدة لخيانة القضية الفلسطينية.
ختامًا، إن الأردن الذي تاريخه محفور بالكبرياء، وحاضره ينبض بالصمود، ومستقبله يحمل أمل الأجيال، سيظل صخرة تتحطم عليها كل المؤامرات. وعلى أعدائه أن يدركوا أن من يسعى لتهديد الأردن، إنما يحفر قبر مخططاته بيده، وأن السيادة الأردنية ليست قابلة للمساومة أو الانتقاص، مهما بلغت التحديات.