الدكتور محمد الهواوشة يكتب: تلاعب الأسعار ونهج الحكومة: إلى متى يدفع المواطن الفاتورة؟

1 ديسمبر 2024
الدكتور محمد الهواوشة يكتب: تلاعب الأسعار ونهج الحكومة: إلى متى يدفع المواطن الفاتورة؟

كتب الدكتور محمد الهواوشة:

تعد مسألة تسعير المحروقات في الأردن واحدة من أكثر القضايا التي تثير غضب الشارع الأردني وتطرح علامات استفهام كبيرة حول النهج الحكومي في التعامل مع هذا الملف الحيوي. ففي كل مرة يرتفع فيها سعر النفط عالميًا، تسارع الحكومة إلى رفع الأسعار محليًا بشكل “هستيري”، كما يصفه البعض، دون النظر إلى معاناة المواطن أو انعكاسات ذلك على مختلف القطاعات الاقتصادية. وفي المقابل، عندما تنخفض الأسعار عالميًا، تفاجئنا الحكومة بخفض لا يكاد يُرى بالعين المجردة، مثل تخفيض “5 فلسات” الذي لا يشكل أي فرق حقيقي في جيب المواطن الذي يئن تحت وطأة الغلاء.

سياسة التسعير: تخدم من؟

النهج المتبع يشير إلى وجود خلل جوهري في طريقة تسعير المحروقات، وكأن السياسة الحكومية مصممة لضمان أرباح ثابتة، بغض النظر عن أوضاع المواطنين أو الظروف الاقتصادية. ما يزيد الطين بلة هو غياب الشفافية في آلية التسعير، مما يدفع المواطن للتساؤل: هل نحن أمام معادلة عادلة أم سياسة جباية تخدم أطرافًا محددة على حساب الأغلبية؟

المواطن كبش الفداء

إن هذا النهج يعكس غياب الحس بالمسؤولية تجاه المواطن، الذي أصبح يتحمل وحده عبء السياسات الاقتصادية غير المدروسة. فالارتفاعات المتكررة لأسعار المحروقات لا تؤثر فقط على تكلفة النقل والتدفئة، بل تطال جميع السلع والخدمات، مما يؤدي إلى ارتفاع كلفة المعيشة بشكل عام. وفي المقابل، عندما تنخفض الأسعار عالميًا، لا يشعر المواطن بأي تحسن في واقعه المعيشي، وكأن الهدف هو استنزاف جيبه فقط.

الحكومات ونهج “النسخة الواحدة”

المثير للسخرية أن جميع الحكومات التي تعاقبت على إدارة البلاد تبدو وكأنها “نسخة واحدة” تخرج من مدرسة واحدة. نفس السياسات، نفس النهج، ونفس الأعذار. وكأن الإبداع الوحيد الذي تتميز به الحكومات هو إيجاد طرق جديدة لتحميل المواطن كلفة أخطائها وسوء إدارتها.

الحل: نهج جديد يُعيد الثقة

إذا أرادت الحكومة استعادة ثقة الشعب، فعليها تبني نهج جديد يقوم على الشفافية والعدالة. يجب أن تكون هناك مراجعة شاملة لآلية تسعير المحروقات، وإعادة النظر في الضرائب والرسوم المفروضة عليها، بحيث تكون منصفة للجميع. كما يجب أن تُصاحب أي قرارات خفض للأسعار العالمية تخفيضات حقيقية وملموسة محليًا، تعكس الواقع بدلًا من استغلاله.

في النهاية، الوطن ليس فقط مكانًا نعيش فيه، بل هو عقد اجتماعي بين المواطن والحكومة. وإذا استمرت الحكومات في هذا النهج الذي يثقل كاهل المواطن ويهدر ثرواته، فإنها لن تساهم سوى في تعزيز حالة الغضب والإحباط، وهو أمر لا يخدم أحدا. المطلوب الآن هو إرادة سياسية حقيقية لإحداث تغيير جذري يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح قبل فوات الأوان