أقول في يوم اللغة العربية

منذ 20 ثانية
أقول في يوم اللغة العربية

بقلم د. ريحان المساعيد
اللغةُ الإنسانية عامة واللغة العربية خاصة ذات محمولات ثقافية ووجدانية وفكرية ودينية وتاريخية وإنسانية أصيلة… إلخ، فهي لغة عميقة الجذور، وليس لأمة مثل ما للأمة العربية من لغة؛ لغة عظيمة ومقدسة ومعجزة، وقوية ومتماسكة بكل أنظمتها… فلا يمكن لأبناء الأمة العربية إلا الحفاظ على هذه اللغة بكل الوسائل؛ لأن وجودها وجود لهم، وغيابها أو ضعفها ضعف لهم ونكوس وتخاذل وانكفاء على الوهم والهاوية والهلاك…
ولكن لا يخفى على أحد أننا غدونا في بلادنا العربية نحارب لغتنا ومن يتحدث بها أو يتقنها؛ لأنها ترتبط بشكل ما بالحركات القومية التي استثمرها بعضهم لمنافع شخصية أو لتحقيق مآرب سياسية، كما نعادي الدين والمتدين كذلك لأن بعض الأحزاب _ كما يرى أرباب السياسات في عالمنا العربي أو كما يشعرون أو يعتقدون _ قد اتخذت العقيدة أيديولوجية فكرية، ولم تقم بإعداد برنامج عملي اجتماعي واقتصادي وإنساني…
لقد بتنا في منظوماتنا العربية السياسية نقر ونعترف بهويتنا وجذورنا الراسخة وثقافتنا العميقة والأصيلة، ونتفاخر بهذه الهوية ونتخذها شعاراً ومداراً وفلكاً، ونتغنى بها ونهتف لها، لا بل ونضع القوانين التي تؤيد ذلك (كقانون حماية اللغة العربية)، ولكنننا في الواقع لا نجد تفعيلاً أو تنفيذاً يُلزمُ المجتمع بمؤسساته وأفراده على تطبيق مبادئ هذا القانون، كما يطبق مثلا قانون السير على السائقين، فيظل ذلك حبراً منقوشاً على ورق، فلا يفعل لا بقرار سياسي ولا حتى إداري…
لا بل أصبح بعضنا يتبجح ويتفاخر ويرفع صوته ويجاهر بكل ما يخالف العقل والمنطق، ويحاول إلغاء تاريخنا ووجودنا وخصوصيتنا ولغتنا وثقافتنا، ويقنع نفسه بأنه على صواب، وكل من يخالفه فهو على باطل أو خطأ، ومن يتمسك بجذور ثقافته فهو يعيش في عوالم مثالية بعيدة عن الواقع، لا بل ويتهم بأنه فاسد يريد إهلاك الحرث والنسل… (ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون) …
ولذا _ وفي ظل هذا الواقع المأزوم _ ثقافياً، وخاصة في تبعيتنا وتخالفاتنا أو خضوعنا لغيرنا… فستظل قوانين حماية لغتنا مسطورة على الورق، تعود إليها الإرادة السياسية عندما تشعر أنها بحاجتها فقط (في مرحلة ما أو انعطافة أو تحول اجتماعي عميق)، تأخذ حاجتها منها، أو تفعل جزءاً يسيراً من مبادئها.. ولكن وبعد ذلك تُطفئ جذوتها، أو تُترك جامدة تلفظ أنفاسها بصعوبة، أو تغط في سبات عميق وطويل