د. عادل يعقوب الشمايله
في الخمسينات من القرن الماضي، صنف البكباشي جمال عبدالناصر الرئيس الانقلابي لمصر الحكومات العربية الى نوعين: حكومات رجعية وحكومات ديموقراطية.
الحكوماتُ الملكيةُ جميعها طَبَّقَ عليها وصف الحكومات الرجعية. اما الحكومات التي جاءت باسلوب الانقلابات العسكرية فَطَبَّقَ عليها وصف الحكومات التقدمية وجبهة المقاومة والصمود والتصدي. وقد انضوى تحت شعار التقدمية كل من مصر وسوريا والعراق والسودان والجزائر وليبيا واليمن.
طبعاً تصنيف عبدالناصر كان تعسفيا ومتعسفا ولا يستند الى اسس ومعايير من علم السياسة وعلم الاقتصاد وعلم الاجتماع.
وطبقا لمقولة أنَّ الأمورَ تقاسُ بنتائجها وخواتيمها ، فقد تحققَ للشعوب العربية التي تحكمها حكومات رجعية مستوى معيشي افضلَ من ذلك الذي تحقق لشعوب الحكومات التقدمية. وكانت الحكومات الرجعية على مساوئها العديدة افضلَ من الحكومات التقدمية في مجالات الاقتصاد والتعليم والصحة والنقل والبنية التحتية والطاقة والامن والاستقرار، وحدٌ معقولٌ من حرية التعبير وسلميةِِ التعاملِ مع المعارضة.
أمَّا على صعيد المواجهة والممانعة والتصدي فقد خسرت الحكومات التي وصفها جمال عبدالناصر بهذا الوصف اراضيها ومياهها وكرامتها ناهيكَ عن فشلها في تحرير فلسطين. كما انتقلت الدول التقدمية من اعتبارها دولاً ناميةً حسب التصنيف العالمي الى دول فاشلة بجدارةٍ بالغة.
ولذلك، كانت هذه الدول الفاشلة هي التي اشتعلت فيها شرارةُ الربيع العربي الذي قوضَ قواعدَ تلك الدول، واسقط حكوماتها والقى بها في سلة قمامة التاريخ. وكان آخرها سوريا الفأر.
اتهم عبدالناصر الحكومات الرجعية بأنها عميلة لامريكا والدول الاوروبية الغربية وربما كان هذا صحيحا. غير أنه لم يصف علاقات الحكومات التقدمية مع الاتحاد السوفيتي بأنها علاقة ذيلية تبعي