بقلم الدكتور غازي الذنيبات
في سبعينات القرن الماضي تعرض عبدالمحسن لغبن فاحش عندما اشتري سيارة داتسون قديمة متهالكة بالف دينار، فاصبح همه أن يبيع السيارة بلا خسارة، فلم يجد ضالته إلا في صديقه أبو علي ، الذي أخذ السيارة منه بالتقسيط المريح بألفي دينار.
غاب عبدالمحسن، وجاء موعد السداد، فكان عبدالمحسن، كلما دق الكوز على الجرة، لجأ الى دفاتره العتيقة، فيستأجر سيارة َويذهب إلى الاغوار الشمالية حيث يسكن أبو علي، فلا يجد غير أطفال وأمهم في العراء، يتضورون جوعا وغما وهما، فيغنيه المشهد عن السؤال، ويطلب من السائق العودة الى الكرك، وقبل أن تنطلق السيارة عائدة يستوقف السائق ثم ينادي على علي، أكبر أبناء صديقه، ليقول له: قل لوالدك أن يخصم من المبلغ مئة دينار ليشتري لكم كسوة العيد، واستمرت مشاوير عبدالمحسن، وهباته حتى السداد التام دون أن يقبض فلسا واحداً، وفي كل مرة وبعد ان يعود من رحلته الشاقة، والمكلفة، تسأله زوجته : عسى خير يا عبدالمحسن، فيقول لها : الحمد لله حصلنا مئة دينار من المبلغ، وتصدقنا بها عن روح امواتنا لأولاد صديقنا ابو علي.
سندات الحكومة التي يحتفظ بها الضمان ليست اكثر أمانا وقدسية من ديون عبدالمحسن، لأن موازنة الحكومة التي تتعرض لغبن فاحش دائما، ليست أحسن من حال ابي علي .
د غازي الذنيبات