كتب د. أحمد زياد ابو غنيمة: كيف ننظر إلى ما يجري في سوريا ؟!

5 ديسمبر 2024
كتب د. أحمد زياد ابو غنيمة: كيف ننظر إلى ما يجري في سوريا ؟!

كتب د. أحمد زياد ابو غنيمة:
في الحديث عما يجري في سوريا، لا يمكن لأي انسان يملك ذرة من الانسانية إلا ان يقف مع حق الشعب السوري في حريته وكرامته التي اهدرها النظام القائم منذ أن استولى على السلطة بالدبابات عام ١٩٧٠م؛ واستمر هذا النظام في التنكيل وكبت حرية الشعب السوري على مدار أربعين عاما؛ حتى العام ٢٠١١، الذي كان عاما فارقا في حياة الشعب السوري، عندما بدأ حراكه الشعبي السلمي للمطالبة بإصلاح النظام وبالعدالة والحرية، فقابله النظام بالحديد والنار والإجرام والبراميل المتفجرة، فكانت النتيجة هروب الملايين إلى خارج سوريا وقتل وتصفية مئات الآلاف عدا عن مئات الآلاف من المعتقلين والمختفين قسريا.
لقد كانت الفرصة سانحة للنظام السوري طوال ١٢ عاما لتعديل سلوكه الإجرامي والوحشي ضد شعبه؛ ولكنه ابى واستكبر واخذه الغرور بعد أن هبت لنجدته المليشيات الطائفية من البلدان المجاورة واستنجاده بالحليف الروسي الذي شاركه في جرائمه ضد شعبه.
لا يمكن الحديث عما يجري في سوريا منذ حوالي اسبوع دون المقدمة التي سقتها آنفا، لنستطيع الحكم على تحركات المعارضة السورية المتمركزة في إدلب، والتي وجدت أن الفرصة سانحة لها سياسيا وعسكريا لاستكمال مسيرتها في محاولة تخليص الشعب السوري من هذا النظام الذي امعن في إجرامه بلا رادع او قانون إنساني او أخلاقي.
حين نجد أن مدينة حلب التي دخلتها قوات المعارضة بلا مقاومة بعد انسحاب قوات النظام وباقي المليشيات الطائفية، ونجد استقبال أهالي حلب لقوات المعارضة بالاهازيج والزغاريت والفرحه التي شاهدناها عند تحرير السجناء – وفيهم النساء- من سجون النظام ؛ يمكننا القول إن هذه القوات هي جزء من الشعب السوري تتالم لألمه وتفرح لفرحه، فكان تقدمهم نحو حلب وتطهيرها من قوات النظام وحلفائه بارقة أمل ليس للشعب السوري فقط، بل لكل الشعوب التي تتوق للحرية، ان الظلم وإن طال لا بد يوما أن ينتهي.
الرهان الآن على قوات المعارضة التي لا زالت تتقدم في الأراضي السورية؛ ان تستمر في نهجها بعدم التعرض للمدنيين بل الحفاظ عليهم وعلى أرواحهم وممتلكاتهم، وان تثبت هذه القوات من المعارضة السورية أنها سورية المنبت والأصل وليست تابعة لأي قوى اقليمية او دولية قد تؤثر على سياساتها وقراراتها، وان الدعم الذي تحصل عليه قوات المعارضة من اي قوى اقليمية لا يؤثر على اهدافها المعلنة بتحرير الشعب السوري من الظلم الواقع عليه.
ولأن السياسة في العادة لا تخضع للعواطف، بل للمصالح المشتركة سواء بين الدول او التنظيمات؛ فإن العبء كبير على قوى المعارضة السورية أن تؤكد دائما وابدا في تصريحات مسووليها على حرصها على الدم السوري وعدم إراقته إلا إن كان في وجه الزمرة الحاكمة ومن لف لفها من قوات عسكرية كانت اليد الظالمة والباغية للنظام القائم.
كل الشعوب الحرة وشرفاء العالم مع حق الشعوب في تقرير مصيرها والوقوف في وجه اي نظام حاكم يستبيح دماء شعبه ويجعل أراضيه ساحة مستباحة لقوى اقليمية لا تقل ظلما وإجراما عن ظلمه وإجرامه بحق شعبه.